أسعار النفط ترتفع مدفوعة بتفاؤل محادثات التجارة الأمريكية-الصينية وتراجع إمدادات السعودية للصين

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا يوم الثلاثاء، حيث يترقب المستثمرون نتائج محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين. كما تلقى السوق دعمًا من تراجع طفيف في إمدادات النفط الخام السعودية المتجهة إلى الصين، مما يشير إلى تعقيدات في مشهد العرض والطلب العالمي.
النفط يواصل الارتفاع: الأرقام ومؤشرات السوق
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 16 سنتا، أو ما يعادل 0.2%، لتصل إلى 67.20 دولار للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الأمريكي بواقع 14 سنتا، أو 0.2%، ليبلغ 65.43 دولار.
وكان خام برنت قد ارتفع يوم الاثنين إلى 67.19 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 28 أبريل، مدفوعاً بآمال التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين.
محادثات التجارة الأمريكية-الصينية
تتواصل محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين لليوم الثاني في لندن، حيث يسعى كبار المسؤولين إلى تهدئة التوترات التي اتسعت من التعريفات الجمركية إلى قيود على المعادن النادرة، مما يُعرض سلاسل الإمداد العالمية لخطر الاضطراب ويُبطئ النمو الاقتصادي.
وعلق هاري تشيلينجويان، رئيس قسم الأبحاث في Onyx Capital Group، قائلاً: “هناك شعور بالتفاؤل حول هذه المحادثات التجارية، والسوق ينتظر ليرى ما ستُنتجه، وهذا يدعم الأسعار”.
وقد تعافت الأسعار مع تراجع المخاوف بشأن الطلب، وذلك بفضل المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، وتقرير الوظائف الأمريكي الذي جاء إيجابياً. كما أشار محللو غولدمان ساكس إلى وجود مخاطر على الإمدادات في أمريكا الشمالية بسبب حرائق الغابات في كندا، مما يوفر دعماً إضافياً للأسعار.
وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين أن المحادثات مع الصين تسير على ما يرام، وأنه “لا يتلقى سوى تقارير جيدة” من فريقه في لندن. ويُعتقد أن اتفاقاً تجارياً بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يدعم التوقعات الاقتصادية العالمية ويعزز الطلب على السلع الأساسية بما في ذلك النفط.
إمدادات النفط السعودية: إشارات مبكرة على تعقيد الإنتاج
أفادت رويترز أن شركة أرامكو السعودية، شركة النفط الحكومية، ستشحن حوالي 47 مليون برميل من النفط إلى الصين في يوليو، وهو ما يقل بمليون برميل عن حجم شحنات يونيو.
وعلق تشيلينجويان على ذلك قائلاً: “قد تكون تخصيصات السعودية إشارة مبكرة إلى أن تراجع أوبك+ قد لا يعني في الواقع الكثير من الإمدادات الإضافية”. وأضاف: “بعد كل هذه التراجعات، كان المرء سيعتقد أننا سنحصل على المزيد من الدولة التي يمكنها إنتاج المزيد”.
وقد طرحت “أوبك+”، التي تضخ حوالي نصف نفط العالم وتضم أعضاء أوبك وحلفاء مثل روسيا، خططاً لزيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً لشهر يوليو، وذلك في خطوة تهدف إلى استعادة حصتها السوقية ومعاقبة المنتجين الذين تجاوزوا حصصهم. وتعتزم المجموعة التراجع عن تخفيضات الإنتاج للشهر الرابع على التوالي.
وقد أظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج أوبك من النفط ارتفع في مايو، على الرغم من أن الزيادة كانت محدودة، حيث ضخ العراق أقل من هدفه لتعويض الإنتاج الزائد في وقت سابق، وقامت السعودية والإمارات بزيادات أقل مما كان مسموحاً به لهما.
وأشار دانييل هاينز، كبير استراتيجيي السلع في ANZ، في مذكرة، إلى أن “احتمال زيادة إمدادات أوبك يواصل الخيم على السوق”.
التطورات الجيوسياسية: الملف النووي الإيراني
على صعيد آخر، صرحت إيران بأنها ستقدم قريباً “مقترحاً مضاداً” لاتفاق نووي إلى الولايات المتحدة، رداً على عرض أمريكي تعتبره طهران “غير مقبول”. في حين أوضح ترامب أن الجانبين لا يزالان على خلاف حول ما إذا كان سيُسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم على أراضيها.
تُعد إيران ثالث أكبر منتج بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وأي تخفيف للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها سيسمح لها بتصدير المزيد من النفط، مما قد يضغط على أسعار النفط العالمية.
ختاما ترتفع أسعار النفط مدفوعة بالتفاؤل الحذر بشأن محادثات التجارة الأمريكية-الصينية، والتي تحمل آمالاً في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي والطلب على الوقود. وفي الوقت نفسه، فإن تراجع شحنات النفط السعودية إلى الصين يُضاف إلى التعقيدات في مشهد العرض والطلب. وتُبقي التطورات الجيوسياسية، لا سيما الملف النووي الإيراني، السوق في حالة ترقب، حيث يمكن لأي تغيير في هذه العوامل أن يؤثر بشكل كبير على أسعار النفط في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…