استقرار أسعار النفط وسط ترقب تحركات ترامب بشأن النفط الروسي وإيران

شهدت أسواق النفط استقرارا ملحوظا يوم الاثنين، حيث تراجعت الأسعار في بداية الجلسة لتعود بعدها إلى مستوياتها الحالية وسط حالة من الانتظار والترقب لتصريحات الرئيس دونالد ترامب.
إذ هدد ترامب بفرض تعريفات ثانوية على مشترِي النفط الروسي وحذر إيران من اتخاذ إجراءات عسكرية إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
وفي ظل هذه التهديدات، تبنى المستثمرون موقف “انتظر وشاهد” حيث يراقبون عن كثب تأثير هذه التصريحات على العرض العالمي للنفط.
تأثير تهديدات ترامب على سوق النفط
أثار ترامب حالة من عدم اليقين في أسواق النفط عندما أعلن عن إمكانية فرض تعريفات إضافية على المشترين للنفط الروسي، في خطوة تهدف إلى الضغط على موسكو في سياق محاولاته إنهاء الصراع في أوكرانيا.
وأفاد ترامب بأنه إذا شعر بأن روسيا تعرقل جهوده، فسيفرض تعريفات ثانوية تتراوح نسبتها بين 25% إلى 50% على المشترين.
كما وجه ترامب تهديدا لإيران، مؤكدًا إمكانية اتخاذ إجراءات عسكرية وفرض تعريفات إضافية إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي.
ورغم أن هذه التصريحات أثارت المخاوف بين المستثمرين، فقد أشار بعض المحللين إلى أن ترامب قد لا ينفذ هذه الإجراءات، مما يضع حدًا لتأثيرها السلبي على الأسعار.
تحركات الأسعار واستجابة السوق
على الصعيد الفني، شهدت عقود النفط الآجلة استمرار الاستقرار؛ فقد ارتفع عقد خام برنت لشهر يونيو بمقدار 11 سنتا، ليصل إلى 72.87 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بينما سجل عقد خام غرب تكساس ارتفاعا بمقدار 8 سنتات ليبلغ 69.44 دولار للبرميل. وكان عقد برنت الأمامي، الذي يتداول بسعر 74.06 دولار، من المقرر أن ينتهي لاحقا خلال نفس الجلسة.
وأظهر السوق استجابة ملحوظة للبيانات، إذ انخفضت الأسعار في بداية الجلسة قبل أن تنتعش وتثبت عند المستويات الحالية. وأشار محلل UBS، جيوفاني ستاونوفو، إلى أن المخاطر الناجمة عن تعريفات ترامب على النفط الروسي والتهديدات الموجهة لإيران تشكل عاملا مهما يدفع المستثمرين إلى متابعة هذه التطورات، رغم أن هناك احتمالا بأن لا تنفذ هذه الإجراءات على أرض الواقع، مما قد يحد من ارتفاع الأسعار.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الطلب والعرض
يضاف إلى ذلك تأثير التوترات الدولية؛ إذ تُعتبر محادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا وعن إمكانية إعادة تشغيل صادرات النفط الكردي عبر خط أنابيب العراق-تركيا من بين التطورات التي تضيف بعدا آخر لعدم اليقين في السوق.
ورغم أن هذه المحادثات قد تسهم في زيادة تدفق النفط الروسي على المدى البعيد إذا ما تم التوصل إلى اتفاق، فإن الحالة الراهنة لا تزال تحمل الكثير من الغموض بشأن كيفية تنفيذها، خاصةً فيما يتعلق بالدفع والعقود.
كما أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مثل استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة واستمرار الهجمات الأمريكية على المتمردين الحوثيين في اليمن، تعزز من الطلب على النفط كأصل استراتيجي، مما يزيد من الضغط على العرض العالمي.
التوقعات المستقبلية وآفاق السوق
يتوقع بعض الاقتصاديين أن يظل سعر خام غرب تكساس (WTI) ضمن نطاق يتراوح بين 65 و75 دولار للبرميل في المدى القريب، حيث يعتبر هذا النطاق مؤشرا على توازن العرض والطلب في ظل الضغوط المتزايدة.
ويستمر المستثمرون في مراقبة بيانات المخزونات الأمريكية، التي يُتوقع صدورها رسميا يوم الأربعاء، والتي ستوفر مزيدا من الإشارات حول حالة العرض العالمي.
على صعيد السياسات التجارية، يظل تأثير تعريفات ترامب على المشترين، خاصة في الصين والهند، محورا رئيسيا، إذ أن أي تنفيذ لتلك التعريفات بشكل حازم قد يحدث نقصا في الإمدادات العالمية، مما يدعم أسعار النفط.
ومع ذلك، يظل السوق متذبذبا نظرا لاحتمالية حدوث تغييرات في السياسات من قبل إدارة ترامب، ما قد يؤدي إلى تخفيف بعض الضغوط في حالة التوصل إلى اتفاقيات دبلوماسية جديدة.
في النهاية يبقى مستقبل أسعار النفط معلقة على عدة عوامل متداخلة؛ من بينها تأثير تعريفات ترامب على المشترين للنفط الروسي والإيراني، بالإضافة إلى تطورات المخزونات الأمريكية ومفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وعلى الرغم من أن الأسواق قد شهدت استقرارا نسبيا يوم الاثنين، إلا أن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة، مما يجعل من الضروري متابعة البيانات الاقتصادية والتطورات السياسية عن كثب.
تعليق واحد