الاحتياطي الفيدرالي يعقد أول اجتماع في عهد ترامب: هل سيستجيب لمطالب خفض الفائدة؟

يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع أول اجتماع له منذ بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، الذي أوضح صراحة رغبته في خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي لن يستجيب لهذا الطلب في الوقت الحالي، حيث يواجه تحديات معقدة تجعل قرارات السياسة النقدية أكثر حساسية هذا العام.
توقعات القرار: تثبيت الفائدة رغم الضغوط السياسية
من المتوقع أن يظل الفيدرالي ثابتا في موقفه، رغم الضغط العلني من ترامب. وفقا لبيانات مجموعة CME Group، فإن الأسواق تسعّر بنسبة تقارب 100% أن البنك المركزي لن يغير سياسته الحالية وسيبقي أسعار الفائدة في نطاق 4.25%-4.5%. ويرجع هذا القرار إلى عوامل متعددة، أبرزها عدم وضوح السياسات الاقتصادية الجديدة للبيت الأبيض، والتي قد تؤثر بشكل كبير على مستويات التضخم والنمو الاقتصادي.
تقول بيث آن بوفينو، كبيرة الاقتصاديين في بنك U.S. Bank، إن الفيدرالي على الأرجح سيتخذ موقفا حذرا، نظرا لأن السياسات الاقتصادية المقترحة من قبل إدارة ترامب لا تزال غير واضحة. وتضيف أن بعض هذه السياسات قد تكون تضخمية، مما يجعل من الصعب على الفيدرالي تبرير خفض الفائدة في الوقت الحالي.
ترامب يضغط، لكن الفيدرالي متمسك باستراتيجيته
رغم أن ترامب لا يملك السلطة المباشرة لإجبار الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، فإنه استمر في ممارسة الضغط السياسي والإعلامي على البنك المركزي. في تصريح حديث، قال الرئيس الأمريكي إنه “سيطالب بخفض أسعار الفائدة على الفور”، وهو ما يعكس مدى رغبته في تحفيز الاقتصاد عبر سياسة نقدية أكثر تساهلا.
إلا أن الأسواق لا تتوقع أي تغيير في السياسة النقدية حتى يونيو المقبل، حيث ينتظر المستثمرون وضوحًا أكبر بشأن توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصا فيما يتعلق بقضايا مثل التعريفات الجمركية، والتنظيمات الاقتصادية، وسياسات الهجرة، والتي يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على معدلات التضخم والنمو الاقتصادي.
عوامل متضادة تؤثر على التضخم وأسعار الفائدة
تتأثر قرارات الفيدرالي بمجموعة من العوامل الاقتصادية المتناقضة. يرى روبرت كابلان، الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، أن هناك عوامل تضخمية قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع، مثل التعريفات الجمركية الجديدة التي قد تزيد من تكلفة الواردات، وارتفاع تكاليف العمالة نتيجة عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين، التي بدأت بالفعل هذا الأسبوع.
في المقابل، هناك عوامل أخرى قد تساعد في خفض التضخم، مثل تقليل الإنفاق الحكومي، وإعادة تقييم التنظيمات الاقتصادية عبر اللجنة الاستشارية الجديدة التي أنشأتها إدارة ترامب تحت اسم “وزارة كفاءة الحكومة”، بالإضافة إلى سياسة ترامب في قطاع الطاقة التي تعرف باسم “الحفر بلا قيود”، والتي تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي وخفض أسعار النفط.
الاجتماع الحالي: لا تغييرات متوقعة على السياسة النقدية
من غير المتوقع أن يشهد الاجتماع الحالي تحديثا لتوقعات الفيدرالي الاقتصادية، بما في ذلك مخطط “النقاط” الذي يعكس توقعات أعضاء اللجنة لمسار الفائدة المستقبلي. في الاجتماع الأخير في ديسمبر، خفض الفيدرالي عدد خفض الفائدة المتوقع لعام 2024 من أربعة مرات إلى مرتين فقط، مع توقع أن يكون كل خفض بمقدار 0.25%.
في ظل هذا الوضع، سيولي المستثمرون اهتماما كبيرا للبيان الرسمي الذي سيصدر بعد الاجتماع، وكذلك للمؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي جيروم باول، ومن المتوقع أن يواجه باول أسئلة مباشرة حول موقف الفيدرالي من مطالب ترامب المتكررة بخفض الفائدة، وكيفية تفاعل البنك المركزي مع الضغوط السياسية القادمة من البيت الأبيض.
النتيجة النهائية: الفيدرالي متمسك باستقلاليته
في النهاية، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيظل متمسكا بمهمته الأساسية في تحقيق استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم، دون التأثر بالضغوط السياسية قصيرة الأجل.
وبينما يسعى ترامب إلى فرض رؤيته الاقتصادية وتحفيز النمو عبر سياسة نقدية أكثر تساهلًا، فإن الفيدرالي لا يبدو مستعدًا للاستجابة بسرعة، مما يجعل من المرجح أن تبقى أسعار الفائدة ثابتة على الأقل حتى منتصف العام، بانتظار وضوح أكبر في المشهد الاقتصادي الأمريكي.
اقرأ أيضا…
2 تعليقات