أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط ترتفع بدعم من التهديدات الأمريكية وتراجع المخزونات

شهدت أسعار النفط ارتفاعاً ملحوظاً يوم الأربعاء، لتتعافى من أدنى مستوياتها في خمسة أسابيع التي سجلتها في اليوم السابق. جاء هذا الانتعاش مدفوعاً بتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية أعلى على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، بالإضافة إلى تراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية. تعكس هذه التقلبات المستمرة الطبيعة الحساسة لسوق النفط العالمي وتأثره السريع بالتطورات الجيوسياسية والاقتصادية، حيث تتفاعل العوامل السياسية والاقتصادية مع ديناميكيات العرض والطلب لتشكل مسار الأسعار في غضون ساعات قليلة.

صعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 90 سنتاً، أو 1.3%، لتصل إلى 68.54 دولاراً للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الأمريكي بمقدار 92 سنتاً، أو 1.4%، مسجلاً 66.08 دولارا للبرميل. وكانت أسعار النفط قد تراجعت بأكثر من دولار واحد يوم الثلاثاء، لتستقر عند أدنى مستوياتها في خمسة أسابيع، مسجلة بذلك الجلسة الرابعة من الخسائر المتتالية.

التهديدات الأمريكية لمشتري النفط الروسي تدعم الأسعار

أشار آشلي كيلتي، المحلل في بانمور ليبروم، إلى أن “أسعار النفط أعلى اليوم مع ترقب المتعاملين لرد فعل الهند والصين على تهديد العقوبات الثانوية”.

وأضاف كيلتي: “تبدو التوقعات أن الهند قد تخفض مشترياتها من الخام الروسي، لكن لا أرى أنها ستتوقف تماماً عن ذلك، نظراً للأرباح الخارقة التي تحققها من شراء الخام الروسي الرخيص.” هذه الأرباح الهائلة تأتي نتيجة حصول الهند على النفط الروسي بأسعار مخفضة بشكل كبير مقارنة بأسعار السوق العالمية، مما يعزز هوامش ربح مصافيها ويوفر دعماً كبيراً لاقتصادها المحلي في ظل أزمة الطاقة العالمية.

هذا الوضع يضع الهند في موقف صعب، حيث يتعارض سعيها لتحقيق مكاسب اقتصادية مع الضغوط السياسية الأمريكية. وقد دعمت تهديدات ترامب المتجددة يوم الثلاثاء بفرض رسوم جمركية أعلى على الهند بسبب شرائها للطاقة الروسية السوق، حيث تهدف هذه التهديدات إلى الضغط على الدول لتقليل اعتمادها على النفط الروسي، وبالتالي تقليص الإيرادات الروسية التي تمول الحرب في أوكرانيا.

وتعد الهند، إلى جانب الصين، من كبار مشتري النفط الروسي، مما يجعلهما محوراً رئيسياً لأي سياسات عقابية أمريكية، ويبرز تعقيد العلاقات الدولية في سياق الطاقة.

الصراع الأوكراني وتأثيره المستمر

في سياق متصل، وصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو يوم الأربعاء في مهمة عاجلة للبحث عن اختراق في حرب أوكرانيا، وذلك قبل يومين من انتهاء مهلة حددها ترامب لروسيا للموافقة على السلام أو مواجهة عقوبات جديدة.

هذا النوع من التطورات الجيوسياسية يضيف “علاوة مخاطرة” إلى أسعار النفط، حيث يتخوف المستثمرون من أي تصعيد قد يؤثر على الإمدادات العالمية، سواء من خلال تعطيل طرق الشحن أو فرض عقوبات أشد قد تحد من قدرة روسيا على التصدير. هذه العلاوة تعكس حالة عدم اليقين والمخاطر المحتملة التي قد تؤثر على استقرار السوق.

وفي مذكرة صدرت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، قال محللون في روث كابيتال ماركتس: “بشكل عام، لا تزال التوقعات بشأن الحرب الروسية الأوكرانية غير مؤكدة، لكن الصراع المستمر والتهديد بتصاعد الرسوم الجمركية من المرجح أن يبقيا أسعار النفط مدعومة على المدى القريب حتى تتضح الرؤية بشأن التأثير المحتمل للرسوم الجمركية على صادرات النفط.” وتوقعوا “حدوث الحد الأدنى من التعطيل لصادرات النفط الروسي، حيث نعتقد أن الصين يمكنها استيراد الغالبية العظمى من الخام الروسي.”

هذا الاعتقاد مبني على قدرة الصين الهائلة على استيعاب كميات كبيرة من النفط، بالإضافة إلى العلاقات التجارية القوية بين بكين وموسكو، وتطور آليات بديلة للدفع والشحن، مما يقلل من فعالية العقوبات الغربية في خفض صادرات النفط الروسي بشكل كبير ويضمن استمرار تدفق الإمدادات إلى الأسواق الآسيوية.

تراجع مخزونات الخام الأمريكية يضيف دعماً

كما تلقت السوق بعض الدعم من تراجع مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي. فقد أشارت مصادر، نقلاً عن أرقام معهد البترول الأمريكي (API) يوم الثلاثاء، إلى أن المخزونات انخفضت بمقدار 4.2 مليون برميل. ويأتي هذا التراجع أكبر بكثير مقارنة بتقديرات استطلاع أجرته رويترز، والتي كانت تشير إلى سحب 600 ألف برميل للأسبوع المنتهي في 1 أغسطس. يشير الانخفاض الكبير في المخزونات إلى أن الطلب أقوى مما كان متوقعاً أو أن الإمدادات أقل، مما يعد إشارة إيجابية لأسعار النفط ويعكس قوة محتملة في الاستهلاك المحلي الأمريكي.

وعلق جيوفاني ستاونوفو، المحلل في يو بي إس، قائلاً: “بيانات معهد البترول الأمريكي التي أظهرت سحب الخام الأمريكي بالأمس كانت داعمة للأسعار”، مضيفاً أن المخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات من النزاع الأمريكي الهندي قد تم تسعيرها بالفعل. هذا يعني أن السوق قد استوعب بالفعل التأثير المحتمل لهذه التوترات في الأسعار الحالية، مما يحد من أي رد فعل سلبي إضافي، ويوجه التركيز نحو العوامل الأساسية للعرض والطلب.

يعكس الانتعاش الحالي في أسعار النفط تفاعلاً معقداً بين التوترات الجيوسياسية، خاصة التهديدات الأمريكية بشأن مشتريات النفط الروسي، والتطورات في بيانات المخزونات العالمية. ويبقى التركيز على التطورات السياسية والاقتصادية الوشيكة لتحديد المسار المستقبلي للأسعار، مع ترقب أي مؤشرات على تغير في ديناميكيات العرض والطلب العالمية، وتأثير القرارات السياسية على استقرار السوق.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى