الدولار الأمريكي يرتفع مدعوما باتفاق تجاري أمريكي بريطاني وتفاؤل بمحادثات الصين

شهد الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا مقابل عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري خلال تداولات يوم الخميس. ويعزى هذا الأداء القوي للعملة الأمريكية إلى تهدئة مخاوف الأسواق بعد الأنباء عن التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى تفاؤل بشأن المحادثات التجارية المرتقبة بين واشنطن وبكين. في المقابل، عكس الجنيه الإسترليني مكاسبه المبكرة بعد قرار بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة.
اتفاق التجارة الأمريكي البريطاني يعزز الدولار الأمريكي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس، خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، عن التوصل إلى اتفاق تجاري “يشكل انفراجة” مع بريطانيا، مشيرًا إلى أن بعض تفاصيل الاتفاق “لا تزال قيد الصياغة”. هذا الإعلان كان له تأثير إيجابي مباشر على معنويات السوق، مما دعم قوة الدولار الأمريكي.
ويرى ستيف إنجلاندر، رئيس أبحاث العملات لمجموعة العشر الكبرى في بنك ستاندرد تشارترد بنيويورك، أن هذا الاتفاق قد يكون بمثابة نموذج للدول الأخرى التي تتطلع لتوقيع اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة. وأضاف إنجلاندر: “التوصل إلى اتفاق يبدو أنه سينجح سيكون إيجابيًا للمخاطر. أعتقد أن السوق ستنظر إلى ما تم الكشف عنه وتسأل عن مدى إمكانية تطبيق ذلك على دول أخرى أو إذا كان سيكون النموذج لصفقات أخرى”. مثل هذه التطورات تقلل من حالة عدم اليقين وتدعم العملات المرتبطة بالاقتصادات التي تظهر تقدمًا في علاقاتها التجارية، وفي هذه الحالة الدولار الأمريكي.
تأثير محادثات التجارة مع الصين على الدولار
لم يقتصر التفاؤل على الجبهة البريطانية، حيث أعرب الرئيس ترامب عن توقعه بإجراء مفاوضات جوهرية بين الولايات المتحدة والصين عندما يلتقي وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت وكبير المفاوضين التجاريين جيميسون جرير بالمسؤول الاقتصادي الصيني البارز هي ليفينغ في سويسرا يوم السبت. الآمال المعقودة على هذه المحادثات تساهم أيضًا في تحسين معنويات المخاطرة، وهو ما ينعكس إيجابًا على أداء الدولار الأمريكي كعملة رئيسية في الاقتصاد العالمي.
على صعيد السياسات النقدية، جاء قرار بنك إنجلترا يوم الخميس بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية (في تصويت بنسبة 5-4)، وهو ما كان متوقعًا إلى حد كبير. لكن اللافت كان الانقسام غير المتوقع في آراء أعضاء لجنة السياسة النقدية، حيث صوت عضوان (سواتي دينغرا وآلان تايلور) لصالح خفض أكبر بنصف نقطة، بينما فضل كبير الاقتصاديين هيو بيل والعضو الخارجي كاثرين مان الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. هذا الخفض والانقسام في الآراء أضعف الجنيه الإسترليني، مما دعم الدولار الأمريكي بشكل غير مباشر.
يأتي قرار بنك إنجلترا بعد يوم واحد من قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مع التحذير من تزايد مخاطر ارتفاع التضخم والبطالة. استقرار سياسة الفيدرالي، حتى مع التحذيرات، قد يُنظر إليه على أنه أقل تشاؤمًا من التيسير النشط الذي يتبعه بنك إنجلترا، مما يوفر دعمًا لالدولار الأمريكي.
وفي سياق متصل، أبقى كل من بنك السويد المركزي (ريكسبنك) وبنك النرويج (نورجيس بنك) على أسعار الفائدة دون تغيير، كما كان متوقعا، مما قلل من التباين في السياسات النقدية مقارنة بقرار بنك إنجلترا، وساهم في تعزيز قوة الدولار الأمريكي مقابل هاتين العملتين أيضا.
أداء الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية
نتيجة لهذه العوامل مجتمعة، شهد الدولار الأمريكي تحركات إيجابية واضحة:
- مقابل الين الياباني: ارتفع الدولار بنسبة 0.98% ليصل إلى 145.185 ين.
- مقابل الفرنك السويسري: تعزز بنسبة 0.48% مسجلاً 0.8275 فرنك.
- مؤشر الدولار: الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية بما في ذلك الين واليورو، ارتفع بنسبة 0.41% ليصل إلى 100.31، مواصلاً مكاسبه للجلسة الثانية على التوالي.
- مقابل اليورو: تراجع اليورو بنسبة 0.33% ليصل إلى 1.1262 دولار.
- مقابل الكرونة السويدية: ارتفع الدولار، حيث سجلت الكرونة السويدية 9.6984 لكل دولار (مما يعني ضعف الكرونة).
- مقابل الكرونة النرويجية: ارتفع الدولار، حيث بلغت الكرونة النرويجية 10.3833 لكل دولار (مما يعني ضعف الكرونة).
الجنيه الإسترليني يتراجع أمام قوة الدولار الأمريكي
تخلى الجنيه الإسترليني عن مكاسبه المبكرة التي حققها بعد إعلان خفض الفائدة، ليتراجع بنسبة 0.09% مقابل الدولار الأمريكي ويستقر عند 1.32775 دولار. يُعزى هذا التراجع إلى أن الأسواق كانت قد سعّرت بالفعل قرار الخفض، وربما أثر الانقسام داخل لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا على معنويات المستثمرين تجاه الإسترليني.
في سياق أوسع لشهية المخاطرة في الأسواق، شهدت العملات المشفرة ارتفاعات ملحوظة، حيث ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 4.69% ليصل إلى 101,312.68 دولار، كما صعد سعر الإيثريوم بنسبة 14.47% ليصل إلى 2,058.62 دولار.
في النهاية يستفيد الدولار الأمريكي في الوقت الراهن من مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها التطورات الإيجابية على صعيد التجارة الدولية، والمتمثلة في الاتفاق التجاري الأمريكي البريطاني والآمال المعقودة على المحادثات مع الصين. هذه التطورات تقلل من جاذبية عملات الملاذ الآمن وتدعم العملة الأمريكية. كما أن تباين مسارات السياسة النقدية بين الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يحافظ على استقرار نسبي، وبنوك مركزية أخرى مثل بنك إنجلترا الذي يتجه نحو التيسير، يصب في صالح قوة الدولار الأمريكي. وستبقى الأنظار متجهة نحو تطورات الملفات التجارية وقرارات البنوك المركزية العالمية لتحديد المسار المستقبلي لالدولار الأمريكي.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد