Uncategorized

ارتفاع أسعار الذهب وسط تهديدات التعريفات وتباطؤ الطلب

تشهد أسواق الذهب حالة من النشاط الشديد في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، حيث سجلت أسعار الذهب في العقود الآجلة رقما قياسيا جديداً خلال الجلسة، حيث ارتفعت الأسعار إلى 2,937.10 دولار للأوقية، بزيادة طفيفة بلغت 0.1%.

جاء هذا الارتفاع بعد أن شهدت التداولات الآسيوية ارتفاعا ملحوظا، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن في ظل التهديدات المتصاعدة بتطبيق تعريفات جديدة من قبل الرئيس ترامب. يتجلى الدعم المتزايد للذهب من خلال تحركات السوق التي تعكس توقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قريبة من 3,000 دولار للأوقية.

صعود أسعار الذهب وتسجيل الأرقام القياسية

بدأت رحلة الارتفاع لأسعار الذهب الذي سجل رقما قياسيا جديدا، حيث تم الوصول إلى سعر 2,937.10 دولار للأوقية في وقت لاحق من الجلسة، وفي التداولات الآسيوية الليلية، ارتفعت الأسعار بشكل حاد ووصلت إلى مستويات قياسية، مما عزز من تفاؤل المستثمرين.

وتجاوز سعر الذهب الرقم القياسي السابق الذي كان يبلغ 2,911.30 دولار للأوقية، حيث وصل إلى 2,942.70 دولار للأوقية خلال جلسة تداول الثلاثاء في آسيا. ويعد هذا الرقم القياسي الثامن الذي يتم تسجيله في عام 2025، مما يعكس الاتجاه الصعودي الواضح الذي يتبعه الذهب.

تأثير تهديدات التعريفات على الطلب

أدت التهديدات الأخيرة من قبل الرئيس ترامب بفرض تعريفات بنسبة 25% على واردات الفولاذ والألمنيوم إلى زيادة المخاوف من تفاقم التوترات التجارية العالمية.

هذه السياسات أدت إلى تحول المستثمرين نحو الأصول الآمنة، حيث يعتبر الذهب من أهم الملاذات التي يمكن اللجوء إليها في أوقات عدم اليقين.

وفي ظل هذه الظروف، قامت دول مثل الصين وتركيا والهند وبعض الدول في أوروبا الشرقية بزيادة مشترياتها من الذهب، سعيا لتعزيز احتياطياتها بأصول لا تتأثر بسياسات الولايات المتحدة.

ويُظهر هذا التوجه أن الذهب ليس مجرد سلعة يتداول سعرها بناء على الأرقام، بل هو أداة تحوطية تستخدم لحماية الثروات من تقلبات الأسواق والتوترات الجيوسياسية.

الطلب الهيكلي على الذهب

لا يقتصر ارتفاع أسعار الذهب على تأثيرات التعريفات وحدها، بل تتوفر له أيضا عوامل هيكلية تدعم الطلب على المدى الطويل.

حيث شهد الذهب اتجاها صعوديا مستمرا على مدى الـ 16 شهرا الماضية، وارتفعت أسعاره بنسبة 63% منذ أن سجل أدنى مستوى له عند 1,809.50 دولار للأوقية في 23 أكتوبر 2023.

وقد تسارع هذا الارتفاع بعد فوز الرئيس ترامب بفترة ولاية ثانية، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 16% منذ أدنى مستوى تم تسجيله عند 2,536.71 دولار للأوقية في 15 نوفمبر.

ويعتمد الطلب الهيكلي على ثلاثة عوامل رئيسية: الطلب الاستهلاكي في أسواق مثل الصين والهند، وعمليات الشراء التي تقوم بها البنوك المركزية، وتدفقات الاستثمارات التي تسعى إلى التنويع والتحوط ضد التضخم.

العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الذهب

تشير البيانات إلى أن الطلب الاستهلاكي في الصين والهند يشكل أكثر من نصف الطلب العالمي على الذهب، ففي عام 2024، بلغت مشتريات المستهلكين في الصين حوالي 815.5 طن، ورغم انخفاضها بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، بينما شهدت الهند زيادة بنسبة 5% لتصل مشترياتها إلى 802.8 طن .

هذه الأرقام تؤكد على أن أسواق الشرق الأقصى لا تزال تدعم استهلاك الذهب، حتى وإن تراجعت الزخم في بعض الأحيان. إلى جانب ذلك، لعبت البنوك المركزية دوراً كبيراً في دعم أسعار الذهب، حيث سجلت صافي عمليات شراء تتجاوز 1,000 طن سنويا خلال السنوات الثلاث الماضية.

وتعتبر هذه المشتريات بمثابة تأكيد على أهمية الذهب كأصل احتياطي عالمي في ظل تقلبات الأسواق والظروف الاقتصادية غير المستقرة.

تضاف إلى ذلك التدفقات الاستثمارية التي تسعى إلى التنويع والتحوط ضد التضخم، مما يجعل الذهب خيارا جذابا للمستثمرين الذين يبحثون عن حماية لرؤوس أموالهم. وتدعم هذه العوامل معا رؤية مستقبلية إيجابية للذهب، رغم أن السياسات المتقلبة من الجانب الأمريكي قد تزيد من تقلباته على المدى القريب.

الآفاق المستقبلية والتحديات

من المتوقع أن يستمر الذهب في جذب اهتمام المستثمرين في ظل استمرار حالة عدم اليقين في السوق العالمي. تواجه الأسواق تحديات كبيرة نتيجة للتوترات التجارية والعقوبات والتهديدات بفرض تعريفات جديدة، مما يدفع الكثير من الجهات إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب.

وعلى الرغم من أن هذه السياسات قد تزيد من تقلب الأسعار، فإن الاتجاه العام يشير إلى استمرار الطلب على الذهب كملاذ آمن. يبقى الذهب في موقع محوري عندما يتعلق الأمر بالتنويع وحماية الأصول، ويُتوقع أن تستمر هذه العوامل الداعمة في ظل البيئة الاقتصادية المتوترة.

ختاما يبرز الذهب كأصل استثماري يتمتع بمرونة عالية في مواجهة التحديات الاقتصادية والتجارية، وساهمت تهديدات التعريفات الجديدة من قبل الرئيس ترامب في تعزيز الطلب على الذهب، مما دفع أسعاره إلى مستويات قياسية جديدة.

وفي الوقت نفسه، تلعب العوامل الهيكلية مثل الطلب الاستهلاكي في الصين والهند، وعمليات الشراء التي تقوم بها البنوك المركزية، وتدفقات الاستثمارات دورا مهما في دعم هذا الاتجاه الصعودي. مع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، يظل الذهب الخيار الأمثل للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية، مما يجعله يستحق المتابعة الدقيقة من قبل المستثمرين والمهتمين بالأسواق المالية على حد سواء.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى