الأسهم الأمريكية تتراجع مع عودة شبح الحرب التجارية

شهدت الأسهم الأمريكية تراجعا يوم الجمعة، بعد أن أثار الرئيس دونالد ترامب مخاوف تجارية جديدة، مهددا شركة آبل وموصيا بفرض رسوم جمركية أكثر صرامة على الاتحاد الأوروبي. هذا التطور يعيد إلى الأذهان التوترات التجارية التي هزت الأسواق في السابق، ويثير قلق المستثمرين الأفراد حول مستقبل استقرار السوق.
وتكبد مؤشر داو جونز الصناعي خسارة بلغت 181 نقطة، أي ما يعادل 0.4%. كما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.4%، وتراجع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.7%. وتأتي هذه الانخفاضات لتضيف إلى خسائر السوق الأسبوعية، حيث تراجعت مؤشرات ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز وناسداك بأكثر من 2% هذا الأسبوع.
آبل والاتحاد الأوروبي في مرمى النيران
تراجعت أسهم شركة آبل بأكثر من 2% بعد أن نشر ترامب على منصة “تروث سوشيال” أن هواتف آيفون التي تباع في الولايات المتحدة يجب أن تُصنع في الولايات المتحدة، وإذا لم تكن كذلك، فيجب أن تدفع آبل “تعريفة جمركية لا تقل عن 25%”. هذه الخطوة ضد آبل هي الأولى التي تستهدف شركة محددة في سياق فرض ترامب للتعريفات الجمركية هذا العام. يرى المستثمرون أن هذا التهديد يمثل سابقة خطيرة قد تؤثر على شركات أخرى تعتمد على سلاسل إمداد عالمية.
ولم يتوقف الأمر عند آبل. فقد صرح الرئيس ترامب أيضا بأن المناقشات التجارية مع الاتحاد الأوروبي “لا تحقق أي تقدم”، وأوصى بفرض “تعريفة مباشرة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من 1 يونيو 2025”. يمثل هذا التصريح تصعيدا كبيرا في لهجة الحرب التجارية، وقد يؤدي إلى ردود فعل اقتصادية سلبية من الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
ومع ذلك، استعادت الأسهم الأمريكية جزءا من خسائرها خلال اليوم بعد أن أفاد مراسل شبكة CNBC إيمون جافيرز أن البيت الأبيض لم يفسر تصريحات ترامب على أنها بيان سياسي رسمي. هذا التوضيح الفوري ساعد في تخفيف بعض حدة القلق لدى المستثمرين، لكنه لم يمح المخاوف تماماً.
تذبذب التوترات التجارية وتأثيرها على الأسهم
تأتي هذه الإجراءات من ترامب في وقت كانت فيه التوترات الجمركية تشهد بعض التخفيف. ففي أبريل، فرض ترامب رسوما جمركية على معظم دول العالم، مما هز سوق الأسهم وكاد يدفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى سوق هابطة (bear market). ثم أوقف الرئيس أشد التعريفات الجمركية لمدة 90 يوماً وتوصل إلى بعض الاتفاقيات الأولية مع المملكة المتحدة والصين، مما أدى إلى تعافي الأسهم الأمريكية. وقد عاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستوياته الأولية لهذا العام الأسبوع الماضي.
كان المستثمرون يشترون الأسهم بناءً على تكهنات بأن المزيد من الاتفاقيات ستظهر مع مختلف الدول خلال فترة التوقف التي تستمر ثلاثة أشهر. لكن إجراءات ترامب يوم الجمعة قد تعني أن هذا الأمل كان في غير محله.
في هذا السياق، صرح روس مايفيلد، استراتيجي الاستثمار في “بيرد”، : “لقد كان لدينا هذا الدعم من تخفيف التصعيد في السوق لمدة ستة أسابيع تقريبا – وشهد السوق أحد أفضل فتراته على الإطلاق في 75 عاما – وإعادة تصعيد خطاب الحرب التجارية يهدد ذلك. لا أعتقد أننا سنعيد اختبار أدنى المستويات أو ما شابه، إلا إذا تصاعد الأمر حقا، لكن هذه بالتأكيد خطوة في الاتجاه الخاطئ من منظور السوق”.
هل تصبح التوترات التجارية سمة دائمة؟
بالنظر إلى المستقبل، حذر ريك ويديل، رئيس وكبير مسؤولي الاستثمار في RFG Advisory، من أن “رحلة الأفعوانية” هذه من تخفيف وتصعيد التوترات الجمركية من المرجح أن تكون سمة دائمة لفترة ولاية ترامب الثانية.
وقال: “من المهم جدا للمستثمرين أن يفهموا أن قضية التجارة العالقة هذه من المرجح أن تستمر، على ما أعتقد، طوال فترة هذه الإدارة. لا أعتقد أنهم سينظرون في الاتجاه الآخر بشأن التجارة في أي نقطة. أعتقد أنهم يعتبرون هذا سمة مميزة لإرث الإدارة تتمثل في إصلاح الصفقات التجارية الدولية.” وأضاف: “أود فقط أن أشجع المستثمرين على عدم الانجراف أبداً إلى شعور زائف في أي من الاتجاهين”.
في النهاية تواجه الأسهم الأمريكية تحديات جديدة مع عودة المخاوف التجارية إلى الواجهة. فتهديدات التعريفات الجمركية، خاصة تلك الموجهة لشركات بعينها ولتكتلات اقتصادية كبرى مثل الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تخلق حالة من التقلب وعدم اليقين. على المستثمرين الأفراد والقراء العاديين البقاء على اطلاع دائم بهذه التطورات، حيث أن القرارات التجارية للرئيس ترامب ستظل عاملا حاسما في تحديد مسار الأسهم الأمريكية وربحية الشركات في الفترة القادمة.
اقرأ أيضا…