أسهمأسهم أمريكية

الأسهم الأمريكية تلتقط أنفاسها بعد ارتفاع تاريخي

بعد ست جلسات متتالية من الارتفاعات القوية التي دفعت مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” لتحقيق مكاسب قاربت 20% من أدنى مستوياته المسجلة في أبريل، أخذت موجة الصعود في الأسهم الأمريكية استراحة يوم الثلاثاء. فقد شهدت المؤشرات الرئيسية تراجعا جماعيا، وإن كان طفيفا، حيث قام المستثمرون بتقييم الوضع وانتظار محفزات جديدة، وسط مخاوف من وصول السوق إلى مستويات “التشبع الشرائي” وتأثير تراجع أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى. كما ألقت مفاوضات الميزانية الأمريكية الصعبة بظلال من الحذر على معنويات التداول.

توقف موجة الصعود في الأسهم الأمريكية

أنهت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية تداولات يوم الثلاثاء على انخفاض، لتنهي بذلك سلسلة من المكاسب استمرت لستة أيام متتالية لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، والتي أضافت ما يقرب من 8.6 تريليون دولار إلى القيمة السوقية:

  • مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500): انخفض بنسبة 0.4%.
  • مؤشر ناسداك 100 (Nasdaq 100): تراجع بنسبة 0.4%.
  • مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average): فقد 0.3%.

ويُعزى هذا التوقف في موجة الصعود إلى عدة عوامل، أبرزها وصول الأسهم الأمريكية إلى مستويات قد يراها بعض المحللين الفنيين “متشبعة شرائيًا” بعد الارتفاعات الكبيرة والمتتالية، مما قد يشير إلى حاجة السوق لالتقاط الأنفاس أو تصحيح طفيف. كما ساهم تراجع أسهم مجموعة شركات التكنولوجيا الكبرى، وهي المجموعة الأكثر تأثيرا في المؤشرات، في الضغط على التداولات. فقد انخفض سهم “ألفابت” (الشركة الأم لجوجل) بنسبة 1.5% بالتزامن مع مؤتمر المطورين الذي تعقده الشركة. وكانت “تسلا” هي الاستثناء الوحيد بين الشركات العملاقة، حيث ارتفع سهمها بعد أن أكد إيلون ماسك التزامه بقيادة الشركة لخمس سنوات قادمة.

تحديات الميزانية الأمريكية تلقي بظلالها على الأسواق

ألقت مفاوضات الميزانية الأمريكية الصعبة بظلال من القلق على الأسواق الأمريكية، حيث تركزت الأنظار على تنامي عجز الإنفاق الحكومي. ووفقا لمسؤول كبير في الإدارة، يشعر الرئيس دونالد ترامب بالإحباط من المطالب بزيادة كبيرة في سقف الخصم الضريبي للولايات والمحليات (SALT)، مما يشير إلى طريق مسدود في الوقت الذي يهدف فيه الجمهوريون إلى تمرير مشروع قانون ضخم لتخفيض الضرائب بسرعة.

هذه التوترات المالية أدت إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية يوم الثلاثاء، حيث قفز العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.48%. ويعتبر ارتفاع عوائد السندات عادة عامل ضغط على الأسهم الأمريكية، حيث يزيد من جاذبية الاستثمار في الدخل الثابت ويُصعّب على الشركات الاقتراض بتكاليف منخفضة.

وفي هذا السياق، قال تيم ماجنوسون من “جاردا كابيتال بارتنرز” إن “سوق السندات سيكون لها الكلمة الفصل فيما يحدث ماليا”، مضيفا أن المشرعين “سيتعرضون لمزيد من الاختبارات – فنسبة 5% (لعائدات السندات) ليست الخط النهائي”، مما يشير إلى إمكانية استمرار ارتفاع العوائد إذا لم يتم كبح العجز.

زخم قوي للأسهم الأمريكية ولكنه “متشبع شرائيًا” على المدى القصير

على الرغم من تراجع يوم الثلاثاء، لا يزال بعض المحللين يرون أن الزخم العام في الأسهم الأمريكية قوي. فقد أشار مات مالي من “ميلر تاباك” إلى أن “الزخم في سوق الأسهم قوي للغاية بلا شك. ومع ذلك، فإن السوق أصبحت متشبعة شرائيا على المدى القصير، لذا يمكن أن تشهد فترة لالتقاط الأنفاس في أي وقت”. ولكنه أضاف بنبرة متفائلة: “ما لم تتحول فترة التقاط الأنفاس هذه إلى انعكاس خطير، فإن إعادة اختبار تلك المستويات القياسية المرتفعة قريبا أمر محتمل جدا”. هذا التحليل يوحي بأن التراجع الحالي في الأسهم الأمريكية قد يكون مجرد توقف مؤقت قبل استئناف محتمل للاتجاه الصعودي، شريطة عدم ظهور عوامل سلبية قوية.

المخاطر والتحديات التي تواجه استدامة انتعاش الأسهم الأمريكية

مع ذلك، لا يخلو المشهد من تحديات قد تهدد استدامة الانتعاش الأخير في الأسهم الأمريكية. فقد حذر استراتيجيو “جي بي مورجان تشيس وشركاه”، بمن فيهم توني إس كيه لي، في مذكرة لهم من أن “مخاطر مثل عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية، وضعف البيانات الاقتصادية، والرياح المعاكسة المالية تتحدى استدامة الانتعاش الأخير في الأسهم”.

وتشاركهم هذا الرأي سوليتا مارسيلي من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية”، التي قالت: “نتوقع تقلبات في الفترة المقبلة حيث يواجه المستثمرون حالة من عدم اليقين على عدة جبهات”. وأضافت أن “إحراز مزيد من التقدم يبدو ضروريا لاستمرار الصفقات التجارية. كما أن تخفيضات ترامب الضريبية قد تضيف ضغطا على سوق السندات. ومن المرجح أن يقاوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات أسعار الفائدة على المدى القريب بينما تتصاعد الرياح الاقتصادية المعاكسة”. هذه العوامل مجتمعة تشكل “جدارا من القلق” يجب على المستثمرين في الأسهم الأمريكية التعامل معه.

تعليقات الفيدرالي وتأثير السياسة النقدية على الأسواق الأمريكية

أدلى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، ألبيرتو مسلم، بتصريحات أشار فيها إلى أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تلقي بثقلها على الاقتصاد الأمريكي وتضعف سوق العمل. ومع ذلك، رأى مسلم أن الفيدرالي يمكنه تقديم “استجابة متوازنة” لكل من التضخم والتوظيف طالما ظلت توقعات الأمريكيين بشأن الأسعار المستقبلية ثابتة عند هدف البنك المركزي البالغ 2%. تعكس هذه التصريحات النهج الحذر الذي يتبعه الفيدرالي، والذي يراقب عن كثب البيانات الاقتصادية وتطورات السياسة التجارية، وهو ما يخلق حالة من الترقب في الأسواق الأمريكية.

الدولار يتراجع والمتداولون متشائمون بشأن مساره

شهد الدولار الأمريكي انخفاضا طفيفا يوم الثلاثاء، حيث تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.2%. واللافت للنظر هو أن متداولي خيارات العملات أصبحوا الآن أكثر تشاؤما من أي وقت مضى بشأن مسار الدولار خلال العام المقبل، وفقا لأحد مقاييس معنويات المستثمرين شائعة الاستخدام. فقد انخفضت انعكاسات المخاطر لمدة عام واحد لمؤشر بلومبرغ للدولار الفوري إلى مستوى قياسي سلبي، مما يشير إلى أن تكلفة التحوط ضد انخفاض الدولار (شراء خيارات البيع) أصبحت أعلى بكثير من تكلفة التحوط ضد ارتفاعه (شراء خيارات الشراء). هذا التشاؤم بشأن الدولار قد يكون له تأثيرات متباينة على الأسهم الأمريكية، حيث إن ضعف الدولار يمكن أن يدعم أرباح الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات.

شهر مايو القوي بشكل مفاجئ لأسهم أمريكا

على الرغم من توقف موجة الصعود يوم الثلاثاء، فإن شهر مايو يتشكل ليكون قويا بشكل مفاجئ لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500”. فقد هدأت الأسواق بعد أشهر من الاضطراب، مدفوعة بآمال متزايدة بأن حملة التعريفات الجمركية التي أطلقها الرئيس ترامب ستكون أقل حدة مما كان متوقعا في البداية. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يبحثون في الرسوم البيانية عن أي إشارات حول ما إذا كان هذا التقدم في الأسهم الأمريكية يمكن أن يستمر، خاصة مع اقتراب المؤشرات من مستويات يراها بعض المحللين الفنيين علامة على التشبع الشرائي وارتفاع درجة حرارة السوق.

الأسهم الأمريكية في مرحلة حاسمة 

توقفت موجة الصعود القوية التي شهدتها الأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء، حيث أدت عمليات جني الأرباح والمخاوف من وصول السوق إلى مستويات التشبع الشرائي إلى تراجع طفيف في المؤشرات الرئيسية بعد ستة أيام من المكاسب المتتالية. وبينما كان التفاؤل الناجم عن تهدئة التوترات التجارية هو المحرك الأساسي لهذا الانتعاش، فإن التحديات الجديدة المتمثلة في مفاوضات الميزانية الصعبة، وعدم اليقين بشأن السياسة التجارية المستقبلية، والسياسة النقدية الحذرة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، كلها عوامل تلقي بظلال من الحذر على الأسواق الأمريكية.

إن الفترة المقبلة ستكون حاسمة، حيث سيترقب المستثمرون أي محفزات جديدة قد تدعم استمرار الاتجاه الصعودي، أو أي إشارات قد تؤدي إلى تصحيح صحي في الأسهم الأمريكية بعد هذه الارتفاعات الكبيرة. ويبقى “جدار القلق” قائما، مما يتطلب من المستثمرين التحلي باليقظة والمرونة في مواجهة بيئة سوق متقلبة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى