أسواق النفط 2024: تذبذب مستمر متوقع في يناير

شهدت أسواق النفط في عام 2023 تقلبات حادة، حيث تأرجحت أسعار الخام بين مخاوف الركود العالمي وتخفيضات إنتاج أوبك+. وعلى مدار العام، تراوح سعر برنت بين 70.17 دولارا للبرميل و 95.91 دولارا، بينما تحرك سعر غرب تكساس بين 63.61 دولارا و 94.99 دولار.
يتضح أن قرارات أوبك+ بخفض الإنتاج نجحت في توفير حد أدنى لأسعار النفط، لكنها فشلت في إرساء اتجاه صاعد جديد. لعب ضعف الطلب على الطاقة في أوروبا ومشاكل الاقتصاد الصيني دورا في منع الأسعار من اختبار المستوى النفسي المهم عند 100 دولار للبرميل.
أما سقف الأسعار على النفط الروسي، والذي حددته الدول الغربية عند 60 دولارًا للبرميل، فلم يكن له تأثير كبير على ديناميكيات السوق. إذ باعت روسيا النفط بخصم لصالح الصين والهند، لكن حجم هذا الخصم لم يتأثر بسقف الأسعار. وبالتالي، لم يلعب سقف الأسعار دورا في خفض الأسعار (حيث لم تلتزم روسيا به) كما أنه لم يقدم أي دعم إضافي (انخفضت صادرات روسيا نتيجةً للاتفاق مع أوبك+).
أمل في ارتفاع الطلب الأمريكي على النفط: وكالة الطاقة ترفع توقعاتها لعام 2024
لم ينتهِ بعد الصراع الدائر بين رغبة كبار المنتجين في دعم أسعار النفط والمخاوف الأساسية بشأن الطلب العالمي، حتى مع حلول العام الجديد، ولكن تلوح في الأفق بعض البشائر لقطاع عانى الضغوطات لعدة أشهر. فقد رفعت وكالة الطاقة الدولية مؤخرا توقعاتها لطلب الخام في عام 2024 بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، بزيادة 130 ألف برميل عن توقعاتها السابقة، مشيرة إلى تحسن كبير في شهية الولايات المتحدة للنفط.
استنادا إلى أحدث التعليقات الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي، تأمل الأسواق المالية الآن في إمكانية خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر مارس. وقد أدى هذا الاحتمال وحده إلى ارتفاع متواضع في أسعار النفط، وذلك ببساطة عن طريق إضعاف الدولار وجعل المنتجات النفطية المقومة به أكثر جاذبية.
هل يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة؟ وما عواقب ذلك على النفط؟
بينما تضع الولايات المتحدة عينها على خفض أسعار الفائدة في عام 2024 مع هدوء التضخم، فإن الصورة تبدو أكثر تعقيدا بالنسبة لباقي الاقتصادات الكبرى، لا تزال منطقة اليورو والمملكة المتحدة تواجهان فترات طويلة من ارتفاع تكاليف الاقتراض في محاولتهما لكبح جماح الأسعار، مما يجعل مشهد السياسة النقدية المستقبلي أقل وضوحا بل وأكثر تنوعا عما كان عليه في السابق.
الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لأسواق الطاقة هو استمرار الصين في الانكماش، حيث يبدو أن بكين غير راغبة أو غير قادرة على إطلاق حزمة التحفيز الضخمة التي تتوق إليها الأسواق.
لذلك، في حين يوجد قدر من التفاؤل الحذر بشأن السياسة النقدية مع دخول عام 2024، لا تزال هناك بعض الرياح المعاكسة الكبرى لأسواق النفط. كما أنه من المحتمل أن يكون المستثمرون متسرعين في رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأمريكية. يمكن أن يكون القضاء على التضخم صعبًا للغاية، وعرضة للانتكاس حتى عندما يبدو أنه يتلاشى.
على الرغم من عدم ترجيح حدوث انخفاض في أسعار النفط الخام إلى ما دون أدنى مستوياتها الأخيرة في الأشهر الثلاثة المقبلة، فمن غير المرجح أيضا أن تعود إلى ارتفاعات عام 2023.
تقلب أسعار النفط في يناير: تراجع طفيف، وفرص للشراء
بينما بدأ الحديث عن بوادر إيجابية لسوق النفط في 2024، يحذر المحللون من أن شهر يناير قد يشهد تقلبات كبيرة تستحق المتابعة والحذر. فالمسار نحو ارتفاع الأسعار لن يكون سلسًا، بل قد تعقبها تراجعات قصيرة لبناء الزخم اللازم.
إحدى نقاط الحساسية الرئيسية هي مستوى 75 دولارًا للبرميل. يرى المحللون أن تخطيه بنجاح إلى الأعلى قد يمهد الطريق للوصول إلى 79 دولارًا، وهي منطقة مقاومة أخرى تستحق المراقبة.
لكن إلى جانب العوامل الفنية، تلعب التوقعات السياسية والاقتصادية دورا بارزا أيضا. فخفض الفائدة المحتمل من الاحتياطي الفيدرالي في 2024 يحمل مؤشرا إيجابيا للنفط. فمع تدفق المزيد من الأموال إلى الاقتصاد، يمكن أن ترتفع الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي الطلب على النفط.
علاوة على ذلك، يرجح المحللون أن منظمة أوبك لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انخفاض الأسعار الكبير في النصف الثاني من 2023. لذا، فمن المرجح أن تشهد الأشهر القادمة تخفيضات جديدة في الإنتاج من المنظمة.
إذن، ما الخلاصة؟ يرى الخبراء أن استراتيجية “الشراء عند الانخفاضات” ستسود سوق النفط في يناير، لكن مع تحمّل حركات أسعار متقلبة وغير مستقرة.
اقرأ أيضا…