مراجعة عام 2023 وتوقعات 2024 لزوج اليورو دولار
شهد عام 2023 تحركات مثيرة بين اليورو والدولار الأمريكي (EUR/USD) تحكمت بها بشكل أساسي تغييرات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبدأ الزوج العام عند 1.0600 تقريبا، ووصل إلى أعلى مستوياته عند 1.1275 في يوليو. في تلك اللحظة، بدأ المتداولون بالقلق بشأن المزيد من رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
أدت هذه المخاوف إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات. إذ وصل عائد سندات الخزانة لأجل عامين إلى 5.26% في ذروته، بينما وصل عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى 5.02%، وعززت عوائد الخزانة المرتفعة الطلب على الدولار الأمريكي ودفعت زوج اليورو دولار نحو 1.0450.
خلال الربع الأخير من عام 2023، بدأ المتداولون في الاستعداد لسياسة نقدية أكثر تيسيرا من قبل الاحتياطي الفيدرالي. في ديسمبر، اتخذت لهجة الاحتياطي الفيدرالي منحنى تراجعيا، وركز المتداولون على احتمالية خفض أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2024. دفعت هذه التوقعات زوج اليورو دولار نحو أعلى مستوياته الأخيرة عند 1.1139.
من وجهة نظر عامة، تحرك زوج اليورو دولار في نطاق معين، لذلك كانت استراتيجية شراء الانخفاضات وبيع الارتفاعات ناجحة للمتداولين.
التوقعات الاقتصادية في منطقة اليورو والولايات المتحدة
تظل البيانات الاقتصادية من منطقة اليورو مخيبة للآمال. وفقًا لقراءات سريعة لمؤشرات مديري المشتريات في منطقة اليورو، انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لمنطقة اليورو من 44.6 في نوفمبر إلى 44.1 في ديسمبر، بينما انخفض مؤشر مديري المشتريات للخدمات من 48.7 إلى 48.1. تشير الأرقام أقل من 50 إلى تراجع.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 1.2% في عام 2024، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التوقعات واقعية حيث قطاع التصنيع تحت ضغط كبير.
في الولايات المتحدة، البيانات الاقتصادية أكثر تفاؤلًا. انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي من 50.5 في نوفمبر إلى 49.0 في ديسمبر، لكن مؤشر مديري المشتريات للخدمات ارتفع من 50.8 إلى 51.3. يواصل قطاع الخدمات القوي تقديم دعم مادي للاقتصاد الأمريكي.
في عام 2024، من المتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، ويبدو أن الولايات المتحدة ستتجنب الركود الاقتصادي على الرغم من التوقعات القاتمة من أوائل عام 2023. بشكل عام، يعتبر الاقتصاد الأمريكي في وضع أفضل مقارنة بالاقتصاد الأوروبي.
السياسات النقدية والبنوك المركزية
تشير أداة FedWatch Tool إلى وجود احتمال بنسبة 70.1% أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس في مارس 2024. ومن المتوقع أن ينخفض سعر الفائدة الفيدرالية من النطاق الحالي 525-550 نقطة أساس إلى 375-400 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2024.
أدت توقعات خفض أسعار الفائدة العدوانية هذه إلى الضغط على الدولار الأمريكي في الأشهر الأخيرة. في حال رأى المستثمرون أن التضخم لا يتجه نحو الانخفاض بوتيرة قوية، ستتغير هذه التوقعات، مما يضع ضغطا على زوج اليورو دولار.
من المتوقع أيضا أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة في عام 2024. ومع ذلك، ترى الأسواق أن البنك المركزي الأوروبي يفضل الانتظار حتى النصف الثاني من العام قبل البدء في خفض أسعار الفائدة. تعتبر هذه التوقعات إيجابية بالنسبة لزوج اليورو دولار حيث من المتوقع أن يبدأ يبدأ الفيدرالي الأمريكي بخفض المعدلات قبل البنك المركزي الأوروبي.
وأيضا لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت البيانات الاقتصادية الضعيفة سيكون لها أي تأثير على اتخاذ قرار البنك المركزي الأوروبي، حيث يبدو أنه قلق من أن يؤدي خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر إلى عودة التضخم.
قلق انتخابي أمريكي ودببة روسية ترسم مصير اليورو أمام الدولار
تسيطر الانتخابات الرئاسية الأمريكية على اهتمام المتداولين في سوق تداول زوج اليورو دولار طوال عام 2024، حيث يتوقع أن تلقي بظلالها على كافة الأحداث السياسية والاقتصادية الأخرى. فعلى الرغم من موعد إجرائها المقرر في نوفمبر 2024، سيشعر السوق بتأثير السباق الرئاسي طوال العام.
سيكون التوافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على أي قضية أمرا صعبا في 2024، إذ سترتبط قراراتهم بنتائج الانتخابات القادمة. لذلك، نتوقع محاولات اللحظات الأخيرة لتجنب إغلاق الحكومة وغيرها من الدراما التي ستؤدي إلى تقلبات في تداول اليورودولار.
التوترات الجيوسياسية واليورو دولار
أي تصعيد إضافي للنزاع قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأوروبي ويزيد الضغط على اليورو. لكن الأخبار السارة للاعبي صعود اليورو هي أن التصعيد يعني نوعاً من الصراع المباشر بين الناتو وروسيا، وهو سيناريو منخفض الاحتمالية.
فيما يتعلق بالتجارة العالمية، تتركز الأنظار على صراع إسرائيل وحماس. ويواصل الحوثيون مهاجمة السفن، لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الهجمات ستؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الإمدادات. تعتمد أوروبا بشكل أكبر على طريق قناة السويس، لذلك سيؤدي أي تصعيد إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الأوروبي.
بشكل عام، تمثل السيناريوهات الجيوسياسية المختلفة مخاطر أكبر لأوروبا مقارنة بالولايات المتحدة في عام 2024. قد تحد هذه المخاطر من صعود زوج اليورو دولار في حال بدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض معدلات الفائدة بشكل كبير، حيث سيركز المتداولون أيضاً على مشاكل الاقتصاد الأوروبي.
يبقى الشعور العام بالسوق حاليا متراجعا تجاه الدولار الأمريكي بسبب توقعات بخفض معدلات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، فإن أي تغييرات في توقعات سياسة الاحتياطي الفيدرالي سيكون لها تأثير كبير على تحركات زوج اليورو دولار.
ومن المثير للاهتمام أن مشاكل الاقتصاد الأوروبي والمخاطر الجيوسياسية التي تواجهها منطقة اليورو، بما في ذلك التصعيد المحتمل للنزاع في البحر الأحمر، يتجاهلها المتداولون إلى حد كبير الذين يعتقدون أن البنك المركزي الأوروبي لن يسارع إلى خفض معدلات الفائدة.
رؤية فنية لليورو الدولار
بالنظر إلى الرسم البياني الأسبوعي، يتجه زوج اليورو دولار نحو المتوسط المتحرك 200 بالقرب من مستوى 1.1200. وسيعد تجاوز الزوج للمتوسط المتحرك 200 إشارة إلى استعداد اليورو دولار لاكتساب المزيد من الزخم الصاعد.
من منظور الصورة الشاملة، يتجه زوج اليورو دولار نحو الطرف العلوي للقناة طويلة الأجل. وبما أن الاحتياطي الفيدرالي من المحتمل أن يخفض معدلات الفائدة بشكل أسرع من البنك المركزي الأوروبي، فإن زوج اليورو دولار قد يتجه نحو الطرف العلوي لهذه القناة. فعلى سبيل المثال، يبدو اختبار مستوى 1.1500 أمرا معقولا.
وفي الوقت نفسه، يبقى من غير الواضح ما إذا كان زوج اليورو دولار سيتمكن من الخروج عن هذا الاتجاه طويل الأجل وتأسيس اتجاه صعودي جديد بالنظر إلى مشاكل الاقتصاد الأوروبي.
اقرأ أيضا…