تراجع الدولار الأمريكي عند أدنى مستوى في 5 أسابيع

يواصل الدولار الأمريكي تراجعه الأخير، موسعاً نطاق ضعفه مع ترقب المستثمرين على نطاق واسع لقرار وشيك بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل. يأتي هذا الضعف بالتزامن مع ارتفاع الين الياباني إلى أعلى مستوياته في أسبوعين ونصف، مدعوماً بتوقعات رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة خلال هذا الشهر. الأسواق الآن تولي اهتماماً كبيراً لاجتماع الفيدرالي، ليس فقط لقرار خفض الفائدة، ولكن لاستخلاص الإشارات حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية.
ضغوط الخفض تتفاقم رغم تماسك سوق العمل
تشير بيانات مجموعة بورصات لندن (LSEG) إلى أن المتداولين يسعرون احتمالية تقارب 90% لخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة أساس في اجتماع الأسبوع المقبل. ويُعزى هذا التوقع جزئياً إلى تصريحات المحللين. وفي هذا السياق، علّق كارل شاموتا، كبير استراتيجيي السوق في كورباي، قائلاً: “يضاعف المتداولون رهاناتهم على أن الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة وسيمتنع عن تقديم رسالة متشددة صريحة في اجتماع الأسبوع المقبل.”
وعلى الرغم من صدور بيانات سوق العمل الأمريكية يوم الخميس الماضي، والتي أظهرت تراجع طلبات إعانة البطالة الجديدة إلى أدنى مستوى لها في أكثر من ثلاث سنوات، مما خفف من المخاوف بشأن تدهور حاد في أوضاع سوق العمل، إلا أن تماسك بيانات التوظيف لم يغير التوقعات بخفض الفائدة من الفيدرالي. وهذا يؤكد أن ثقة السوق في تحول السياسة النقدية باتت راسخة.
مؤشر الدولار يواصل تراجعة للاسبوع الخامس على التوالي
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.1% ليصل إلى 98.832، مسجلاً بذلك يومه العاشر على التوالي من الانخفاض. ويحوم المؤشر بالقرب من أدنى مستوى له في خمسة أسابيع، ومسجلاً تراجعاً إجمالياً يقارب 9% منذ بداية العام.
ومما زاد الضغط على الدولار الأمريكي في الأيام الأخيرة هو ترجيح المستثمرين احتمال تولي كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، منصب رئيس الفيدرالي بعد انتهاء ولاية جيروم باول في مايو. ويُتوقع أن يدفع هاسيت نحو المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، ما يتماشى مع رغبات الرئيس دونالد ترامب. وقد أشار محللون إلى أن تعيين هاسيت قد يضغط على قيمة الدولار الأمريكي، خاصة مع مخاوف عبر عنها مستثمرو السندات لوزارة الخزانة الأمريكية من أن هاسيت قد يخفض الأسعار بقوة، وفقاً لتقرير الفاينانشال تايمز.
يضاف إلى ذلك، دور العوامل الموسمية، حيث أشار شاموتا إلى أن “الدولار غالباً ما ينخفض تاريخياً مع اقتراب نهاية العام، وقد أضاف الارتفاع المتواضع للين وقوداً لهذه الحركة.”
انتعاش الين الياباني واستفادة العملات الأوروبية
في المقابل، انتعش الين الياباني بنسبة 0.4% ليسجل 154.7 يناً مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له منذ 17 نوفمبر، وسط توقعات بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر هذا الشهر. وقد صرح ثلاثة مسؤولين حكوميين لوكالة رويترز بأن بنك اليابان من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة في ديسمبر.
ومع ذلك، يرى تشيدو نارايانان، رئيس استراتيجية الماكرو في آسيا والمحيط الهادئ لدى ويلز فارجو، أن “الحذر المستمر من بنك اليابان، وجاذبية العائد على مراكز الشراء الطويلة للدولار/الين، والضغط الصعودي المستمر على عوائد السندات الحكومية اليابانية، من المرجح أن يبقي الضغط على ضعف الين قائماً على المدى الطويل.”
في سوق العملات الأوروبية، ارتفع اليورو بأقل من 0.1% ليبلغ 1.1668 دولار، ليحوم بالقرب من أقوى مستوياته منذ 17 أكتوبر، بعد أن أظهرت البيانات توسع النشاط التجاري في منطقة اليورو بأسرع وتيرة له في 30 شهراً خلال نوفمبر. كما ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.2% إلى 1.338 دولار، مقترباً من أعلى نقطة له منذ 24 أكتوبر، بعد مراجعة صعودية لبيانات النشاط التجاري رسمت صورة أكثر إشراقاً للاقتصاد البريطاني.
ختاما يتضح أن الدولار الأمريكي يواجه رياحاً معاكسة متعددة، أبرزها التوقعات الثابتة لخفض الفائدة من قبل الفيدرالي، مدعومة بعوامل سياسية وموسمية. وفي حين يجد الين دعماً مؤقتاً من توقعات بنك اليابان المتشددة، فإن العملات الأوروبية تستفيد من البيانات الاقتصادية الإيجابية. سيبقى تركيز السوق منصباً على رسالة الفيدرالي الأسبوع المقبل لتحديد ما إذا كان هذا الضعف الحالي للدولار مجرد تراجع مؤقت أم بداية لاتجاه هبوطي أطول.
اقرأ أيضا…



