الدولار الأمريكي يتراجع للمرة التاسعة على التوالي وسط رهانات متزايدة لخفض الفائدة

يتجه الدولار الأمريكي نحو تسجيل تراجعه التاسع على التوالي يوم الأربعاء، وهو أطول مسار انخفاض له مؤخراً، حيث كثّف المتداولون رهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (Fed). جاء هذا التحول مدفوعاً ببيانات اقتصادية أمريكية وأجواء عامة تميل نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً. وقد هبط مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.37% ليصل إلى 98.954، وهو أدنى مستوى له منذ 29 أكتوبر.
توقعات الفيدرالي وقضية “رئيس الظل”
تعززت التوقعات المتفائلة بخصوص خفض الفائدة الأسبوع الماضي بعد تصريحات محافظ الفيدرالي كريستوفر وولر، الذي أشار إلى أن سوق العمل ضعيف بما يكفي لتبرير خفض آخر بمقدار ربع نقطة في ديسمبر. تزامنت هذه التطورات مع ترشح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، كمرشح قوي لمنصب رئيس الفيدرالي القادم.
وبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته تسمية اختياره لمنصب رئيس الفيدرالي في أوائل عام 2026، حذرت كريستينا هوبر، كبيرة استراتيجيي السوق في مجموعة مان، من أن هذا الإعلان المبكر قد يؤدي إلى ظهور “رئيس ظل للفيدرالي”. وأشارت إلى أن هذا الوضع قد يعقّد قدرة البنك المركزي على توصيل سياسته النقدية بوضوح، مما يخلق حالة من الارتباك في الأسواق في وقت هي بأمس الحاجة فيه إلى الوضوح.
ومع ذلك، تظل ثقة المشاركين في السوق عالية في استقلالية الفيدرالي وقدرته على السيطرة على التضخم. فوفقاً لأتاكان باكيسكان، الاقتصادي الأمريكي في بيرنبرغ، بقي علاوة الأجل (Term Premium) لعائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات دون تغيير إلى حد كبير منذ بداية العام، واستمرت توقعات التضخم طويلة الأجل في التماسك، مما يشير إلى العودة النهائية نحو هدف التضخم البالغ 2%.
تزايد رهانات خفض سعر الدولار الأمريكي يدفع اليورو والبيتكوين للصعود
تشير أداة FedWatch الخاصة بمجموعة CME إلى أن الأسواق قد سعّرت احتمالاً لخفض سعر الفائدة هذا الشهر بنسبة 89% يوم الأربعاء، بعد أن كان هذا الاحتمال لا يتجاوز 30% في 19 نوفمبر. هذا التوقع القوي لسياسة نقدية تيسيرية أثر بشكل مباشر على العملات الأخرى والعملات المشفرة:
- صعود اليورو: ارتفع اليورو بنسبة 0.34% ليصل إلى 1.1667 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 28 أكتوبر. بالرغم من أن تحسن التوقعات حول الدولار الأمريكي كان الدافع الرئيسي، إلا أن تقدم محادثات السلام في أوكرانيا ساهم أيضاً في دعم العملة الأوروبية، حيث يمكن أن يعزز ذلك أمن الطاقة ويقلل من التكاليف الاقتصادية في المنطقة.
- انتعاش بيتكوين (Bitcoin): ارتفعت العملة المشفرة الأكبر من حيث القيمة السوقية إلى أعلى مستوى لها في أسبوعين، مسجلة 93,965.64 دولاراً. يرى الخبراء أن هذا الارتداد مدعوم بالتحيز التيسيري المحتمل في الفيدرالي، حيث يُنظر إلى مرشح الرئاسة المحتمل، كيفن هاسيت، على أنه أكثر ارتياحاً للظروف المالية الأكثر مرونة، وهو ما يدعم عادةً الأصول ذات المخاطر العالية مثل العملات المشفرة.
الين الياباني على أعتاب منطقة التدخل
في آسيا، تراجع الدولار الأمريكي بنسبة 0.32% مقابل الين الياباني ليصل إلى 155.39، بعد أن سجل ارتفاعاً طفيفاً في اليوم السابق. جاء ذلك بعد أن قدم محافظ بنك اليابان كازو أويدا أقوى إشارة حتى الآن لرفع سعر الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر. ومع ذلك، يرى محللون أن الارتفاع المبكر لسعر الفائدة من بنك اليابان قد لا يكون كافياً لعكس الاتجاه العام لضعف الين.
يشير الخبراء إلى أن الين قد يحتاج إلى تدخل مباشر إذا استمر في التراجع، خاصة مع توقعات بضغط من واشنطن ضد أي انزلاق للين نحو مستوى 160.00 أو تجاوزه، وهو ما يجعل التدخل مرجحاً حول هذا المستوى.
تترقب الأسواق اليوم بيانات هامة، بما في ذلك تقرير ADP الوطني للتوظيف ومؤشر مديري المشتريات (PMI) لقطاع الخدمات من معهد إدارة التوريد (ISM)، والتي ستقدم مزيداً من الوضوح حول صحة الاقتصاد الأمريكي وتوجهات السياسة النقدية المستقبلية التي ستحدد مسار الدولار الأمريكي للفترة القادمة.
اقرأ أيضا…



