البيتكوين تحت الضغط: الأسباب الخفية وراء استئناف موجة البيع الحادة
استأنفت العملات المشفرة موجة البيع الحادة، مسجلة تراجعاً قوياً في أسعار البيتكوين والإيثريوم وغيرهما من الأصول الرقمية. ويأتي هذا الانخفاض الأخير مدفوعاً بمزيج من عمليات التصفية الضخمة والمخاوف الكلية التي تهيمن على أسواق المخاطرة العالمية.
في التعاملات الأخيرة، شهدت عملة البيتكوين تراجعاً بنسبة تقارب 8% لتصل إلى نحو 84,305.26 دولاراً، بينما انخفضت الإيثريوم بنحو 10% إلى 2,732.22 دولاراً، مع تسجيل عملة سولانا (Solana) تراجعاً مماثلاً بنحو 10% عند مستوى 124 دولاراً. هذا التراجع لا يعكس حالة العملات المشفرة فحسب، بل يتوافق مع مشاعر “العزوف عن المخاطرة” الأوسع التي سادت الأسواق العالمية مع بداية الشهر الجديد.
الرافعة المالية المفرطة: المحرك الرئيسي لتصفية المراكز
يُعتبر الارتفاع المفرط في مستويات الرافعة المالية في بورصات المشتقات أحد الأسباب الأكثر إلحاحاً وراء هذا الانخفاض. وقد أشار بن إيمونز، المؤسس وكبير مسؤولي الاستثمار في “فيدواتش أدفايزرز”، إلى أن المستثمرين لا يزالون “قلقين” بعد موجة البيع الأخيرة، موضحاً أن التراجع الذي حدث مؤخراً يُعزى بشكل واسع إلى تصفية مراكز بقيمة 400 مليون دولار.
وتزداد الخطورة عند النظر إلى حجم الرافعة المالية الضخم الموجود في بورصات البيتكوين، والذي يصل في بعض الحالات إلى 200 ضعف. ومع وجود ما يُقدر بنحو 787 مليار دولار من الرافعة المالية غير المسددة في العقود الآجلة الدائمة للعملات المشفرة، مقارنة بنحو 135 مليار دولار من الأموال المستثمرة في صناديق الاستثمار المتداولة، فإن الفجوة تشير إلى هشاشة هيكلية. ويحذر إيمونز من أن استمرار مستويات الرافعة المالية الحالية يعني أننا “قد نتوقع المزيد من عمليات التصفية إذا لم تتعافى أسعار البيتكوين من المستويات الحالية”.
العوامل الكلية والتنظيمية تزيد الضغط
لم تقتصر الضغوط على العوامل الداخلية لسوق العملات المشفرة، بل تضافرت معها عوامل خارجية أثرت على شهية المخاطرة:
- الارتباط بأسهم التكنولوجيا: أظهرت البيتكوين ارتباطاً متزايداً بمؤشرات الأسهم، وتحديداً مؤشر “ناسداك” التكنولوجي. وأشار إيمونز إلى أن تصحيح البيتكوين الأخير جاء على خلفية موجة بيع حادة في شهر أكتوبر الماضي، مما يعكس حساسية العملة تجاه حركة الأسهم عالية المخاطر.
- السياسة النقدية والمخاوف الكلية: لا تزال حالة عدم اليقين بشأن خفض محتمل لأسعار الفائدة الأمريكية تضغط على معنويات المستثمرين. كما ساهمت الشكوك حول التقييمات المبالغ فيها في أسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة تقلبات السوق.
- الضغوط الآسيوية: كان للتحذير الصادر عن بنك الشعب الصيني (PBOC) يوم السبت بشأن الأنشطة غير القانونية المتعلقة بالعملات الرقمية دور في زيادة الضغط، مما أدى إلى تراجع أسهم الشركات المرتبطة بالأصول الرقمية المدرجة في هونغ كونغ.
ضعف النشاط وحجم التداول
تشير العديد من مؤشرات البيانات إلى ضعف محتمل قصير الأجل قادم. فقد أشار زاك باندل، رئيس الأبحاث في “جراي سكيل”، إلى تراجع في الفائدة المفتوحة للعقود الآجلة الدائمة، وهو ما يدل على انخفاض في التمركزات التخمينية والرافعة المالية في السوق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف أحجام التداول النسبية في كل من البورصات المركزية واللامركزية قد يشير إلى “انحسار في نشاط التداول وشهية المخاطرة” بين المستثمرين، وخاصة أن التراجع يبدو مدفوعاً بشكل أساسي من قبل متداولي التجزئة، الذين يتفاعلون بشكل مختلف عن المستثمرين المؤسسيين.
ختاما إن التراجع الأخير في سعر البيتكوين ليس مجرد تصحيح عابر، بل هو نتيجة لتفاعل معقد بين الرافعة المالية المفرطة التي تتطلب التطهير، إلى جانب تزايد الارتباط بين العملات المشفرة والمخاطر الكلية في الأسواق التقليدية. ومع استمرار مستويات الرافعة المالية في الارتفاع، يظل السوق عرضة لمزيد من موجات التصفية المفاجئة.
اقرأ أيضا…
