أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تسجل أعلى مستوى في ستة أسابيع والفضة تقفز إلى مستوى قياسي

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً يوم الإثنين، لتسجل أعلى مستوى لها في ستة أسابيع، مدفوعة بتصاعد آمال المستثمرين بشأن احتمال خفض أسعار الفائدة الأمريكية في وقت لاحق من هذا الشهر، بالإضافة إلى التوقعات بتعيين قيادة “مُيسرة” جديدة للاحتياطي الفيدرالي. وفي ظل هذه التطورات، حققت الفضة قفزة قوية لتصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق، مما يؤكد الزخم الإيجابي للمعادن الثمينة والتحول في معنويات السوق العالمية نحو الأصول التي لا تدر عائداً.

تم تداول سعر الذهب الفوري بارتفاع بلغت نسبته 0.3% ليصل إلى 4,241.21 دولار للأونصة الواحدة حتى الساعة 08:55 بتوقيت غرينتش، وهو أعلى مستوى تسجله أسعار الذهب منذ 21 أكتوبر. وقد جاء هذا الارتفاع ليؤكد تجاوز المعدن الأصفر لمرحلة التردد التي سادت الأسابيع الماضية، معززاً مكانته كملاذ آمن. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم ديسمبر بنسبة 0.5% إلى 4,275.40 دولار.

أما الفضة، فقد سجلت ارتفاعاً لافتاً بنسبة 1.3% لتصل إلى 57.12 دولار للأونصة، بعد أن لامست في وقت سابق أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 57.86 دولار. ويشير وصول الفضة إلى قمة تاريخية إلى أن جاذبيتها لم تعد مرتبطة بالذهب فحسب، بل بدأت تستمد قوة إضافية من العوامل الصناعية الخاصة بها.

آمال خفض الفائدة وانخفاض تكلفة الفرصة البديلة تدعم أسعار الذهب

يُعزى هذا الزخم القوي في السوق إلى تغير في توقعات السوق حول مسار السياسة النقدية الأمريكية. حيث ازدادت رهانات المتداولين في الأسابيع الأخيرة على خفض سعر الفائدة في ديسمبر، بعد صدور بيانات اقتصادية أمريكية “أكثر ليونة” وتصريحات “مُيسرة” من قبل صانعي السياسة، بمن فيهم محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والار ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز. وتضمنت هذه البيانات مؤشرات على تباطؤ نسبي في معدلات التضخم وتراجع ضغوط سوق العمل، مما يمنح البنك المركزي الأمريكي مساحة للمناورة.

وتُسعّر الأسواق الآن فرصة بنسبة 88% لخفض سعر الفائدة، وفقاً لأداة “فيد ووتش” التابعة لبورصة شيكاغو التجارية (CME). وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض تكاليف الاقتراض يدعم عادةً الذهب، الذي لا يدر عائداً، وذلك عن طريق خفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب. ففي بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، توفر السندات والأدوات المالية الأخرى عوائد مغرية مضمونة؛ وعندما تنخفض هذه الفوائد، يقل جاذبية الاحتفاظ بالدولار وتتجه رؤوس الأموال إلى الأصول الملاذ التي تحافظ على قيمتها، ومن هنا تزداد جاذبية أسعار الذهب.

لم يعد ارتفاع الفضة مجرد انعكاس لحركة الذهب، بل إنه يستفيد من عامل مزدوج، وفقاً لما أفاد جيوفاني ستونوفو، محلل لدى بنك UBS. فالتحركات الصعودية التي تشهدها أسعار الذهب تنعكس إيجاباً على الفضة نظراً لدورها كمعيار نقدي، لكن الفضة تمتلك محفزاً إضافياً بالغ الأهمية يتمثل في الطلب الصناعي المتنامي. يُعد المعدن الأبيض مكوناً أساسياً في قطاعات التكنولوجيا النظيفة، مثل الخلايا الشمسية الكهروضوئية (Solar PV)، والإلكترونيات عالية التقنية. وتأتي التوقعات بتحسن الطلب الصناعي في العام المقبل مدعومة بالتحول العالمي المتسارع نحو الطاقة الخضراء وزيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية التكنولوجية.

ضعف الدولار وتوقعات رئاسة الفيدرالي

في سياق متصل، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في أسبوعين، مما يجعل شراء الذهب المقوم بالعملة الخضراء أرخص لحاملي العملات الأخرى، ما يعزز من جاذبية أسعار الذهب للمستثمرين في الأسواق الناشئة وحول العالم.

وفيما يتعلق بقيادة الاحتياطي الفيدرالي، أشارت التوقعات إلى احتمال تعيين شخصية “مُيسرة” (Dove)، وهي شخصية تفضل أسعار الفائدة المنخفضة لدعم النمو الاقتصادي، بدلاً من شخصية “مُتشددة” (Hawk) التي تعطي الأولوية لمكافحة التضخم عبر رفع الفائدة. هذا التحول المحتمل في القيادة، كما أشار إليه المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت، الذي أعرب عن استعداده لخدمة كرئيس جديد، يدعم التوقعات باستمرار السياسة النقدية الداعمة للمعادن الثمينة. ومن المرجح أن يتم الإعلان عن الرئيس الجديد قبل عيد الميلاد، بحسب وزير الخزانة سكوت بيسنت.

التوقعات المستقبلية للمعادن الثمينة والبيانات المرتقبة

يتوقع محللو UBS استمرار الزخم الصعودي، حيث يرون أن أسعار الذهب مرشحة للارتفاع بقوة لتصل إلى 4,500 دولار للأونصة العام المقبل، وأن تتجاوز سعر الفضة حاجز الـ 60 دولاراً للأونصة. وتعكس هذه التوقعات ليس فقط تراجع أسعار الفائدة، ولكن أيضاً حالة عدم اليقين الجيوسياسي التي غالباً ما تدفع الاستثمار نحو الملاذات الآمنة.

ومن بين المعادن الثمينة الأخرى التي سجلت مكاسب:

  • البلاتين: ارتفع بنسبة 0.5% ليصل إلى 1,680.75 دولار، مدعوماً بزيادة محتملة في الطلب على المحولات الحفازة.
  • البلاديوم: سجل مكاسب بنسبة 0.2% ليصل إلى 1,452.97 دولار، رغم استمرار التقلبات المتعلقة بالطلب على السيارات.

في الختام، تترقب الأسواق الآن تقرير ADP للتوظيف في نوفمبر، المقرر صدوره يوم الأربعاء، للحصول على إشارات مبكرة حول صحة سوق العمل الأمريكي. والأهم من ذلك، يترقب المستثمرون أرقام نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية (Core PCE) لشهر سبتمبر يوم الجمعة، والتي تُعد مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي. ستلعب هذه البيانات دوراً حاسماً في تحديد الاتجاهات القادمة لأسعار الذهب والمعادن الثمينة، حيث سيؤكد أي ضعف فيها مسار خفض الفائدة الذي يراهن عليه المتداولون حالياً.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى