أسعار النفط: برنت يرتفع وسط ضبابية أوكرانيا وتوقف مفاجئ لتداولات خام غرب تكساس

شهدت أسعار النفط الخام تحركات متباينة يوم الجمعة، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت مدعومة بتصاعد المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن محادثات السلام المتعثرة بين روسيا وأوكرانيا. وفي المقابل، تجمدت تداولات العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط (WTI) بعد عطل مفاجئ ومؤثر في أنظمة التشغيل، فيما يترقب المتعاملون نتائج اجتماع “أوبك+” يوم الأحد للحصول على مؤشرات حول مستويات الإنتاج المستقبلية في بداية الربع الجديد. تأتي هذه التحركات وسط ضغوط بيعية واسعة تدفع الخامين لتسجيل أطول سلسلة خسائر شهرية في السنوات الأخيرة.
خام برنت يرتفع بدعم من الغموض الجيوسياسي ورهان المخاطر
واصلت أسعار النفط لبرنت ارتفاعها الطفيف، حيث سجلت العقود الآجلة لشهر يناير (التي تنتهي يوم الجمعة) زيادة بنسبة 0.4% لتصل إلى 63.60 دولارًا للبرميل، بينما وصل عقد فبراير الأكثر نشاطاً إلى 63.10 دولارًا. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى استمرار حالة عدم اليقين المحيطة بمحادثات السلام بين كييف وموسكو، والتي تمثل العامل الأكبر في إبقاء “علاوة المخاطرة” الجيوسياسية قائمة في السوق. فكلما طال أمد المفاوضات، زاد احتمال بقاء العقوبات الغربية المفروضة على قطاع الطاقة الروسي، واستمرار اضطرابات الإمدادات.
وفي هذا السياق، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن مسودة مقترحات السلام التي نوقشت قد تشكل أساساً لاتفاقيات مستقبلية لإنهاء الصراع، لكنه أكد استمرار القتال في حال فشل التوصل لاتفاق. هذا الموقف المزدوج يغذي حيرة السوق. ووفقاً للمحلل جون إيفانز من “PVM Oil Associates”، فإن السوق محصورة بين عدم وجود إعفاء فوري للعقوبات المفروضة على روسيا، ووجود بصيص أمل في التوصل إلى تسوية مستقبلية، مهما كانت المفاوضات بطيئة. هذا التوتر المستمر يوفر دعماً مؤقتاً لأسعار النفط ويمنعها من الانزلاق الحاد الذي شهدته في وقت سابق من الأسبوع عندما ظهرت بوادر سلام أولية.
توقف التداول في خام غرب تكساس WTI بسبب عطل تقني
على النقيض من خام برنت، تجمدت تداولات خام غرب تكساس الوسيط (WTI) عند مستوى 59.08 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بنسبة 0.73%. وقد أدى هذا التجميد المفاجئ إلى تعطيل آلية اكتشاف الأسعار للعقد القياسي الأمريكي. جاء ذلك بسبب عطل تقني في نظام التشغيل لدى مشغل بورصة “CME Group”، الذي يعد أكبر مشغل للعقود الآجلة للسلع في العالم.
وقد أبلغت “CME” المتعاملين بحدوث التوقف قبل الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش بقليل نتيجة لمشكلة في التبريد بمراكز بياناتها الرئيسية (CyrusOne)، مما أثر على تداول جميع العقود الآجلة والخيارات في منصة “Globex” الحيوية. ويُضاف هذا التوقف إلى عدم وجود تسوية رسمية يوم الخميس بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة، مما خلق فجوة كبيرة في سيولة وتسعير عقود WTI، بينما ظل خام برنت، الذي يتم تداوله على بورصة إنتركونتيننتال (ICE)، بمنأى عن هذا الاضطراب.
التوقعات المستقبلية واجتماع أوبك+ في مواجهة الفائض القادم
تتجه أسعار النفط لكلا العقدين الرئيسيين (برنت وWTI) لتسجيل رابع خسارة شهرية على التوالي، وهي أطول سلسلة خسائر منذ عام 2023. ويعكس هذا الاتجاه السلبي هيمنة التوقعات بزيادة المعروض العالمي من الخام، مدعومة باستمرار الإنتاج القوي من دول خارج تحالف “أوبك+” وتخفيف القيود اللوجستية.
ورغم أن قوة هوامش التكرير خارج موسم الذروة حافظت على طلب قوي في بعض المناطق، لا سيما بالنسبة للمنتجات المكررة كوقود الديزل، إلا أن التأثير الهبوطي للفائض النفطي القادم يضغط على الأسعار، بحسب يانيف شاه، المحلل لدى “Rystad”، الذي يرى أن العرض المتزايد هو العامل الأقوى في الوقت الحالي.
وفيما يخص جانب العرض، من المرجح أن تبقي مجموعة “أوبك+” على مستويات إنتاجها دون تغيير خلال اجتماعها القادم يوم الأحد. ويُعتقد أن المجموعة تفضل الحفاظ على استقرار السوق وتجنب أي قرارات متسرعة في ظل الغموض الاقتصادي العالمي. كما ستتفق المجموعة على آلية لتقييم الحد الأقصى للطاقة الإنتاجية للأعضاء، وفقًا لمصادر مطلعة، وهي خطوة تهدف إلى تحسين الشفافية والالتزام بالحصص المستقبلية.
في مؤشر إضافي على ضغوط السوق، من المتوقع أن تخفض المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، سعر البيع الرسمي لخامها إلى المشترين الآسيويين لشهر يناير للمرة الثانية على التوالي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات. ويعكس هذا التخفيض، الذي يأتي تحت وطأة وفرة الإمدادات وتوقعات الفائض، تنافسية المملكة الشديدة في السوق الآسيوية، حيث تسعى للحفاظ على حصتها السوقية في مواجهة المنافسين.
يشير الأداء الحالي لأسعار النفط إلى توازن دقيق بين المخاطر الجيوسياسية التي تدعم الأسعار على المدى القصير، والأساسيات السوقية التي تتوقع فائضاً في المعروض على المدى المتوسط، مما يعزز الاتجاه العام الهبوطي رغم المكاسب الأسبوعية الطفيفة. ويتوقع أن تظل الأسواق متقلبة لحين وضوح قرار أوبك+ وتطورات الوضع الأوكراني.
اقرأ أيضا…



