أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي يتجه نحو أكبر تراجع أسبوعي منذ أربعة أشهر

يشهد مؤشر الدولار الأمريكي تراجعاً حاداً، ليتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أربعة أشهر، مدفوعاً بتوقعات المستثمرين بحدوث المزيد من التيسير النقدي. يتم تسعير تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل الأسواق، حيث يراهن المتداولون على تخفيضات تتجاوز 90 نقطة أساس بين الآن ونهاية العام المقبل، وهو ما يقلل من جاذبية الدولار الأمريكي كعملة ذات عائد.

وتأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه الضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، مما يضيف طبقة من عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية المستقلة. ومع إغلاق الأسواق الأمريكية بمناسبة عيد الشكر، فإن انخفاض السيولة يساهم في تضخيم تحركات التداول الحالية، ما يجعل السوق عرضة للتقلبات الحادة.

لقد تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بشكل ملموس إلى 99.65، بعد أن كان قد سجل أعلى مستوى له منذ ستة أشهر قبل أسبوع واحد، وهو الآن يتجه لتسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 0.54%. هذا التباين في الأداء يدفع المحللين والمستثمرين لإعادة تقييم مخصصاتهم من العملات، بحثاً عن عوائد أفضل أو ملاذات أكثر استقراراً.

توقعات الفائدة تضغط على جاذبية الدولار الأمريكي والانقسام في الآراء

يشير مارك هايفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في “UBS Global Wealth Management”، إلى أن جاذبية الدولار الأمريكي تتضاءل في ظل تراجع فروق العائد، موصياً بتفضيل اليورو والدولار الأسترالي على العملة الخضراء نظراً لارتفاع قيمته تاريخياً. ويتفق المستثمرون على أن تعيين مستشار اقتصادي يدعم خفض الفائدة، مثل كيفن هاسيت، لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي قد يكون بمثابة محفز سلبي إضافي لقيمة الدولار، حيث يشير إلى تحول محتمل نحو سياسة نقدية أكثر تساهلاً.

ومع ذلك، تظل الآراء حول آفاق الدولار الأمريكي منقسمة بشكل كبير. بينما يرى المتشائمون أن فترة استفادة أوروبا من فروقات أسعار الفائدة وتوقعات النمو قد ولّت، وأن التركيز يجب أن يتحول نحو العملات التي توفر قيمة أفضل، يشدد آخرون، مثل ثيموس فيوتاكيس من باركليز، على متانة ومرونة الاقتصاد الأمريكي كعامل رئيسي يدعم العملة في الأجل الطويل. ويجادل فيوتاكيس بأن الاقتصاد الأمريكي يواصل إظهار علامات القوة، مثل بيانات وظيفية قوية وثقة استهلاكية صامدة، مما يدعم الرأي بأن أي تيسير نقدي سيكون محدوداً وأن الدولار الأمريكي سيحافظ على دور الملاذ الآمن عالمياً.

العملات الرئيسية تتأثر بالمحادثات الجيوسياسية وتوقعات التدخل

في خضم ضعف الدولار الأمريكي، شهدت العملات الأخرى تحركات ملحوظة:

  • اليورو والفرنك السويسري: تراجع اليورو إلى 1.1581 دولار، مع ترقب الأسواق لمفاوضات محتملة حول اتفاق سلام في أوكرانيا، وهو ما قد يدعم العملة الموحدة عبر تخفيف المخاطر الجيوسياسية في المنطقة. في المقابل، قد يؤدي الاتفاق إلى الضغط على الفرنك السويسري، نظراً لدوره التاريخي كعملة ملاذ آمن تُطلب بشدة في أوقات عدم اليقين.
  • الين الياباني: ارتفع الين بنسبة 0.11% إلى 156.27 مقابل الدولار الأمريكي، مدعوماً بتغير نبرة مسؤولي بنك اليابان نحو التشدد النقدي. ويأتي هذا الارتفاع الطفيف وسط تكهنات مستمرة بإمكانية تدخل السلطات اليابانية لدعم عملتها، حيث يرى المحللون أن البيئة الحالية ذات السيولة المنخفضة قد تكون جذابة للتدخل، بالرغم من تفضيل البعض للتدخل بعد “حدث بيانات سلبي” يخص الدولار.

صعود العملات الأسترالية والنيوزيلندية يباين الدولار

في تناقض واضح مع التوقعات بخفض الفائدة في الولايات المتحدة بأكثر من 90 نقطة أساس حتى نهاية العام المقبل، تشهد عملات المنطقة الأسترالية والنيوزيلندية صعوداً قوياً:

  • الدولار النيوزيلندي: قفز إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع عند 0.5728 دولار، بعد أن أظهر البنك المركزي تحولاً نحو التشدد، مشيراً إلى أن دورة التيسير النقدي قد تكون قد انتهت. هذه التوقعات تشير إلى إمكانية رفع الفائدة بحلول ديسمبر 2026.
  • الدولار الأسترالي: يتلقى دعماً قوياً بعد تسجيل قراءة تضخم أعلى من المتوقع، مما يعزز الرأي بأن دورة التيسير النقدي في أستراليا قد انتهت أيضاً. إن مستويات الفائدة الأسترالية، التي تعتبر الأعلى بين مجموعة الدول العشر (G10)، تخلق فرقاً كبيراً في العائد مقارنة بالولايات المتحدة، مما يزيد من جاذبية الدولار الأسترالي في استراتيجيات تداول “الكاري” (Carry Trade)، ويضع ضغطاً إضافياً على الدولار الأمريكي مقابل عملات “المخاطرة”.

ختاما إن التراجع الحالي في قيمة الدولار الأمريكي يعكس تحولاً جذرياً في توقعات السياسة النقدية العالمية والمحلية، حيث تزداد رهانات التيسير في الولايات المتحدة، بينما تنهي بنوك مركزية أخرى دورات خفض الفائدة. يبقى الاهتمام منصبّاً على قرارات الاحتياطي الفيدرالي وتطورات الاقتصاد الأمريكي الذي لا يزال يظهر علامات على المرونة والقوة، مما يشعل الجدل حول ما إذا كان هذا التراجع مجرد تصحيح مؤقت أم بداية اتجاه هبوطي أوسع للعملة المهيمنة عالمياً.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى