أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تستقر ترقباً لمسار محادثات السلام والعقوبات الغربية

استقرت أسعار النفط يوم الخميس مع استمرار الموازنة بين التفاؤل الحذر بشأن محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا، وتأثير العقوبات الغربية المفروضة على الإمدادات الروسية. وتأتي هذه التطورات في ظل تداولات خفيفة نسبياً بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة.

هذا الاستقرار يُشير إلى حالة من الترقب والحذر تسود أروقة التداول، حيث يفضل المستثمرون تثبيت المراكز بدلاً من المجازفة في ظل غياب محفزات قوية جديدة. كما أن طبيعة التداولات الخفيفة المعتادة في محيط عطلة عيد الشكر الأمريكي تساهم في تقليل التقلبات الحادة، مما يعكس انتظار السوق لإشارات أوضح قبل اتخاذ اتجاه حاسم.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 9 سنتات (0.1%) لتصل إلى 63.22 دولاراً للبرميل، بينما كسبت العقود الآجلة لخام غرب تكساس (WTI) 19 سنتاً (0.3%) لتسجل 58.84 دولاراً للبرميل.

الجغرافيا السياسية تشكل توازنا دقيقاً في أسواق النفط

يعد التوتر الجيوسياسي عاملا رئيسيا ومتقلبا في تحديد مسار أسعار النفط العالمية. فمن جهة، من المقرر أن يتوجه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ومسؤولون أمريكيون كبار إلى موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع القادة الروس بشأن خطة محتملة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات في أوكرانيا.

وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، الذي وُصف بأنه الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لتمنح الأسواق بعض الأمل في استعادة الاستقرار الجيوسياسي الذي يُعد ضرورياً لتدفقات الطاقة العالمية. ومع ذلك، فإن التحذير الصادر عن الدبلوماسي الروسي، الذي أشار إلى عدم تقديم “تنازلات ضخمة” في خطة السلام، يقلل من زخم التفاؤل ويُذكّر المتعاملين بأن الطريق إلى الاتفاق لا يزال محفوفاً بالمخاطر، مما يبقي على علاوة المخاطر الجيوسياسية قائمة ضمن تسعير النفط.

وأشارت مذكرة صادرة عن بنك “باركليز” إلى أن “التقلبات الجيوسياسية مستمرة، وقد قامت آمال وقف إطلاق النار المحتمل بين روسيا وأوكرانيا بتحييد مخاوف الإمدادات الناشئة عن العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على المنتجين الروس الرئيسيين.” هذا التوازن بين التوقعات الدبلوماسية والتهديدات المستمرة للإمدادات يبقي أسعار النفط في حالة ترقب وتأهب.

سياسة “أوبك+” وتأثير قرار الاحتياطي الفيدرالي النقدي

على صعيد العرض، من المرجح أن تترك منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفاؤها (“أوبك+”) مستويات الإنتاج دون تغيير في اجتماعها القادم. ويُفسر هذا الميل للإبقاء على مستويات الإنتاج رغبة التحالف في دعم استقرار الأسعار وتجنب إغراق السوق، بالرغم من الضغوط الداخلية من بعض الأعضاء لزيادة حصتهم السوقية بعد أن رفعوا الإنتاج منذ أبريل الماضي. وقد أفادت مصادر من داخل “أوبك+” لوكالة رويترز بأن المجموعة، التي تضخ حوالي نصف نفط العالم، تميل إلى الإبقاء على السياسة الحالية.

في الوقت نفسه، كان للسياسة النقدية الأمريكية دور محوري في دعم أسعار النفط. حيث تحدّ التوقعات المتزايدة بخفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed) في ديسمبر من انخفاضات الخام. فالسياسة التيسيرية للاحتياطي الفيدرالي تخفض تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما يُحفّز النشاط الصناعي والاستثماري، وبالتالي يرفع الاستهلاك العالمي للوقود والطاقة، مما يُعد عاملاً داعماً جوهرياً للأسعار. كلما زادت احتمالية التيسير النقدي، زادت جاذبية الأصول ذات المخاطر مثل النفط، نظراً لتوقعات النمو الاقتصادي المصاحبة.

التوقعات قصيرة المدى والنطاقات السعرية

صرح كبير محللي السوق في “أواندا”، كلفن وونغ، بأن الأسواق تقترب الآن من نهاية العام بسيولة أقل، ومن دون أي محركات جديدة ما لم يفاجئ الاحتياطي الفيدرالي الأسواق بتوجيهات متشددة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في 10 ديسمبر. ويعني مصطلح “السيولة الأقل” انخفاض حجم التداول، مما قد يؤدي إلى تحركات سعرية غير متناسبة إذا حدث أي إعلان مفاجئ.

وفي هذا السياق، فإن السيناريو الوحيد الذي قد يكسر النطاق السعري المتوقع لخام غرب تكساس  (WTI) سيكون صدور توجيهات “متشددة” (Hawkish) من الاحتياطي الفيدرالي، مما يعني الإشارة إلى استمرار أسعار الفائدة مرتفعة أو رفعها، وهو ما سيضغط سلباً على توقعات النمو والطلب على الطاقة. وأضاف وونغ أن خام غرب تكساس (WTI) من المرجح أن يظل محصوراً في نطاق يتراوح بين 56.80 دولاراً و 60.40 دولاراً حتى نهاية العام. لذا، تتركز أنظار السوق بالكامل على البيانات الاقتصادية والاجتماعات النقدية لتحديد الاتجاه في الأسبوع الأخير من العام.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى