أسعار النفط تستقر مؤقتا ومخاوف فائض الإمداد تعيق الارتفاع

استقرت أسعار النفط يوم الأربعاء، بعد أن كانت قد تراجعت إلى أدنى مستوى لها في شهر خلال الجلسة السابقة. يأتي هذا الاستقرار في ظل تقييم المستثمرين لتوقعات الإمدادات المرتفعة من جهة، وتطور المحادثات المتعلقة بصفقة سلام بين روسيا وأوكرانيا من جهة أخرى، مما يشير إلى توازن هش يسيطر على سوق النفط العالمية.
وبحلول الساعة 11:35 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 13 سنتاً لتصل إلى 62.61 دولاراً للبرميل. كما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس (WTI) بمقدار 19 سنتا مسجلة 58.14 دولار. وكان كل من خام برنت وخام غرب تكساس قد أغلقا على انخفاض قدره 89 سنتا يوم الثلاثاء، مدفوعين بتصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول استعداده للتقدم في إطار عمل تدعمه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، مع بقاء نقاط خلاف قليلة.
الضغط الجيوسياسي: مفاوضات السلام وتهديد العقوبات
يمثل المسار الجيوسياسي حالياً أكبر ضغط هبوطي محتمل على أسعار النفط. وفي هذا الصدد، أشار توني سيكامور، محلل السوق لدى IG، في مذكرة للعملاء، إلى أن “إبرام الصفقة قد يؤدي إلى تفكيك سريع للعقوبات الغربية المفروضة على صادرات الطاقة الروسية”، مما قد يدفع أسعار خام غرب تكساس للانخفاض نحو مستوى 55 دولار.
وينتظر السوق المزيد من الوضوح، حيث وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممثليه للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولين أوكرانيين بشكل منفصل، بينما أفاد مسؤول أوكراني بأن زيلينسكي قد يزور الولايات المتحدة قريباً لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وفي الوقت ذاته، شددت بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة العقوبات على روسيا مؤخراً، ومن المتوقع أن تنخفض مشتريات الهند من النفط الروسي إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات في ديسمبر.
توقعات الإمدادات واستراتيجية “أوبك+”
فيما يخص جانب الإمدادات، فإن التوقعات تشير إلى أن مجموعة أوبك+ (OPEC+) ستبقي على مستويات الإنتاج دون تغيير في اجتماعها المقرر يوم الأحد، وفقاً لما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز يوم الثلاثاء. هذا القرار المحتمل من شأنه أن يدعم أسعار النفط مؤقتاً، لكن المحللين يرون أن الضغوط الأساسية تتجه نحو الانخفاض.
وأوضحت بريانكا ساتشديفا، محللة في “فيليب نوفا”، أن “السوق لا تزال منحازة بشكل أساسي للجانب السلبي، حيث يتوقع المستثمرون بشكل متزايد فائضاً في الإمدادات لعام 2026، ولا يوجد حافز مقنع للطلب لتعويض ذلك”.
وعلى صعيد البنية التحتية، استأنفت هيئة “اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين” (CPC) تحميل النفط خلال الليل، بعد تعليق العمليات إثر هجوم بطائرة أوكرانية مسيرة في وقت سابق من الأسبوع. أما في الولايات المتحدة، أشارت أرقام معهد البترول الأمريكي (API) إلى انخفاض مخزونات النفط الخام الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات الوقود، ومن المقرر صدور بيانات المخزون الرسمية من إدارة معلومات الطاقة (EIA) في وقت لاحق اليوم.
الخلاصة: مفترق طرق يحدد مصير أسعار النفط
تجد أسعار النفط نفسها عند مفترق طرق حاسم، تتأرجح بين عاملين رئيسيين: ضغط جيوسياسي قد يحرر كميات ضخمة من النفط الروسي إلى السوق، وتوقعات بوجود وفرة في المعروض على المدى المتوسط، لا سيما في عام 2026. في غياب محفزات قوية للطلب، يبقى الخطر الأكبر هو استمرار التراجع ما لم تتعثر محادثات السلام الروسية-الأوكرانية. يجب مراقبة نتائج اجتماع أوبك+ وبيانات المخزون الرسمية للحصول على إشارات أكثر دقة حول الاتجاه المستقبلي.
اقرأ أيضا…



