أسعار الذهب تسجل أعلى مستوى في أسبوعين مدعومة بتزايد رهانات خفض الفائدة الأمريكية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً لتصل إلى أعلى مستوى لها في نحو أسبوعين، وذلك في أعقاب صدور بيانات اقتصادية أمريكية عززت من التوقعات باقتراب موعد خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بحلول ديسمبر. يُعد هذا التحرك دليلاً قوياً على العلاقة العكسية التي غالباً ما تحكم أداء الذهب بقرارات السياسة النقدية، حيث يمثل انخفاض العوائد الحقيقية الدافع الأقوى للمعدن الأصفر في هذه المرحلة.
الذهب الفوري يرتفع متجاوزاً 4150 دولاراً للأوقية
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.7% ليصل إلى 4156.89 دولاراً للأوقية، مسجلاً أعلى مستوى له منذ 14 نوفمبر. كما صعدت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة تسليم ديسمبر بنسبة 0.4% لتصل إلى 4154.10 دولار للأوقية. ويُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى تزايد رهانات السوق على اتجاه “تيسيري” وشيك، وهي ظاهرة وصفها كبير محللي السوق في KCM Trade، تيم ووترير، بأنها “تعزيز لقضية خفض أسعار الفائدة من منظور العائد”.
بيانات اقتصادية “لينة” وتصريحات “مُيسرة” تدعم الارتفاع
يعتقد المحللون أن التوقعات تتجه بقوة نحو حدوث خفض في سعر الفائدة خلال شهر ديسمبر. وقد تعززت هذه الفرضية بعد سلسلة من الملاحظات “المُيسرة” التي أدلى بها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية التي جاءت أقل من المتوقع.
فقد أظهرت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء أن مبيعات التجزئة الأمريكية زادت بأقل من المتوقع في سبتمبر، في حين سجل مؤشر أسعار المنتجين (PPI) ارتفاعاً بنسبة 2.7% على أساس سنوي خلال سبتمبر، وهي نفس نسبة التقدم المسجلة في أغسطس. يتم تفسير هذه الأرقام اللينة في مبيعات التجزئة على أنها مؤشر على تباطؤ زخم المستهلكين، مما يقلل من ضغوط الطلب التضخمية. وبالتالي، ترى الأسواق أن سياسة التشديد النقدي قد بدأت تحقق هدفها، مما يمنح الفيدرالي مساحة أكبر للنظر في تخفيف سياسته النقدية المتشددة بدلاً من الإبقاء على معدلات مرتفعة لفترة أطول.
كما أن التصريحات الأخيرة من صناع السياسة النقدية، بالإضافة إلى التكهنات بأن المرشح الأوفر حظاً لقيادة الفيدرالي القادم (كيفن هاسيت) قد يتبنى توجهاً أكثر تيسيراً، قد ساهمت في ترسيخ هذا التفاؤل لدى مستثمري الذهب.
انخفاض الدولار وعوائد السندات يعزز جاذبية الذهب
يؤدي تراجع التوقعات برفع الفائدة إلى ضغط مباشر على العملة الأمريكية. ونتيجة لذلك، انخفض مؤشر الدولار ليلامس أدنى مستوى له في أسبوع، مما يجعل الذهب المُسعّر بالدولار أقل تكلفة بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، وبالتالي تزيد جاذبيته الاستثمارية عالمياً.
وفي الوقت ذاته، ظلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل 10 سنوات قرب أدنى مستوياتها في شهر، الأمر الذي يصب مباشرة في صالح الذهب. يُعرف الذهب بأنه أصل لا يدر عائداً، لذا فإن ارتفاع أسعار الفائدة يمثل تكلفة فرصة بديلة (Opportunity Cost) عالية لحيازته مقارنة بالسندات. وعندما تنخفض العوائد، تنخفض معها هذه التكلفة، وتزداد جاذبية الذهب كمخزن للقيمة في مواجهة التضخم أو عدم اليقين الاقتصادي، ما يفسر الاندفاع الحالي نحو شراء المعدن الأصفر.
وفقاً لأداة “CME FedWatch”، تسعر الأسواق الآن احتمالاً بنسبة 85% لخفض سعر الفائدة في ديسمبر، ارتفاعاً ملحوظاً من 50% فقط في الأسبوع الماضي، ما يعكس تحولاً جذرياً وسريعاً في معنويات المستثمرين تجاه أسعار الذهب.
المشهد العالمي والخطوات القادمة
على الصعيد العالمي، أظهرت البيانات أن صافي واردات الصين، أكبر مستهلك للذهب، عبر هونغ كونغ قد انخفض بنحو 64% في أكتوبر مقارنة بسبتمبر. على الرغم من أن هذا الانخفاض كبير وقد يشير إلى تقلب في الطلب المادي، إلا أن حركة الأسعار الأخيرة تؤكد أن محرك الذهب الرئيسي في الوقت الراهن هو العوامل النقدية والتحوط ضد المخاطر، وليس الطلب المادي من كبار المشترين الآسيويين.
ومن المرتقب أن تصدر الولايات المتحدة تقرير مطالبات إعانة البطالة الأسبوعية في وقت لاحق من اليوم الأربعاء. سيضيف هذا التقرير مزيداً من الوضوح حول حالة سوق العمل، الذي يراقبه الفيدرالي عن كثب. إذا جاءت مطالبات البطالة أعلى من المتوقع، فسيتم اعتبار ذلك دليلاً إضافياً على ضعف اقتصادي محتمل، الأمر الذي سيعزز من احتمال خفض الفائدة ويزيد من زخم الارتفاع في أسعار الذهب.
على صعيد المعادن الثمينة الأخرى، ارتفع سعر الفضة الفورية بنسبة 0.9% إلى 51.85 دولار للأوقية. وفي المقابل، تراجع البلاتين بنسبة 0.1% إلى 1552.50 دولار، بينما ظل البلاديوم مستقراً عند 1396.80 دولاراً.
اقرأ أيضا…



