الأسهم الأمريكية ترتفع ومؤشر ناسداك يسجل أفضل يوم منذ مايو

شهدت أسواق أسعار الأسهم الأمريكية يوم الإثنين ارتفاعات قوية، مدفوعة بشكل رئيسي بالقفزة التي حققتها أسهم شركة “ألفابت” (Alphabet)، وذلك مع ارتداد السوق قبل عطلة عيد الشكر، بعد فترة تراجع كبحت جماح موجة صعود الذكاء الاصطناعي التي سيطرت على عام 2025. كانت تلك الموجة قد شكلت المحرك الأبرز لمعظم المكاسب السوقية خلال العام، مما جعل أي انتكاسة في هذا القطاع تثير قلق المستثمرين بشأن استدامة التقييمات المرتفعة.
لقد كان هذا الارتفاع بمثابة تصحيح صعودي ملحوظ، حيث استعاد المؤشران القياسيان جزءًا من الخسائر التي تكبداها في وقت سابق من الشهر، ليؤكدا على الحساسية الكبيرة للسوق تجاه التطورات في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، واعتماده المتزايد على الابتكار كقوة دافعة للأرباح المستقبلية.
الأداء القياسي للمؤشرات والبيانات الرئيسية
أغلقت المؤشرات الرئيسية على ارتفاعات هامة، مسجلة أرقامًا تعكس الثقة المتجددة في قطاع التكنولوجيا ودفعة المعنويات الإيجابية التي سادت الجلسة:
- مؤشر S&P 500: ارتفع بنسبة 1.55% ليغلق عند 6,705.12 نقطة.
- مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite): قفز بنسبة 2.69% ليغلق عند 22,872.01 نقطة. ويُعد هذا أفضل أداء يومي للمؤشر الثقيل على التكنولوجيا منذ 12 مايو، مما يسلط الضوء على قوة الجاذبية التي يتمتع بها هذا القطاع.
- مؤشر داو جونز الصناعي (Dow Jones Industrial Average): ارتفع بمقدار 202.86 نقطة، أو 0.44%، ليغلق عند 46,448.27 نقطة.
كان المحرك الأساسي لهذه الارتفاعات هو التفاؤل المتزايد بشأن وضع “ألفابت” في سباق الذكاء الاصطناعي شديد التنافسية. فقد أعلنت “جوجل” الأسبوع الماضي عن نموذجها الجديد والمُحدَّث للذكاء الاصطناعي، “جيميني 3” (Gemini 3)، الذي يمثل خطوة حاسمة في مواجهة المنافسين البارزين. هذا الإعلان لم يكن مجرد تحديث تقني، بل إشارة استراتيجية قوية عززت سهم الشركة الذي ارتفع بنسبة 6.3% خلال الجلسة، مؤكدة على أن الابتكار يظل العامل الأهم في تحديد أسعار الأسهم التكنولوجية العملاقة.
صدى الذكاء الاصطناعي على أسهم الشركات التكنولوجية
لم يقتصر الحماس حول “ألفابت” على سهمها فحسب، بل امتد ليشمل أسماء رئيسية أخرى ضمن ما يُعرف بـ “تجارة الذكاء الاصطناعي”، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسهم المرتبطة بالقطاع بشكل جماعي وشامل:
مكاسب قوية لعمالقة الرقائق والبرمجيات
- برودكوم (Broadcom): سجلت قفزة مذهلة بنسبة 11.1%، مدعومة بمكانتها في سوق الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي.
- مايكرون تكنولوجي (Micron Technology): ارتفعت بنحو 8%.
- بالانتير تكنولوجيز (Palantir Technologies): صعدت بنسبة 4.8%.
- AMD: ارتفعت بنسبة 5.5%.
كما شهدت أسهم شركات كبرى أخرى مثل “ميتا” (Meta) و”إنفيديا” (Nvidia) و”أمازون” (Amazon) تقدمًا. ويُظهر هذا الترابط مدى اعتماد السوق على الرواية المتواصلة لنمو الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة رئيسية، حيث يؤثر أي تطور إيجابي لأحد اللاعبين الكبار على سلسلة القيمة بأكملها.
تحذيرات الخبراء بشأن استدامة الارتفاع و”اتساع السوق”
على الرغم من المكاسب الجذابة، أعربت ميليسا براون، المدير الإداري لأبحاث قرارات الاستثمار في SimCorp، عن بعض المخاوف التحليلية بشأن هذا النوع من الارتفاع الذي تفتقر فيه المكاسب إلى الانتشار الواسع عبر جميع القطاعات.
قالت براون: “إنه أمر عظيم لـ ‘ألفابت’ والمستثمرين فيها، لكنني دائمًا ما أشعر بالقلق عندما نرى سهمًا واحدًا يقود السوق إلى الارتفاع. نحن لا ننظر بالضرورة إلى تحسن واسع النطاق في السوق. لا يبدو لي أن هذا يمثل قوة مستدامة لدفع السوق إلى الأعلى على المدى القريب”. يشير هذا القلق إلى ضيق اتساع السوق (Market Breadth)، حيث أن تركز المكاسب في عدد قليل من الأسهم العملاقة يجعل السوق عرضة للانهيار إذا تعرضت تلك الأسهم لانتكاسة، مما يهدد استمرارية ارتفاع أسعار الأسهم بشكل عام.
السياق السوقي وتوقعات الأسابيع القادمة
يأتي ارتداد أسعار الأسهم هذا بعد تعزيز بدأ يوم الجمعة، عندما ترك رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الباب مفتوحًا أمام احتمال خفض سعر الفائدة في ديسمبر. ومع ذلك، لا تزال المؤشرات الرئيسية قد تعثرت بشكل حاد منذ بداية الشهر، حيث كان السوق يمر بمرحلة “إعادة تقييم” للتقييمات الفلكية (sky-high valuations) التي وصلت إليها الأسماء المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. هذا التباطؤ الأخير أدى إلى انخفاض مؤشر S&P 500 حوالي 2% في نوفمبر، وانخفض مؤشر ناسداك بأكثر من 3%.
من المتوقع أن تكون الفترة المتبقية من نوفمبر صعبة، مع توقع انخفاض أحجام التداول في الأيام المقبلة ونقص في المحفزات ذات المغزى قبل اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر.
وحذرت براون من أن أي بيانات اقتصادية قادمة – بما في ذلك بيانات مبيعات التجزئة ومؤشر أسعار المنتجين الأمريكيين المقرر صدورها يوم الثلاثاء – يمكن أن تشير إلى “بيئة ركود تضخمي” (stagflationary environment)، وهي حالة تجمع بين ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو الاقتصادي، مما قد يزيد من الضغوط على أسعار الأسهم.
وأضافت: “عندما تكون المعنويات سلبية للغاية، تميل الأخبار السيئة إلى المبالغة فيها. وعندما نضيف إلى ذلك بيئة انخفاض أحجام التداول، أعتقد أن تأثير أي أخبار سيئة سيتضاعف.” حيث يقل عدد المشترين النشطين القادرين على امتصاص الصدمات السلبية.
تجدر الإشارة إلى أن سوق الأسهم سيغلق يوم الخميس بمناسبة عيد الشكر، وسيتم الإغلاق مبكرًا يوم الجمعة في تمام الساعة 1 ظهرًا بالتوقيت الشرقي.
اقرأ أيضا…



