أسعار الذهب تستقر في خضم صراع سياسات الاحتياطي الفيدرالي والدولار

شهدت أسعار الذهب العالمية استقراراً نسبياً في التداولات الأخيرة، مدعومة بتصاعد التوقعات بخفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed)، وهو ما قابلته ضغوط معاكسة ناتجة عن قوة الدولار الأمريكي. هذا التوازن الدقيق يضع الذهب، كأصل لا يدر عائداً، في مفترق طرق يتأثر بالبيانات الاقتصادية القادمة والمخاطر الجيوسياسية.
رهانات خفض الفائدة ترفع من جاذبية المعدن الأصفر
تأتي التوقعات المتزايدة بخفض سعر الفائدة كداعم رئيسي لاستقرار أسعار الذهب. فمع تحول احتمالات خفض الفائدة الشهر المقبل إلى 76%، بعد أن كانت 40% في السابق وفقاً لأداة CME FedWatch، ازدادت جاذبية المعدن الأصفر. وتعود هذه القفزة في التوقعات إلى التصريحات “الحمائمية” (Dovish) التي أدلى بها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، يوم الجمعة الماضي.
أشار ويليامز إلى أن أسعار الفائدة الأمريكية قد تنخفض دون تعريض هدف التضخم للبنك للخطر، مع توفير حماية ضد انزلاق سوق العمل نحو الضعف. وعلّق أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، قائلاً: “استقر الذهب في الوقت الذي يقيم فيه المستثمرون احتمال خفض آخر لسعر الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي بعد أن أشار ويليامز إلى أنه قد يكون هناك مجال لخفض تكاليف الاقتراض وسط تراجع سوق العمل.”
يُعتبر الذهب أصلًا غير مدر للعائد، ولذلك فإنه يزدهر عادةً في بيئات أسعار الفائدة المنخفضة. عندما تنخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب (مقابل السندات والودائع التي تدر عائداً)، تزداد شهية المستثمرين له، مما يدعم بشكل مباشر أسعار الذهب.
الدولار القوي يضغط على التسعير الفوري للذهب
على الجانب الآخر، تظل قوة الدولار الأمريكي بمثابة كابح حقيقي لاستمرار صعود أسعار الذهب. فقد حافظ مؤشر الدولار (DXY) على مستوياته بالقرب من أعلى مستوياته في ستة أشهر، مما يجعل الذهب المسعّر بالعملة الأمريكية أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى، وبالتالي يقلل من الطلب الفوري عليه.
في التداولات الأخيرة، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 4,070.97 دولاراً للأونصة، في حين انخفضت العقود الآجلة للذهب الأمريكي لتسليم ديسمبر بنسبة 0.3% إلى 4,067.80 دولاراً للأونصة. هذا التباين البسيط بين الذهب الفوري والآجل يعكس حالة الترقب وعدم اليقين في السوق.
عوامل أخرى تلوح في الأفق: بيانات اقتصادية ومخاطر جيوسياسية
ينتظر المستثمرون مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الرئيسية المقررة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، بما في ذلك بيانات مبيعات التجزئة، ومطالبات البطالة، وأرقام أسعار المنتجين. ستكون هذه البيانات حاسمة في تشكيل توقعات الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية، وبالتالي ستلعب دوراً مباشراً في تحديد اتجاه أسعار الذهب.
بالإضافة إلى العوامل النقدية، تظل العوامل الجيوسياسية ذات أهمية. ففي الوقت الذي تراجع فيه الذهب عن تحقيق مكاسب كبيرة، تشير الملاحظات إلى استمرار اهتمام البنوك المركزية بشراء المعدن الأصفر، الأمر الذي يوفر دعماً ثابتاً لـ أسعار الذهب على الجانب الهبوطي.
من جهة أخرى، تأثر الذهب أيضاً بـ “تخفيف مخاطر التجارة” و”مخاوف الطلب الصيني”، وهي عوامل تجعله يكافح لاكتساب زخم صعودي قوي. هذا المزيج من الضغوط والعوامل الداعمة يحافظ على أسعار الذهب ضمن نطاق تداول ضيق ومتقلب في الأجل القصير.
نظرة على المعادن الثمينة الأخرى
تبعاً لحركة الذهب، شهدت المعادن الثمينة الأخرى تذبذباً ملحوظاً:
- الفضة الفورية: ارتفعت بنسبة 0.4% لتصل إلى 50.20 دولاراً للأونصة.
- البلاتين: ارتفع بنسبة 0.4% إلى 1,516.20 دولاراً للأونصة.
- البلاديوم: انخفض بنسبة 0.4% إلى 1,369 دولاراً للأونصة.
يبقى التركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية الجديدة هو المفتاح لفهم التحول التالي في اتجاه السوق وتحديد ما إذا كانت رهانات خفض الفائدة ستتغلب على قوة الدولار لرفع أسعار الذهب بشكل مستدام.
اقرأ أيضا….



