أسعار النفط تواصل التراجع: ضغط السلام بين روسيا وأوكرانيا وتوقعات الفائدة الأمريكية

أسعار النفط تسجل خسائر للأسبوع الثاني على التوالي، متأثرة بضغوط مزدوجة تجمع بين التطورات الجيوسياسية واحتمالية زيادة المعروض العالمي، وبين حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق المالية بشأن قرارات سعر الفائدة الأمريكية. هذا التراجع يمحو المكاسب التي تحققت في الأسبوع السابق، مما يعكس تحولاً سريعاً في المعنويات نحو التشاؤم في سوق الطاقة العالمية.
العقود الآجلة تتخلى عن مكاسبها الأسبوعية
شهدت العقود الآجلة لأسعار النفط تراجعاً لثالث جلسة على التوالي. تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.6%، لتستقر عند 39 دولاراً للبرميل، فيما انخفض خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 1.9%، ليسجل 57.90 دولاراً للبرميل. ومن المقرر أن تسجل عقود الخامين خسائر أسبوعية تزيد عن 2%.
ويأتي هذا الانخفاض الحاد مدفوعاً بتقرير يوضح سعي الولايات المتحدة للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة مفاجئة في الإمدادات العالمية المتاحة وتخفيف التوترات التي كانت تدعم الأسعار في وقت سابق.
ضغوط السلام وغموض العقوبات الروسية
تعززت المعنويات الهابطة في السوق مع تزايد التقارير حول دفع واشنطن لخطة سلام لإنهاء الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات، بالتزامن مع دخول العقوبات الأمريكية على عملاقي النفط الروسيين “روس نفط” (Rosneft) و”لوك أويل” (Lukoil) حيز التنفيذ. وقد أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عزمه على العمل مع واشنطن على خطة لإنهاء الحرب.
وفي هذا السياق، علّق جيم ريد، المدير التنفيذي في دويتشه بنك، قائلاً: “مع ورود أنباء المحادثات بالتزامن مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على أكبر شركتي نفط روسيتين اليوم، شهدت أسواق النفط بعض التخفيف من المخاطر المتعلقة بإمدادات النفط الروسي.”
ومع ذلك، حذّر محللو “إيه إن زد” (ANZ) من أن التوصل إلى اتفاق سلام ليس مؤكداً على الإطلاق، مشيرين إلى أن كييف رفضت مراراً المطالب الروسية باعتبارها غير مقبولة. كما أصبحت السوق أكثر تشككاً بشأن فعالية القيود الأخيرة على الشركتين، خاصة أن “لوك أويل” لديها مهلة حتى 13 ديسمبر لبيع محفظتها الدولية الضخمة، مما يشير إلى أن تأثير العقوبات الفوري على المعروض قد لا يكون كبيراً كما توقع البعض.
قوة الدولار وتوقعات الفائدة الأمريكية
لا تقتصر عوامل الضغط على الجانب الجيوسياسي، بل يساهم تزايد قوة الدولار الأمريكي في تثبيط أسعار النفط. يستعد الدولار لتحقيق أفضل أداء أسبوعي له في أكثر من شهر، مدعوماً بتوقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من غير المرجح أن يخفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل.
يؤدي ارتفاع قيمة الدولار عادة إلى جعل السلع المسعّرة بالعملة الخضراء، مثل النفط، أكثر تكلفة للمشترين الذين يحملون عملات أخرى، مما يقلل من الطلب عليها.
وفي تحليل هذه التوقعات، أشار كيلفن وونغ، المحلل لدى “أوأندا” (OANDA)، إلى أن أداة “CME FedWatch” تُظهر انخفاضاً كبيراً في احتمالات خفض أسعار الفائدة في ديسمبر إلى 35% فقط، بعد أن كانت حوالي 90% قبل شهر واحد. هذا التراجع في التوقعات يشير إلى استمرار السياسة النقدية المتشددة، مما يعزز الدولار ويضغط على أسعار السلع، بما فيها أسعار النفط الخام.
ختاما يتأرجح سوق النفط حالياً بين آمال تخفيف التوتر الجيوسياسي الذي قد يزيد المعروض، وبين المخاوف المتعلقة بالسياسة النقدية الأمريكية التي قد تكبح النمو الاقتصادي والطلب.
اقرأ أيضا…



