أسعار الذهب تتراجع بأكثر من 1% مع تبدد آمال خفض الفائدة الأمريكية

شهدت أسعار الذهب تراجعاً حاداً تجاوز 1% يوم الجمعة، لتتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية، وذلك بعد أن أثارت بيانات قوية صدرت عن سوق العمل الأمريكي شكوكاً حول احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الشهر المقبل. هذا التراجع يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين البيانات الاقتصادية الأمريكية وسياسة البنك المركزي وتقلبات المعدن الأصفر.
الصدمة الإيجابية لبيانات الوظائف الأمريكية تضغط على أسعار الذهب
يعتبر الذهب، كأصل لا يدرّ عائداً، شديد الحساسية لبيئة أسعار الفائدة. فكلما ارتفعت توقعات رفع أو إبقاء سعر الفائدة مرتفعاً، تزيد جاذبية السندات والأصول ذات العائد على حساب الذهب، والعكس صحيح. وفي هذا السياق، جاء تقرير الوظائف الأمريكي الأخير ليقلب الموازين.
عندما تزداد العوائد على أدوات الدين كالسندات الحكومية نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، يرتفع ما يُعرف بـ “تكلفة الفرصة البديلة” لحيازة الذهب الذي لا يدفع أي فوائد. بالإضافة إلى ذلك، فإن توقعات الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعاً تقوي سعر صرف الدولار الأمريكي، وبما أن الذهب يُسعّر بالدولار، فإن ارتفاع العملة يجعل المعدن الأصفر أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى، مما يقلل الطلب عليه.
فقد أظهر التقرير أن الوظائف غير الزراعية ارتفعت بمقدار 119 ألف وظيفة، متجاوزة بكثير التقديرات التي كانت تشير إلى 50 ألف وظيفة. هذا النمو القوي في التوظيف، خاصة في القطاعات غير الحكومية، عزز الرؤية القائلة بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتمتع بمرونة كافية لامتصاص التضخم دون الحاجة لتدخل فوري من الفيدرالي لخفض التكاليف. ورغم أن معدل البطالة لامس أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، إلا أن قوة نمو الرواتب هي ما ركزت عليه الأسواق، باعتبارها مؤشراً على استمرار زخم الطلب.
وفي تعليق على هذه التطورات، قال نيتيش شاه، استراتيجي السلع في “WisdomTree”: “لقد تبددت احتمالية إجراء المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة إلى حد ما بسبب بيانات سوق العمل الجيدة التي صدرت، وأعتقد أن هذا هو العامل الأساسي الذي يضغط على الذهب بالفعل.”
نتيجة لذلك، انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.7% ليسجل 4,047.14 دولاراً للأونصة، بعد أن كان قد سجل تراجعاً بأكثر من 1% في وقت سابق من الجلسة، كما تراجعت العقود الآجلة للذهب لشهر ديسمبر/كانون الأول إلى 4,044.50 دولاراً للأونصة. وتشير التوقعات الحالية إلى تراجع احتمال خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه القادم إلى 33%، انخفاضاً من 44% في الأسبوع الماضي.
الأسس والمقومات الجوهرية لا تزال قوية للمعدن الأصفر
على الرغم من ضغوط المدى القصير التي فرضتها بيانات الوظائف الأمريكية وسياسة سعر الفائدة، يرى المحللون أن المقومات الأساسية التي تدعم الذهب على المدى الطويل لا تزال قائمة وسليمة.
أشارت مذكرة بحثية صادرة عن بنك “ANZ” إلى أن عوامل مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والتقييمات المرتفعة لأسواق الأسهم، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي المستمرة، إضافة إلى استمرار عمليات تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الأصول الأمريكية، من المرجح أن تحافظ على استمرار الطلب الاستثماري القوي وعمليات شراء البنوك المركزية.
يُعد هذا التنويع استراتيجية حاسمة تتبناها البنوك المركزية لتقليل مخاطر الاعتماد على العملة الأمريكية في سياق التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والمخاوف المتعلقة بتجميد الأصول. كما أن حالة عدم اليقين المستمرة، سواء كانت مرتبطة بالصراعات الإقليمية أو التحولات في موازين القوى الاقتصادية العالمية، تزيد من الدور التقليدي للذهب كـ “ملاذ آمن” يُلجأ إليه خلال الأزمات، مما يضع أرضية صلبة لدعم أسعار الذهب على المدى الطويل.
من جانبه، أكد شاه من “WisdomTree” على هذا التفاؤل على المدى البعيد، قائلاً: “أعتقد أننا وصلنا إلى مستوى قاع لأسعار الذهب في الوقت الحالي. قد تنخفض الأسعار مؤقتاً قليلاً، لكن المسار العام سيكون صعودياً خلال الأشهر القادمة.”
وفي ختام التعاملات، تأثرت أيضاً المعادن الثمينة الأخرى بهذا المناخ، حيث انخفض سعر الفضة الفورية بنسبة 2.1% ليسجل 49.55 دولاراً للأونصة.
اقرأ أيضا…



