أخبار الأسواقأخبار البيتكوينعملات رقمية

البيتكوين تهوي لأدنى مستوى في ستة أشهر

البيتكوين، العملة الرقمية الرائدة عالمياً وأكبر أصل مشفر من حيث القيمة السوقية، تتجه نحو نهاية صعبة لهذا العام. سجلت البيتكوين أدنى مستوى لها منذ شهر أبريل الماضي، مع تزايد ضغوط البيع في الأسواق. هذا الانزلاق الحاد يأتي نتيجة لتضافر عوامل تتعلق بسلوك المستثمرين التجنبي للمخاطر (Risk-Off Sentiment)، وتغير التوقعات بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي.

وصل سعر البيتكوين يوم الخميس إلى أدنى مستوى محدد عند 86,325.81 دولارًا، وهو الأدنى منذ 21 أبريل، قبل أن يستقر التداول حول 86,690.11 دولارًا. هذا التراجع ليس مجرد تصحيح فني اعتيادي، بل هو انعكاس عميق للعلاقة المتزايدة بين سوق العملات الرقمية والاقتصاد الكلي العالمي، حيث يتفاعل المستثمرون الآن مع العوامل التقليدية مثل توقعات أسعار الفائدة.

الاحتياطي الفيدرالي وبيانات الوظائف تؤثر على سعر البيتكوين

العامل الأبرز الذي أشعل شرارة هذا البيع هو صدور بيانات سوق العمل الأمريكي التي فاقت التوقعات بكثير. ففي الوقت الذي كان فيه الاقتصاديون الذين استطلعت آراؤهم “داو جونز” يتوقعون إضافة حوالي 50,000 وظيفة جديدة في سبتمبر، أظهر التقرير الفعلي إضافة 119,000 وظيفة. هذه القوة في سوق العمل تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتمتع بمرونة كبيرة، مما يقلل من حاجة الاحتياطي الفيدرالي إلى التدخل لتنشيط النمو.

تلك القوة تثير تساؤلات جدية حول ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) سيُقدم على خفض سعر الفائدة في اجتماعه المقرر الشهر القادم. استمرار قوة الاقتصاد يمنح البنك المركزي مساحة أكبر لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لمواصلة مكافحة التضخم، وهو ما يعتبر بيئة سلبية للأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين. وفقًا لأداة “فيد ووتش” (FedWatch) التابعة لمجموعة CME، تراجعت احتمالية خفض أسعار الفائدة في ديسمبر إلى حوالي 40% بعد هذا التقرير القوي.

الارتباط بسوق الأسهم والأصول الخطرة

تأكد الارتباط المتنامي بين البيتكوين وسوق الأسهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فقد قادت العملة المشفرة الأقدم انخفاضًا أوسع في أسهم شركات التكنولوجيا، حتى بعد صدور تقرير أرباح شركة “إنفيديا” (Nvidia) الذي فاق التوقعات، مما يؤكد أن العوامل الكلية تتفوق حاليًا على الأداء الفردي للشركات. يعود هذا الترابط إلى أن شريحة كبيرة من المتداولين الذين يستثمرون بكثافة في أسهم الذكاء الاصطناعي يميلون أيضًا إلى الاحتفاظ بالبيتكوين، مما يجعلها تتصرف كأصل تقني عالي المخاطر مرتبط بنمو التكنولوجيا.

هذا التراجع لم يقتصر على البيتكوين وحدها، بل امتد ليشمل سوق العملات المشفرة الأوسع. فقد تراجعت عملة “إيثر” (Ether) بأكثر من 3% لتتداول دون مستوى 3,000 دولار، كما سجلت عملة “XRP” انخفاضًا بنسبة 2.3% لتنخفض إلى ما دون 2.00 دولار، مما يعكس مزاج البيع العام في القطاع. في المقابل، بقيت “دوجكوين” (Dogecoin) مستقرة نسبيًا.

عوامل التصفية المتتالية والرافعة المالية

بعيداً عن العوامل الكلية، كان الأساس الفني لسوق البيتكوين هشًا بالفعل. فقد انزلق السعر بشكل كبير منذ مطلع شهر أكتوبر، وذلك بسبب سلسلة من عمليات التصفية المتتالية للمراكز ذات الرافعة المالية العالية (Liquidations). التصفية تحدث عندما ينخفض سعر الأصل إلى مستوى لا يكفي لتغطية الخسائر في المراكز المفتوحة برافعة مالية، مما يجبر منصات التداول على إغلاق هذه المراكز قسريًا (Margin Calls). هذا التخلص القسري يضع ضغط بيع إضافي وفوري على السوق، مما يسرّع من وتيرة الهبوط مع كل تراجع سعري كبير، ويؤدي إلى ما يُعرف بـ “التصفية المتتالية” التي تضخم حركة السعر.

خلاصة تحليلية: التوقعات المستقبلية

يُظهر الهبوط الأخير للبيتكوين مدى تأثرها بتحول مزاج المستثمرين تجاه الأصول الخطرة وتوقعات السياسة النقدية. في ظل استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي، يصبح احتمال استمرار سياسة التشديد النقدي أو تأجيل التيسير مرتفعًا، مما يشكل رياحًا معاكسة أمام العملات المشفرة. سيظل المستثمرون يراقبون عن كثب بيانات التضخم والوظائف وقرارات الاحتياطي الفيدرالي القادمة للحصول على مؤشرات واضحة حول اتجاه البيتكوين في المدى القريب، خاصة وأن البيانات الاقتصادية الأخيرة قد غيرت بشكل جذري حسابات السوق بشأن خفض أسعار الفائدة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى