أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

تقرير بيانات التوظيف الغير زراعية لشهر سبتمبر: صمود سوق العمل يربك قرارات الفيدرالي

تُشكل بيانات التوظيف الغير زراعية في الولايات المتحدة المؤشر الأهم على صحة الاقتصاد، وقد كشفت أرقام شهر سبتمبر، التي طال انتظارها بسبب الإغلاق الحكومي غير المسبوق الذي استمر 44 يوماً، عن مفاجأة إيجابية في سوق العمل. هذا التقرير هو الأول الذي يصدر عن مكتب إحصاءات العمل منذ سبتمبر، منهياً بذلك جفافاً في البيانات بدأ في وقت سابق ويضيف تعقيداً لقرارات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

صدمة إيجابية في بيانات التوظيف الرئيسية وتناقض المؤشرات

أظهرت بيانات التوظيف الغير زراعية ارتفاعاً قوياً يفوق التوقعات خلال شهر سبتمبر، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي 119,000 وظيفة، متجاوزاً بذلك توقعات إجماع “داو جونز” التي كانت عند 50,000 وظيفة فقط. هذا التعافي القوي يأتي بعد مراجعة سلبية لبيانات أغسطس، التي تحولت إلى خسارة 4,000 وظيفة (بعد أن كانت في الأصل 72,000 وظيفة). وتوضح هذه الأرقام مرونة استثنائية لسوق العمل وتؤكد صموده حتى قبل فترة توقف جمع البيانات.

وفيما يخص المؤشرات المرافقة، فقد ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 4.4%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2021. ورغم خلق وظائف جديدة، فإن ارتفاع معدل البطالة يشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يدخلون سوق العمل بحثاً عن فرص يتزايد بوتيرة أسرع من الوتيرة التي يتم بها التوظيف. وفي الوقت نفسه، سجل متوسط الأجر بالساعة ارتفاعاً بنسبة 0.2% شهرياً و 3.8% على أساس سنوي، وهي معدلات نمو تقل قليلاً عن التوقعات (التي كانت 0.3% و 3.7% على التوالي)، مما قد يخفف جزئياً من مخاوف التضخم لدى الفيدرالي.

التداعيات على الأسواق وتحدي السياسة النقدية

رغم أن التقرير يعكس وضع سوق العمل قبل شهرين، وتحديداً من سبتمبر، إلا أنه أحدث تأثيراً مباشراً على الأسواق كونه ينهي فترة من انعدام البيانات. استجابت العقود الآجلة للأسهم بارتفاعات إضافية، مما يشير إلى ثقة الأسواق في استمرار قوة النشاط الاقتصادي في فترة ما قبل توقف البيانات. وفي المقابل، شهدت عوائد سندات الخزانة تراجعاً طفيفاً، حيث مال المستثمرون إلى الجانب الأكثر حذراً.

ويُعد هذا التقرير آخر بيانات التوظيف الغير زراعية يتلقاها صانعو السياسة النقدية قبل اجتماعهم الحاسم في ديسمبر. وقد أشار الفيدرالي في اجتماعاته الأخيرة إلى الصعوبة في اتخاذ قرار في ظل غياب المقاييس الاقتصادية المعتادة. وبحسب “سيما شاه”، كبيرة الاستراتيجيين العالميين، فإن الأسهم أعجبت بقوة كشوف المرتبات، مما يضع الاقتصاد على أساس متين، بينما يرى سوق السندات في ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ نمو الأجور إشارة قد تبقي الباب مفتوحاً لـ “خفض محتمل” في الفائدة. وقد عززت هذه التناقضات الشعور العام بأن البنك المركزي سيلتزم بـ “التوقف” المؤقت حتى نهاية العام، مفضلاً المزيد من الوضوح في البيانات القادمة.

تفاصيل القطاعات وصورة مسح الأسر المشرقة

جاءت مكاسب الوظائف في سبتمبر من مصادر مألوفة، حيث قاد قطاع الرعاية الصحية المشهد بإضافة 43,000 وظيفة، وهو ما يتماشى مع وتيرته السنوية الثابتة. كما ساهمت المطاعم والحانات بـ 37,000 وظيفة، وأضاف قطاع المساعدات الاجتماعية 14,000 وظيفة. هذه القطاعات تعكس طلباً مستداماً على الخدمات الأساسية والشخصية.

وفي الجانب الآخر، شهد قطاع النقل والتخزين خسارة 25,000 وظيفة، كما سجلت الخدمات المهنية والتجارية انخفاضاً بـ 20,000 وظيفة، مدفوعاً بشكل رئيسي بانخفاض حاد قدره 16,000 في التوظيف المؤقت. تشير هذه الخسائر إلى أن الشركات بدأت في تقليص التكاليف المرتبطة بالخدمات الداعمة واللوجستية، مما قد يكون مؤشراً مبكراً على تباطؤ الثقة في الأعمال.

ومن جهة أخرى، قدم مسح الأسر المستخدم لحساب معدل البطالة صورة أكثر إشراقاً لسوق العمل، حيث ارتفع إجمالي عدد العاملين بـ 251,000 شخص، وزاد حجم القوى العاملة بـ 470,000 ليصل إلى رقم قياسي جديد يبلغ 171.2 مليون. كما ارتفعت نسبة المشاركة (معدل مشاركة السكان في سن العمل) إلى 62.4%، وهو الأعلى منذ مايو/أيار، مما يشير إلى تفاؤل العمال بفرص العثور على عمل. وزاد التوظيف بدوام كامل بـ 673,000، بينما انخفض التوظيف بدوام جزئي بـ 573,000، مما يؤكد تحسناً في جودة الوظائف المضافة.

في الختام، يظهر تحليل بيانات التوظيف الغير زراعية أن سوق العمل لا يزال يتسم ببطء وثبات في وتيرة النمو، مع تردد الشركات في إجراء تسريحات جماعية أو توظيف أعداد كبيرة من العمال في ظل حالة التقلب الاقتصادي العام. ومع ذلك، تبقى النظرة العامة مشوشة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن السوق لا يزال يتمتع بمرونة كامنة، حتى لو كانت هذه الأرقام تعود إلى شهر سبتمبر الماضي.

اقرأ أيضا….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى