أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

تراجع أسعار النفط يواجه صلابة سوق الوقود

تراجعت أسعار النفط العالمية في تعاملات اليوم الأربعاء، مدفوعة بزيادة غير متوقعة في مخزونات الخام الأمريكية، مما أعاد إلى الواجهة المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي. ومع ذلك، فإن هذا التراجع جاء محدودًا بفعل حالة التضييق التي يشهدها سوق الوقود، ولا سيما الديزل، نتيجة الهجمات الأخيرة على البنية التحتية النفطية الروسية وتأثير العقوبات الدولية. هذا التوازن الدقيق يضع المتداولين أمام تحدٍّ مزدوج: فمن جهة، بيانات المخزونات تشير إلى تراجع محتمل للطلب على المستوى الاستراتيجي، ومن جهة أخرى، المخاطر الجيوسياسية والعقوبات تُنشئ “جدار حماية” سعرية غير مستدام في المدى القصير، خاصة في أسواق المنتجات المكررة.

المخزونات الأمريكية تضغط على أسعار النفط العالمية

شهدت العقود الآجلة انخفاضات ملموسة، حيث فقدت عقود خام برنت 71 سنتًا، أو 1%، لتستقر عند 64.18 دولارًا للبرميل، بعد تسجيلها مكاسب في الجلسة السابقة. وفي سياق مشابه، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط (WTI) بمقدار 63 سنتًا، أو 1%، لتستقر عند 60.11 دولارًا للبرميل.

جاء هذا التراجع بعد أن أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي (API) ارتفاعًا في مخزونات النفط الأمريكية بمقدار 4.45 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 14 نوفمبر، وهو ما يتجاوز التوقعات بشكل كبير. كما سجلت مخزونات البنزين والمقطرات ارتفاعات بلغت 1.55 مليون و 577,000 برميل على التوالي، مما يشير إلى ضعف محتمل في الطلب المحلي.

يُفسر هذا الارتفاع المفاجئ في المخزونات جزئيًا بتباطؤ نشاط المصافي أو انخفاض في الطلب الاستهلاكي النهائي. وتعد زيادة مخزونات البنزين والمقطرات مؤشرًا مقلقًا بشكل خاص؛ فبينما يتم التركيز عادةً على الخام، فإن تراكم الوقود المكرر يشير إلى ضعف في دورة الطلب، خصوصاً بعد انتهاء موسم ذروة القيادة. هذه الأرقام تعزز الرؤية التي مفادها أن التوقعات الرسمية (EIA) لتراجع المخزونات قد لا تكون كافية لتبديد السيناريو الهبوطي السائد.

وعلى الرغم من أن استراتيجيي السلع يرون أن هذا “التقرير كان سلبيًا نسبيًا بشكل عام”، إلا أنهم حذروا من أن المشاركين في السوق “يبدون أكثر قلقًا بشأن مخاطر الإمدادات بدلًا من احتمالات الفائض في المستقبل.”

سوق الوقود يدعم أسعار الخام في مواجهة الفائض

الدافع الرئيسي الذي حد من تراجع أسعار النفط هو الضيق الذي يشهده سوق الوقود، خصوصًا الديزل، والذي يعود بشكل أساسي إلى انخفاض الصادرات الروسية. وكانت أسعار الخام قد ارتفعت في الجلسة السابقة مدعومة بهذا العامل.

تأتي هذه التحديات نتيجة للعقوبات الأمريكية المفروضة على منتجين روس رئيسيين مثل “روسنفت” و”لوك أويل”، والتي حددت موعدًا نهائيًا في 21 نوفمبر للشركات لإنهاء تعاملاتها معهما. وقد صرحت وزارة الخزانة الأمريكية أن هذه العقوبات، التي تضغط بالفعل على إيرادات روسيا النفطية، من المتوقع أن تحد من أحجام صادراتها بشكل كبير.

يُشكل موعد 21 نوفمبر النهائي لفض التعاملات مع الشركات الروسية الكبرى نقطة تحول حاسمة. فبالإضافة إلى تقليص إيرادات روسيا، فإن التحدي اللوجستي والمالي المتمثل في تحويل الإمدادات إلى أسواق بديلة يضيف علاوة مخاطر كبيرة. هذا التحول لا يؤثر فقط على الخام، بل يضغط بشدة على أسواق الديزل في أوروبا التي تعتمد تاريخيًا على تدفقات المنتجات الروسية. وقد أدت الهجمات على البنية التحتية الروسية إلى تعطيل مباشر لعمليات التصدير، مما خلق حالة من الفزع بين المشترين بشأن قدرة السوق على تلبية الاحتياجات الشتوية من وقود التدفئة والنقل.

تحول المشترين وهوامش أرباح الديزل

كنتيجة مباشرة لضبابية الإمدادات الروسية، بدأ مشترو الخام الرئيسيون في الصين والهند بالتحول نحو موردين بديلين، مما يعمق القلق بشأن استدامة الإمدادات العالمية.

وفي سياق متصل، ارتفعت هوامش أرباح وقود الديزل في أوروبا إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2023، وذلك في أعقاب الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية للطاقة والموانئ الروسية. هذا الارتفاع عزز الهوامش العالمية لتكرير الوقود، مؤكداً على حالة الضيق في الأسواق المكررة، مما يوفر دعمًا غير مباشر لسعر الخام نفسه.

ختاما يظل المشهد الاقتصادي لأسواق الطاقة معقدًا، حيث تتوازن المخاوف من نقص الإمدادات الروسية والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة مع توقعات المحللين بأن إنتاج النفط الحالي يتجاوز مستويات الطلب، الأمر الذي يشكل ضغطًا متزايدًا على أسعار النفط. وتترقب الأسواق بحذر بيانات المخزونات الحكومية الأمريكية الرسمية التي ستصدر لاحقًا، والتي يتوقع أن تظهر تراجعًا طفيفًا بمقدار 600,000 برميل، مما قد يوفر دعمًا مؤقتًا للأسعار. إلا أن أي انحراف عن هذا التوقع، سواء بزيادة مفاجئة في المخزونات أو انخفاض حاد، من شأنه أن يحدد الاتجاه القصير الأجل لأسواق الطاقة العالمية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى