أخبار الأسواقأخبار البيتكوينعملات رقمية

 البيتكوين يهوي لأدنى مستوى منذ 6 أشهر متراجعاً بأكثر من 4% وخسائر بمليار دولار

هزت صدمة جديدة سوق العملات المشفرة العالمية، حيث شهد سعر البيتكوين انزلاقاً حاداً ومفاجئاً اليوم، متداولاً تحت مستوى 96,000 دولار أمريكي للمرة الأولى منذ أكثر من ستة أشهر. هذا التراجع الحاسم جاء في ظل موجة بيع مكثفة اجتاحت أسواق الأصول الرقمية، ليؤكد الانهيار أن الترابط بين البيتكوين والأسواق الكلية أصبح وثيقاً للغاية. لم يكسر هذا الهبوط حاجزاً فنياً رئيسياً فحسب، بل دفع السوق إلى تسجيل خسائر فادحة جراء تصفية المراكز الرافعة، التي تجاوزت مليار دولار في ظرف 24 ساعة، ما أسفر عن محو أكثر من 340 مليار دولار من القيمة السوقية الإجمالية للقطاع.

إن الانخفاض إلى هذا المستوى، الذي لم يُرصد منذ منتصف العام، يمثل إشارة قوية على أن ضغوط البيع لم تعد مقتصرة على المضاربات العادية، بل تحولت إلى استجابة منظمة لـ “تحول شهية المخاطرة” بين كبار المستثمرين والمؤسسات.

تفاصيل التراجع: تجاوز 4% وانخفاض بمقدار 1,517 دولار

سجلت أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية تراجعاً تجاوزت نسبته 4% خلال التداولات الأخيرة، لتؤكد البيانات هذا التوجه السلبي وتشدد على هشاشة السوق أمام أوامر البيع الكبيرة. وقد انطلق التراجع من مستويات قريبة من 99,104 دولارات (سعراً تقديرياً ليعكس تراجعاً بنسبة 4% وصولاً إلى 95,140 دولاراً).

وخلال هذه الجولة من البيع، وصل سعر البيتكوين إلى 94,483 دولاراً أمريكياً، وهو أدنى مستوى له منذ مايو الماضي. وبشكل إجمالي، تجاوز الانخفاض السعري الحاد 1,517 دولاراً أمريكياً بين مستوى الدعم الحاسم عند 96,000 دولار وأدنى نقطة مسجلة خلال الجولة الحالية من التداول.

ويشير المحللون الفنيون إلى أن مستوى 96,000 دولار كان يمثل نقطة دعم حاسمة اعتمد عليها المضاربون لتحديد مراكزهم. وبمجرد كسر هذا المستوى، تم تفعيل ما يعرف بـ “وقف الخسارة” (Stop-Loss) لعدد كبير من المتداولين الذين كانوا يستخدمون الرافعة المالية، مما عجل بعمليات البيع وأسهم في تسارع وتيرة التراجع بشكل فاق التوقعات. هذا التفاعل السلبي بين المعطيات الفنية والتداول بالهامش هو ما يفسر سرعة وعمق الهبوط.

تصفية قياسية للمراكز الرافعة تجاوزت 1.7 مليار دولار

لم يكن التراجع السعري هو الخبر الوحيد، بل جاء مصحوباً بأزمة “تصفية مراكز” غير مسبوقة. كان السبب الفني المباشر وراء هذا التدهور هو عملية “تصفية المراكز” القسرية والواسعة النطاق. تجاوز إجمالي تصفية المراكز الرافعة في سوق العملات المشفرة 1.7 مليار دولار أمريكي في أقل من 24 ساعة، حيث تحملت المراكز الطويلة (التي تراهن على الصعود) الجزء الأكبر من الضرر.

هذا المبلغ الهائل يمثل خسائر فعلية تم إغلاقها قسرياً، مما يزيد من الضغط البيعي على السوق ككل. وقد بلغت حصة المراكز المغلقة قسرياً في البيتكوين حوالي 489 مليون دولار، ما يؤكد دوره كقائد للسوق في كل من الارتفاع والهبوط. في غضون ذلك، تخطت تصفية مراكز الإيثيريوم (Ethereum) 580 مليون دولار أمريكي، مما يشير إلى أن الضغط شمل العملات المشفرة الرئيسية جميعها.

ويعود سبب هذا التراجع إلى وجود تجمع كثيف لمراكز الرافعة المالية المفتوحة بين مستويات 98,000 دولار و 100,000 دولار. وبمجرد تجاوز حاجز 96,000 دولار، بدأت أوامر البيع القسري تتوالى بشكل متسلسل، مما خلق “تأثير كرة الثلج” الذي أدى إلى محو أكثر من 340 مليار دولار من القيمة السوقية للقطاع في المجمل. ويُعد هذا الحجم من التصفية مؤشراً خطيراً على “الإفراط في استخدام الرافعة المالية” في السوق، وهو ما يجعل السيولة عرضة للصدمات. فعندما يكون السوق مثقلاً بالديون، يصبح أي تحرك سلبي بسيط كافياً لإثارة سلسلة من البيوع القسرية التي لا تستجيب للمنطق الاقتصادي الأساسي.

ضغوط الاقتصاد الكلي وتغير المعنويات

على الصعيد الأوسع، يأتي تراجع البيتكوين في سياق تحول عالمي نحو “الابتعاد عن المخاطر” (Risk-Off). فقد تفاقمت الضغوط بفعل عوامل الاقتصاد الكلي، والتي تتضمن تقارير اقتصادية ضعيفة حول نمو الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول الكبرى، أو استمرار مؤشرات التضخم عند مستويات مرتفعة، مما يزيد من احتمالية استمرار سياسات التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية، ويدفع المستثمرين للبحث عن أصول أقل تقلبًا.

كما سجلت تدفقات رؤوس الأموال المؤسسية الجديدة ضعفاً ملحوظاً، مما يعكس حذراً متزايداً لدى المستثمرين الكبار الذين يفضلون البقاء في وضع الانتظار والترقب حتى تتضح الرؤية الاقتصادية. ويُعد استمرار ضعف التدفقات المؤسسية دليلاً على أن السوق لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الكامل، ويظل تحت رحمة التذبذبات الكلية. من ناحية أخرى، انخفضت مؤشرات “نسبة المراكز الطويلة إلى القصيرة” إلى أدنى مستوياتها منذ عدة أشهر، ما يشير إلى تحول جذري في التوقعات نحو المزيد من الانخفاض، حيث يقلص المتداولون من رهاناتهم الصعودية.

وبالإضافة إلى ذلك، تراجعت “الفائدة المفتوحة” (Open Interest) في عقود العملات المشفرة الآجلة بنسبة 5% تقريباً، وهو ما يترجم خروج المتداولين من مراكزهم لتقليص التعرض للمخاطر. ويُعتبر انخفاض الفائدة المفتوحة علامة على فقدان الزخم، إذ يعني أن المتداولين يغادرون السوق بدلاً من مجرد تغيير مراكزهم، مما يقلل من عمق السوق ويجعله أكثر عرضة للتقلبات في المستقبل القريب.

وتشير هذه الحركة إلى أن أسواق العملات المشفرة، على الرغم من طبيعتها اللامركزية، لا تزال حساسة للغاية للضغوط الماكروية وتذبذب شهية المستثمرين للمخاطرة، مما يزيد من احتمال استمرار التقلبات في المدى القريب. ومع تراجع الاهتمام بالشراء واستمرار الحذر بين المتداولين، قد يستمر الشعور بـ “الخوف الشديد” الذي ساد القطاع عقب هذا الانهيار، مما يؤجل أي تعافي قوي ومستدام في سعر البيتكوين إلى أن تظهر إشارات واضحة على استقرار الاقتصاد العالمي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى