أسعار الذهب تتراجع بعد تصريحات الفيدرالي.. هل تتبدد آمال خفض الفائدة؟

تراجعت أسعار الذهب اليوم الجمعة، مقلصة مكاسبها المبكرة التي حققتها خلال الجلسة، وذلك في ظل تصريحات متشددة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي ألقت بظلال من الشك على آفاق خفض سعر الفائدة في شهر ديسمبر.
وتشير النبرة المتشددة إلى أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) لا يزالون يرون أن مخاطر التضخم تبرر الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق، الأمر الذي يعزز الدولار وعوائد السندات، وهما عاملان يضغطان تقليدياً على الذهب.
ومع ذلك، يظل المعدن الأصفر في مسار تحقيق مكاسب أسبوعية قوية، مدعومة بحالة عدم اليقين الاقتصادي الأوسع والطلب المتزايد على الملاذات الآمنة في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة.
أداء الذهب والتوقعات الحالية وعلاقة الفائدة المعكوسة
استقر سعر الذهب الفوري عند 4,169.58 دولار للأونصة اعتباراً من الساعة 09:30 بتوقيت جرينتش، بعد أن كان قد سجل في وقت سابق من الجلسة قمة لحظية عند 4,211.06 دولار. ورغم التراجع الطفيف، لا يزال المعدن النفيس مرتفعاً بنسبة 4.3% حتى الآن هذا الأسبوع، مما يعكس تزايد حالة القلق في الأسواق المالية العالمية والتحول نحو أصول التحوط.
كما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي لتسليم ديسمبر بنسبة 0.2% إلى 4,185.90 دولار للأونصة. ويُعزى هذا التراجع الطفيف بالتزامن مع انحسار التوقعات بخفض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي. عادةً، عندما ترتفع توقعات الفائدة أو تثبت عند مستويات عالية، تقل جاذبية الذهب الذي لا يدر عائداً مقارنة بالسندات الحكومية ذات العائد المضمون.
ووفقاً لأداة “فيدواتش” (FedWatch) الخاصة بمجموعة CME، يرى المتداولون الآن احتمالاً بنسبة 49% فقط لخفض ربع نقطة مئوية في ديسمبر، انخفاضاً ملحوظاً من 64% في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما يعكس إعادة تسعير سريعة للمخاطر في السوق بناءً على إشارات الفيدرالي.
تأثير الفيدرالي وتحديات البيانات
أشار ريكاردو إيفانجيليستا، المحلل في ActivTrades، إلى أن أسعار الذهب تتلقى دعماً من “المزاج الحذر السائد في الأسواق المالية”، لكن هذا الارتفاع يظل محدوداً بسبب “تزايد الشكوك حول خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، نظراً لغياب البيانات الاقتصادية الجديدة والحاسمة”.
وقد عاد نشاط الحكومة الأمريكية بعد إغلاق استمر 43 يوماً وعطّل تدفق البيانات الاقتصادية الرئيسية، وعلى رأسها تقرير الوظائف غير الزراعية (Non-Farm Payrolls) وبيانات التضخم الحيوية. هذا النقص في “البوصلة الاقتصادية” يترك الفيدرالي في وضع صعب لاتخاذ قرار يستند إلى أسس متينة.
إلا أن البيت الأبيض خفف من آمال الحصول على وضوح اقتصادي فوري، مشيراً إلى أن بيانات البطالة لشهر أكتوبر قد لا تصبح متاحة في الوقت القريب، مما يزيد من حالة الضبابية ويرفع منسوب التوتر لدى المستثمرين. كما يواجه الذهب ضغوطاً إضافية قد تكون ناتجة عن إغلاق المراكز لـتلبية طلبات الهامش (Margin Calls) التي أطلقتها الانخفاضات الحادة في أسواق الأسهم التي شهدت تراجعاً عالمياً حاداً الجمعة، متأثرة بالإشارات المتشددة للفيدرالي، حيث يضطر بعض المستثمرين لبيع الذهب السائل لتغطية خسائرهم في الأصول الأكثر خطورة.
دور الذهب كأصل تحوط وسط الغموض المتصاعد
على الرغم من تقلبات السوق اليومية، يظل الذهب ملاذاً آمناً خلال فترات عدم اليقين. فقد أشار أليكس إيبكاريان، مدير العمليات في Allegiance Gold، إلى أنه “مع وضوح تكلفة الإغلاق الحكومي وتزايد الإنفاق، فإن نظام عدم اليقين بشأن التضخم والنمو يفضل المعادن الثمينة”.
ويُعرف الذهب، كأصل لا يدرّ عائداً، بكونه يتفوق في الأداء خلال فترات الغموض الاقتصادي وارتفاع المخاوف الجيوسياسية، وفي بيئات أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة تاريخياً (أي سعر الفائدة مطروحاً منه التضخم). ففي حال استمرت المخاوف من تباطؤ النمو بالتزامن مع ارتفاع التضخم (Stagflation fears)، فإن الجاذبية التحوطية للمعدن الأصفر تظل قوية، خاصة وأن البنوك المركزية حول العالم تواصل بناء احتياطياتها من الذهب كجزء من استراتيجيات تنويع المخاطر.
المعادن النفيسة الأخرى
في سياق متصل، ارتفع سعر الفضة الفورية بنسبة 0.9% ليصل إلى 52.78 دولار للأونصة، وهي في طريقها لتحقيق أفضل أداء أسبوعي لها منذ سبتمبر 2024، مرتفعة بنسبة 9.2%. وتستفيد الفضة من جاذبيتها المزدوجة كأصل تحوط مماثل للذهب، بالإضافة إلى دورها كعنصر صناعي أساسي في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الخضراء. في المقابل، انخفض البلاتين بنسبة 0.7% إلى 1,569.85 دولار، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.8% إلى 1,414.94 دولار للأونصة، حيث تتأثر هذه المعادن بشكل أكبر بالطلب الصناعي وتوقعات نمو الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا…


