البيتكوين يتراجع إلى 100 ألف دولار
شهدت عملة البيتكوين (BTC)، وهي الأصول الرقمية الأكبر والأكثر تأثيراً في السوق، تراجعاً طفيفاً بنسبة 1.24% في أحدث جلسات التداول. هذا الانزلاق من أعلى مستوياته الأخيرة عند 103,413 دولاراً إلى منطقة 101,775 دولاراً يؤكد الصراع المستمر لتثبيت السعر فوق مستوى المقاومة الفني الرئيسي البالغ 102,000 دولار. اللافت في هذا التراجع هو تسجيله على حجم تداول “خافت” أو ضعيف، حيث لم يتجاوز 2.11% فوق المتوسطات المتحركة لسبعة أيام. هذا الحجم الخجول يشير بوضوح إلى أن المشاركة في السوق كانت حذرة ومترقبة، مفضلة الترقب على اتخاذ قرارات اتجاهية حاسمة، خاصة مع اقتراب السعر من مستوى الدعم النفسي الحاسم والمحوري عند 100,000 دولار.
ضغوط البيع وتأكيد المقاومة العلوية
إن دراسة الحركات السعرية اليومية تظهر لحظة “ذروة البيع” التي شكلت نقطة الانهيار. تكثفت ضغوط البيع بصورة مفاجئة وحادة في تمام الساعة 15:00 بالتوقيت العالمي (GUMTMT)، حيث تم تداول ما يقرب من 27,579 عملة بيتكوين في تلك الساعة تحديداً. هذا الرقم الضخم يمثل قفزة تصل إلى 189% فوق المتوسط المتحرك لـ 24 ساعة، وهو ما يطلق عليه في التحليل الفني “القمة الحجمية للبيع” (High-Volume Selling Climax).
لقد فشل المشترون في استيعاب هذا التدفق الهائل للبيع، مما أدى إلى تراجع السعر بحدة عن أعلى نقطة وصل إليها في الجلسة عند 105,342 دولاراً. هذا الفشل في الحفاظ على الزخم فوق مستوى 105,200 دولار لا يؤكد فقط وجود مقاومة قوية علوية (Overhead Resistance) ولكن أيضاً يشير إلى أن البيتكوين يواجه صعوبة في مواصلة مسيرته الصاعدة بما يتجاوز خطوط الاتجاه الصاعدة التي شكلت دعماً في الفترات السابقة. وتؤكد بيانات الستين دقيقة، التي أظهرت محاولات انتعاش متقلبة لم تدم طويلاً، أن السوق دخلت في مرحلة تماسك أفقي، محصورة بين منطقتي 101,700 دولار و 102,000 دولار، بدلاً من اتخاذ اتجاه صعودي أو هبوطي واضح.
تداعيات تحول معنويات السوق ومؤشر الخوف والجشع
لعل أحد أبرز المؤشرات التي تعكس حجم الاضطراب الحالي هو الانخفاض الكبير في مؤشر الخوف والجشع (The Crypto Fear & Greed Index)، الذي هوى بشكل حاد ليبلغ مستويات 14-15 نقطة. هذه المستويات تقترب من منطقة “الخوف الأقصى”، مما يدل على تحول سريع ومفاجئ في المزاج العام للسوق، خاصة بعد أن تخلى البيتكوين عن مستوى 103,000 دولار. هذا التراجع في الثقة أثر على إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة، التي انخفضت إلى 3.48 تريليون دولار، مسجلة خسارة قريبة من 500 مليار دولار في الأسابيع الأخيرة نتيجة موجة من التسييل (Liquidations) وتقليص المخاطر من قبل المتداولين.
تاريخياً، تشير قراءات مؤشر الخوف والجشع المنخفضة إلى مراحل “استسلام السوق” (Market Capitulation)، والتي غالباً ما تسبق ارتدادات قوية. لكن، هذا الانعكاس السريع في التفاؤل، يعود حالياً إلى عوامل متعددة تشمل جني الأرباح من المراكز الطويلة، والضعف في الأصول التقنية المرتبطة، والحيطة العالمية المتزايدة الناتجة عن حالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي والمخاطر السياسية مثل تأثيرات إغلاق الحكومة.
استراتيجيات التحوط المؤسسي والدلالات الفنية الحاسمة
تبرز أهمية التحليل الفني في ضوء تحركات الأموال الكبيرة. ففي حين يحافظ المستثمرون المؤسسيون على أهدافهم طويلة الأجل، حيث يتوقع البعض وصول البيتكوين إلى 180,000 دولار، فإنهم في الوقت ذاته يعززون مراكزهم الدفاعية. هذا السلوك يظهر بوضوح في سوق المشتقات، حيث ارتفعت الفائدة المفتوحة (Open Interest) على عقود خيارات البيع (Puts) بشكل ملحوظ:
- عقود ديسمبر 2025 (عند 98,000 دولار): قفزت الفائدة المفتوحة بنسبة 43%.
- عقود مارس 2026 (عند 80,000 دولار): زادت الفائدة المفتوحة بنسبة 31%.
هذا الارتفاع يشير إلى قيام الصناديق والمستثمرين الكبار بعمليات “تحوط للمحفظة” (Portfolio Hedging)، وليس مجرد اتخاذ رهانات هبوطية مطلقة. إنهم يحاولون حماية رؤوس أموالهم من تكرار سيناريوهات الماضي، لا سيما مع اقتراب البيتكوين من المتوسط المتحرك لـ 365 يوماً، وهو مستوى دعم تاريخي أدى كسره في منتصف عام 2022 إلى تصحيح ضخم بنسبة 66%.
توصيات للمتداولين ونتائج التحليل الفني:
المخاطر على المدى القصير لعملة البيتكوين تظل منحازة نحو الاتجاه الهابط، خاصة في ظل استمرار حالة الخوف وضعف التدفقات المؤسسية. ومع ذلك، تشير مقاييس متوسطة الأجل، مثل تركيز العرض المتاح لدى الحائزين على المدى الطويل (Long-Term Holders) إلى أن ضغوط البيع المباشرة قد تكون محدودة.
- نقاط الدعم والمقاومة الفنية:
- الدعم الأولي: 101,625 دولاراً.
- الدعم المحوري (النفسي): 100,000 دولار.
- المقاومة الفورية: 102,150 دولاراً، وتليها منطقة 105,200 – 105,340 دولاراً.
- خطر التراجع: يمتد خطر الانزلاق نحو الدعم النفسي عند 100,000 دولار، والذي إذا تم كسره بقوة وحجم عالٍ، يفتح الباب أمام تصحيح أعمق قد يصل إلى منطقة 92,000 دولار.
يُنصح المتداولون بالتحلي بالصبر وتبني استراتيجية حكيمة لإدارة المخاطر. فبينما تخلق فترات الخوف الشديد فرصاً نادرة، لا يزال من الضروري انتظار إشارات حاسمة لتحسن الظروف الاقتصادية الكلية وعودة السيولة القوية قبل الدخول في مراكز شراء كبيرة.
اقرأ أيضا…
