تراجع حاد في قيمة الدولار الأمريكي
تقرير الوظائف الأمريكية يضعف التوقعات ويصعد باليورو والين

شهد الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً مقابل سلة العملات الرئيسية، وفي مقدمتها اليورو والين الياباني، وذلك يوم الثلاثاء وسط تصاعد المخاوف المتعلقة بتدهور سوق العمل في الولايات المتحدة. جاء هذا التراجع القوي بعد صدور تقرير حاسم أظهر أن أرباب العمل في القطاع الخاص قد قاموا بخفض الوظائف خلال الشهر الماضي، مما وجه ضربة مباشرة لثقة المستثمرين في قوة الاقتصاد الأمريكي وألقى بظلاله على التوقعات المستقبلية للسياسة النقدية.
على الرغم من أن الدولار الأمريكي كان قد استعاد بعضاً من قوته في الأسابيع الأخيرة مدعوماً بتوقعات نمو أكثر إيجابية واحتمالية أقل لتخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن البيانات الجديدة قلبت هذه الموازين رأساً على عقب. فقد أظهرت التقديرات الأولية الصادرة عن مؤسسة ADP للأبحاث أن القطاع الخاص قد استغنى عن ما معدله 11,250 وظيفة أسبوعياً خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 25 أكتوبر.
تقرير ADP يربك الفيدرالي ويهز ثقة السوق
إن هذا الانخفاض المفاجئ في أرقام الوظائف يُعد مؤشراً مقلقاً على تباطؤ زخم الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي تباطؤ النمو الاقتصادي، وهو ما يُضعف الحجة التي كانت تُستخدم لدعم قيمة الدولار الأمريكي كأصل مرتفع العائد. فتباطؤ التوظيف يزيد من الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي لكي يتحول من سياسة التشديد إلى سياسة التيسير النقدي، مما يجعل خفض الفائدة أمراً أكثر ترجيحاً في وقت أقرب مما كان متوقعاً.
تزامن هذا التطور مع قرب إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، بعد أن أقر مجلس الشيوخ التسوية التي ستبعث على إعادة فتح الحكومة. إعادة الفتح هذه ستكون بمثابة “طوفان” من البيانات الاقتصادية المؤجلة التي ظلت محتجزة لأسابيع (مثل تقارير التضخم وأرقام الوظائف الحكومية).
وعلّق مارك تشاندلر، كبير استراتيجيي السوق في Bannockburn Global Forex، على هذا الوضع المتشابك قائلاً: “عندما تكون الحكومة مغلقة، يتوقف تدفق الأخبار. ومع اقتراب إعادة الفتح، أعتقد أننا سنبدأ في رؤية المزيد من التصدعات” في قوة الاقتصاد، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق ويعزز النظرة السلبية تجاه العملة الخضراء، خاصة إذا جاءت البيانات المؤجلة مؤكدة لتقرير ADP المخيب للآمال.
التباين في السياسة النقدية يدعم اليورو والين
أدت هذه التطورات السلبية بشأن الدولار الأمريكي إلى دعم كبير للعملات المنافسة. فقد ارتفع اليورو ليخترق ويصعد فوق خط الاتجاه الهابط الذي كان يواجه مقاومة عنده منذ شهر سبتمبر. هذا الارتفاع يشير إلى تحول تقني في المشاعر السوقية، حيث أشار تشاندلر إلى أن “المشاعر الأساسية تجاه الدولار ما زالت سلبية”.
ويُعزى الدعم لليورو بشكل خاص إلى التوقعات المتعلقة بالبنك المركزي الأوروبي (ECB)، الذي يُتوقع أن يُبقي سعر الفائدة الرئيسي ثابتاً، وربما حتى نهاية عام 2027، في إطار سعيه لكبح التضخم المستمر في منطقة اليورو. في المقابل، تُسعّر الأسواق احتمالية تبلغ 67% بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي (Fed) بتخفيف سياسته النقدية وخفض أسعار الفائدة في ديسمبر. هذا التباين الواضح في مسار أسعار الفائدة – حيث يتجه أحدهما نحو التيسير بينما يبقى الآخر ثابتاً – يقلل من جاذبية الدولار الأمريكي كأداة استثمارية لصالح اليورو.
- مؤشر الدولار: انخفض مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، بنسبة 0.32% ليصل إلى مستوى 99.32 نقطة.
- اليورو مقابل الدولار: ارتفع اليورو بنسبة 0.38% ليصل إلى 1.16 دولار.
- الين الياباني: تعزز الين بنسبة 0.15% ليصل إلى 153.89 ين لكل دولار.
وفي سياق متصل، ارتفع الجنيه الإسترليني بشكل هامشي، رغم صدور بيانات أظهرت تباطؤاً ملحوظاً في سوق العمل البريطاني خلال الربع الثالث، حيث قفز معدل البطالة وتباطأ نمو الأجور، مما يشير إلى تبريد للاقتصاد البريطاني قد يدفع بنك إنجلترا إلى مراجعة سياسته. أما على صعيد العملات المشفرة، فقد تراجعت عملة بيتكوين بنسبة 1.42% لتصل إلى 104,110 دولارات، متأثرة بضعف المعنويات العامة في الأسواق المالية. تجدر الإشارة إلى أن نشاط التداول كان محدوداً يوم الثلاثاء بسبب إغلاق سوق السندات الأمريكية بمناسبة عطلة يوم المحاربين القدامى.
اقرأ أيضا…


