أخبار الأسواقأخبار الإسترليني دولاراخبار اقتصادية

بنك إنجلترا: تثبيت أسعار الفائدة بتصويت متقارب قبل ميزانية الخريف

في خطوة جاءت أكثر تقارباً مما توقعه الاقتصاديون في الأسواق المالية، صوّت بنك إنجلترا يوم الخميس لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير، وذلك في إطار حذر يسبق إعلان الحكومة عن ميزانية الخريف المقررة في نوفمبر. ويعكس هذا القرار التوازن الدقيق والصعب الذي تسعى إليه لجنة السياسة النقدية (MPC)؛ فهي ملزمة بمكافحة التضخم التاريخي دون دفع الاقتصاد الوطني نحو ركود عميق. هذا الترقب المزدوج للبيانات الاقتصادية والقرارات المالية الحكومية يضع بنك إنجلترا في وضع يتطلب أقصى درجات اليقظة.

تصويت متقارب أكثر من المتوقع يثير الجدل حول سياسة بنك إنجلترا

جاء التصويت داخل لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء بنتيجة 5-4 لصالح تثبيت سعر البنك عند 4%، بينما فضّل أربعة أعضاء خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وقد كان هذا الانقسام أكثر حدة مما أشارت إليه استطلاعات رأي الاقتصاديين التي توقعت أغلبية أكبر لصالح التثبيت بنسبة 6-3. ويشير هذا التقارب الكبير إلى أن الخلافات باتت عميقة داخل اللجنة حول مدى الحاجة لاستمرار الموقف التقييدي.

ويُعد هذا الانقسام مؤشراً قوياً على تزايد نفوذ “الحمائم” (Doves) – وهم الأعضاء المؤيدون للتيسير النقدي والتخفيف من ضغوط التضييق على النمو – داخل اللجنة، ما يشير إلى أن النقاش داخل أروقة بنك إنجلترا قد تحول بشكل حاسم من التركيز على الرفع إلى التساؤل حول توقيت أول خفض. وفي هذا الصدد، علّقت فيكتوريا كلارك، كبيرة الاقتصاديين في سانتاندر، لشبكة CNBC قائلة: “أعتقد أن هذا يمثل فوزاً لوجهة نظر الحمائم”، مؤكدة أن هناك قيمة كبيرة في انتظار المزيد من بيانات التضخم وسوق العمل قبل التسرع في اتخاذ قرار الخفض.

علامات تباطؤ التضخم وتراخي سوق العمل

أشار بنك إنجلترا في بيانه إلى أن معدل التضخم، الذي بلغ 3.8% في سبتمبر، قد وصل على الأرجح إلى ذروته، وأن الاتجاه نحو تباطؤ التضخم (Disinflation) يسير في مساره بفعالية. وأكد البنك أن هذا التوجه “مدعوم بالوضع التقييدي للسياسة النقدية” التي انتهجها، والتي نجحت في كبح جماح الطلب.

وأضاف البنك أن تباطؤ التضخم الأساسي “يُعزّز بالنمو الاقتصادي الضعيف وتزايد الركود في سوق العمل”. ويُقصد بـ “الركود في سوق العمل” بدء تراجع نمو الأجور وارتفاع معدلات البطالة تدريجياً، وهما مؤشران حاسمان لتخفيف ضغوط التكلفة والطلب في قطاع الخدمات. ومع ذلك، حذّر البنك من أن تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية “ستعتمد على تطورات توقعات التضخم. وإذا استمر التقدم في تباطؤ التضخم، فمن المرجح أن يستمر سعر البنك في مسار هبوطي تدريجي”. ويؤكد محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، على أهمية انتظار المزيد من البيانات التفصيلية حول مؤشر أسعار المستهلك (CPI) وسوق العمل، بالإضافة إلى تحليل تأثير الميزانية المرتقبة، لضمان استدامة انخفاض التضخم.

ترقب ميزانية الخريف: عامل حاسم في قرار بنك إنجلترا

يُعد توقيت اجتماع البنك قبل الميزانية مباشرة سبباً إضافياً للحذر. إذ يُتوقع أن تعلن وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، عن زيادة في الضرائب لردم فجوة مالية مقدّرة بما بين 20 إلى 50 مليار جنيه إسترليني، وهي فجوة نتجت عن عوامل تشمل ارتفاع تكاليف خدمة الدين وانخفاض النمو الاقتصادي المتوقع. ومن المرجح أن يكون لرفع الضرائب، خاصة ضريبة الدخل، تأثير كبير على كبح جماح الطلب الاستهلاكي وخفض الدخل المتاح للأسر، مما يساهم في خفض التضخم بشكل أكبر عبر القنوات المالية.

وأشار أندرو ويشارت، الاقتصادي في “بيرنبرج”، إلى أن الإجراءات المالية التي تزيد العبء على دخل الأسر ستؤدي إلى تراجع الطلب الكلي في الاقتصاد، وهو ما سيسمح لـ بنك إنجلترا بـ “خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مرتين على الأقل العام المقبل لتصل إلى 3.50%”. أي أن التضييق المالي (رفع الضرائب) سيفتح الباب أمام التيسير النقدي في وقت لاحق.

متى يبدأ بنك إنجلترا في التيسير النقدي؟

على الرغم من قرار التثبيت، هناك إجماع عام بين المحللين والأسواق على أن تخفيضات أسعار الفائدة قادمة لا محالة. ويرى المحللون أن صانعي السياسة النقدية لديهم قلق أكبر من خفض الفائدة بسرعة كبيرة قد يؤدي لعودة التضخم، بدلاً من خفضها ببطء شديد.

بينما توقعت مؤسسات كبرى مثل باركليز ونومورا خفضاً مفاجئاً هذا الشهر نظراً لتراكم الأدلة على التباطؤ، فإن معظم التوقعات تشير إلى أن الخطوة التالية ستكون خفضاً في ديسمبر أو فبراير على أقصى تقدير. ويقول دين تيرنر، كبير الاقتصاديين في UBS، إن البنك قد يرسل “إشارة واضحة بأن خفض الفائدة قادم في موعد أقصاه فبراير، وربما في أقرب وقت ممكن في ديسمبر”، خصوصاً بعد تقييم تأثير الميزانية واستلام نتائج دورتي بيانات جديدتين للتضخم وسوق العمل. هذه البيانات، مثل ارتفاع معدل البطالة إلى 4.9% واستمرار تراجع نمو الأجور، ستكون العوامل الحاسمة التي تحدد توقيت الخطوة القادمة لبنك إنجلترا.

وقد انعكس هذا الترقب على الأسواق، حيث تراجعت عائدات السندات الحكومية البريطانية (Gilt) على طول المنحنى، في حين قلّص الجنيه الإسترليني مكاسبه المبكرة مقابل الدولار الأمريكي مع ترجيح كفة التخفيف النقدي على المدى القريب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى