هبوط أسعار النفط يتجاوز 1% وسط قلق المعروض والدولار القوي

شهدت أسعار النفط تراجعاً ملحوظاً تجاوز 1% في التعاملات الأخيرة، مدفوعة بمزيج معقد من القلق المتزايد بشأن تخمة المعروض العالمي وتأثير قوة الدولار الأمريكي الصارم، إلى جانب بيانات ضعيفة أظهرت تباطؤاً واسع النطاق في النشاط الصناعي العالمي. هذا التراجع يضع ضغوطاً متجددة وهيكلية على خام برنت والخام الأمريكي (غرب تكساس الوسيط)، مثيراً تساؤلات جدية حول آفاق الطلب الحقيقي على الطاقة في الربع الأول من العام المقبل، وهو ما يجبر المستثمرين على إعادة تقييم المخاطر الاقتصادية العالمية.
أداء أسعار النفط اليوم
تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 90 سنتاً، أو 1.4%، لتستقر عند 63.99 دولاراً للبرميل، متخلفة عن مستوى الـ 64 دولاراً الذي يُعد حاجزاً نفسياً. وفي الوقت نفسه، انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ 95 سنتاً، أو حوالي 1.6%، ليصل إلى 60.10 دولاراً للبرميل. ويُعزى هذا الانخفاض بشكل مباشر إلى قرار مجموعة أوبك+ الأخير بالتوقف عن زيادة الإنتاج في الربع الأول من العام القادم، بالإضافة إلى عوامل سلبية أخرى تشمل تلاشي الدعم الجيوسياسي.
الدولار القوي والركود الصناعي يكبحان جماح الأسعار
يعد تجدد قوة الدولار الأمريكي أحد أهم العوامل الضاغطة على أسعار النفط حالياً. مع تحليق مؤشر الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، جاء ذلك مدفوعاً بالانقسام داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن ما إذا كان سيتم خفض أسعار الفائدة مجدداً في ديسمبر. هذا الانقسام دفع المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على خفض وشيك لسعر الفائدة، مما عزز الدولار. ومن المعروف أن ارتفاع قيمة الدولار يجعل النفط المسعّر به أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى، مما يقلل من جاذبية الشراء ويحد من الطلب العالمي عليه.
من جهة أخرى، جاءت مؤشرات مديري المشتريات (PMI) الصناعية العالمية لتثير القلق بشأن مستقبل الطلب الأساسي. فقد سجل النشاط الصناعي في اليابان، على سبيل المثال، أسرع انكماش له في 19 شهراً خلال شهر أكتوبر، متأثراً بتراجع حاد في الطلب في قطاعي السيارات وأشباه الموصلات الرئيسيين، وهما قطاعان يعتمدان بشكل كبير على الطاقة.
وفي هذا الصدد، علق جون إيفانز، المحلل في PVM Oil Associates، قائلاً: “إن توالي مؤشرات مديري المشتريات الضعيفة من آسيا ثم مؤشر ISM الأمريكي يمثل قلقاً حقيقياً لطلب النفط العالمي، مشيراً إلى تباطؤ محتمل في المحركات الاقتصادية الكبرى. كما أن التهديد المستمر للتعريفات الجمركية الذي يزعج السوق هو عامل آخر يضيف حالة من عدم اليقين.” وأضاف إيفانز: “إن انتعاش الدولار الأمريكي هو عامل قمع إضافي لأسعار النفط في الوقت الراهن، ونتوقع استئناف مسيرة الانخفاض التدريجي حتى تستقر التوقعات الاقتصادية الكلية.”
قرار أوبك+ وتلاشي أثر العقوبات الجيوسياسية
جاء قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها، المعروفة باسم “أوبك+”، يوم الأحد ليضيف تعقيداً للسوق. فقد اتفقت المجموعة على زيادة طفيفة في إنتاج النفط لشهر ديسمبر، مع إيقاف الزيادات المخطط لها في الربع الأول من العام المقبل. هذا القرار، بالرغم من أنه يحافظ على مستويات الإنتاج الحالية، فُسّر على نطاق واسع بأنه مؤشر على حذر المجموعة وعدم ثقتها في قوة الطلب خلال أشهر الشتاء والربيع المبكرة.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في SEB Research، بأن الدعم المؤقت الذي تلقته أسعار النفط جراء العقوبات الأمريكية الأخيرة على شركتي الطاقة الروسيتين لوك أويل وروس نفط بدأ يتلاشى تدريجياً. وأشار إلى أن التأثير الفعلي للعقوبات من المرجح أن يزول أو يتأجل بحلول 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو موعد دخول العقوبات على الشركات الأخرى التي تتعامل مع الكيانات الروسية حيز التنفيذ، مما يزيل عاملاً داعماً مؤقتاً للأسعار.
الترقب لبيانات المخزونات الأمريكية يضاعف الضغوط
في ختام التداولات، يترقب المشاركون في السوق صدور أحدث بيانات المخزونات الأمريكية من معهد البترول الأمريكي (API) في وقت لاحق من اليوم. ويشير استطلاع أولي أجرته رويترز إلى توقعات بارتفاع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وهو ما سيضيف مزيداً من الضغط الهبوطي على أسعار النفط إذا تأكدت هذه الزيادة. فارتفاع المخزونات الأمريكية يُعتبر دليلاً ملموساً على أن المعروض يتجاوز الطلب، حتى مع جهود أوبك+، مما يعزز المخاوف بشأن تخمة السوق.
تستمر أسعار النفط في التداول ضمن نطاق ضيق وحذر، متأثرة بتشابك العوامل الجيوسياسية والاقتصاد الكلي. وبينما توفر قرارات أوبك+ بعض الدعم النظري من خلال إدارة المعروض، فإن مخاوف الطلب الضعيف في آسيا وأوروبا، إلى جانب التحركات القوية والمستمرة للدولار، تهيمن على المشهد، مما يشير إلى أن الاتجاه الهبوطي قد يستمر على المدى القريب ما لم تظهر مؤشرات اقتصادية أقوى تدعم تعافي الطلب على الطاقة.
اقرأ أيضا…


