أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

صعود الدولار الأمريكي بدعم من تفاؤل المحادثات التجارية وتوقعات خفض الفائدة

شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا طفيفًا مقابل نظرائه الأوروبيين يوم الأربعاء، وتحديداً مقابل الجنيه الإسترليني، مدعومًا بالتفاؤل حول قرب التوصل إلى هدنة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. يأتي هذا التحرك الإيجابي في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed) في وقت لاحق من اليوم لتحديد مسار الفائدة المستقبلية، مما يضع الدولار الأمريكي في دائرة الضوء كعملة محورية تتأثر بعوامل جيوسياسية ونقدية متزامنة.

المحادثات التجارية تدعم معنويات الدولار وتخفف من المخاطر

عزز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، النبرة التفاؤلية بشأن قمة مرتقبة مع نظيره الصيني شي جين بينغ. وأشار ترامب إلى توقعه خفض التعريفات الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية، مقابل التزام بكين بالحد من صادرات المواد الكيميائية التي تستخدم في صناعة الفنتانيل. هذا التقارب يقلل بشكل كبير من المخاطر العالمية ويغذي حالة “الإقبال على المخاطرة” (Risk-On) في الأسواق، مما يدعم العملات المرتبطة بالتجارة والاستثمار العالمي.

يرى بعض المحللين، مثل بارت واكاباياشي، مدير فرع طوكيو في State Street، أن قوة الدولار الأمريكي تمثل نوعاً من الانتعاش بعد “مهرجان التعريفات” الذي أثر على العملة في السابق. وأضاف واكاباياشي: “تم بيع الدولار الأمريكي كثيراً لفترة طويلة، لذا أعتقد أن هناك آلية سوق تجعله يرتد في مرحلة ما، ويمكن أن يكون هذا الارتداد مفرطًا في رد فعله.” هذا الارتداد يُفسر جزئياً على أنه تخفيف للضغوط التي كانت تفرضها حالة عدم اليقين التجاري على الاقتصاد الأمريكي ككل.

تراجع العملات الملاذ الآمن أمام الدولار

نتيجة لهذا التفاؤل التجاري وارتفاع الدولار الأمريكي، تراجع اليورو بنسبة 0.15% ليصل إلى 1.1636 دولار، مسجلاً بذلك نهاية لسلسلة مكاسب استمرت خمسة أيام. هذا التراجع يشير إلى تحوّل في التوقعات، خاصة مع ضعف البيانات الاقتصادية في منطقة اليورو مؤخراً.

كما ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.5% مقابل الفرنك السويسري، الذي يُعتبر ملاذاً آمناً تقليدياً، ليصل إلى 0.7972، مبتعدًا بشكل واضح عن أدنى مستوياته المسجلة الشهر الماضي. ويُعزى ضعف الفرنك إلى انحسار الحاجة إلى الأصول الآمنة مع تزايد آفاق الاستقرار التجاري. في المقابل، استفادت العملات الآسيوية من أخبار التجارة، حيث ارتفع الوون الكوري بقوة، بينما سجل اليوان الصيني في التعاملات الداخلية أقوى إغلاق له منذ الرابع من نوفمبر، مما يعكس التأثير الإيجابي المباشر لتهدئة التوترات على التجارة البينية.

ترقب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي ومسار التيسير النقدي

لا يزال اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (Fed) يشكل أولوية قصوى للمتداولين. تُشير التوقعات إلى شبه يقين بخفض الفائدة من قبل صانعي السياسات، الذين يوجهون الاقتصاد بناءً على بيانات محدودة تشير إلى قلق بشأن ضعف سوق العمل واستمرار تباطؤ التضخم. ويأتي هذا الخفض المتوقع لدعم نمو الاقتصاد الأمريكي في ظل الرياح المعاكسة التي يواجهها.

تُظهر تسعيرة السوق توقعات بخفض إضافي لأسعار الفائدة في ديسمبر، ومرتين أخريين بحلول يوليو من العام المقبل، مما يؤسس لمسار واضح من التيسير النقدي. ولذلك، سيراقب المستثمرون المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي جيروم باول بدقة، ليس فقط لمعرفة قرار اليوم، بل للحصول على أدلة حول سرعة وتيرة الخفض في المستقبل. أي تلميح حول “التوقف المؤقت” أو “تعديل المسار” من شأنه أن يغير توقعات السوق ويؤثر مباشرة على قيمة الدولار الأمريكي. من المتوقع أن يُبقي كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة ثابتة يوم الخميس، مما يزيد من تباين السياسات النقدية مقارنةً بمسار الدولار الأمريكي المتجه نحو التخفيف.

تباين مواقف البنوك المركزية: الإسترليني والدولار الأسترالي

شهد الجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي أيضاً تحركات ملحوظة مرتبطة بتوقعات السياسة النقدية للبنوك المركزية الخاصة بهما، رغم أن اجتماعات بنك إنجلترا (BoE) والبنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) ستعقد الأسبوع المقبل.

فقد الجنيه الإسترليني 0.5% مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى 1.3198 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاثة أشهر تقريبًا. وتأتي هذه الحركة مع تزايد احتمالية قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة هذا العام، وربما في أقرب وقت ممكن الأسبوع المقبل، مدفوعاً بضعف النمو الاقتصادي وغموض المشهد السياسي. وقد توقع بنك جولدمان ساكس خفضاً للفائدة الشهر المقبل، بعد أن كان لا يتوقع أي تخفيف هذا العام، مما يؤكد التحول في توقعات السوق نحو سيناريو التيسير النقدي المبكر في المملكة المتحدة.

في المقابل، ارتفع الدولار الأسترالي بعد بيانات أسعار المستهلك (CPI) الفصلية التي جاءت أقوى من المتوقع بكثير. وتعتبر هذه القراءة ركيزة أساسية لقرارات البنك الاحتياطي الأسترالي، مما أثار الشكوك حول إمكانية خفض سعر الفائدة في اجتماعه القادم، أو حتى في الاجتماع الذي يليه في ديسمبر. هذا التضخم المفاجئ يعطي البنك المركزي الأسترالي مساحة أقل للمناورة، مما دعم العملة. ووفقاً لـ لوسي إليس، كبيرة الاقتصاديين في Westpac، فإن “أقرب موعد سيكون فيه مجلس إدارة RBA في وضع يسمح له بالحصول على مزيد من الاطمئنان بشأن التضخم هو مع القراءة الفصلية التالية قبل اجتماع فبراير 2026. وحتى الخفض في فبراير بعيد عن اليقين الآن، نظراً لحجم المفاجأة الصاعدة (للتضخم) هذا الربع.”

يظل الدولار الأمريكي حالياً مدعومًا بمزيج معقد من التطورات الإيجابية في ملف التجارة والتحركات الاستباقية المتوقعة من البنك الفيدرالي، مما يؤكد دوره المحوري في تداولات العملات العالمية وقدرته على الاستفادة من تباين مسارات السياسة النقدية عالمياً.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى