أسعار الذهب تتراجع بفعل قوة الدولار وتفاؤل الصفقة التجارية بين واشنطن وبكين

شهدت أسعار الذهب تراجعاً ملحوظاً في تداولات بداية الأسبوع، حيث بدأ المستثمرون في التحول نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى (Risk-on) بعد تلاشي بعض المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية. هيمن على حركة المعدن الأصفر عاملان رئيسيان: الارتفاع القوي للدولار الأمريكي ومؤشرات على انفراجة محتملة في المفاوضات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. هذا التحول المفاجئ وضع ضغطاً مباشراً على مكانة الذهب كملاذ آمن تقليدي. يتجه اهتمام المستثمرين حالياً نحو الاجتماعات المرتقبة للبنوك المركزية الكبرى، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي، بحثاً عن إشارات واضحة حول التوجهات المستقبلية للسياسة النقدية التي تحدد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب.
ضغط الدولار والتفاؤل التجاري يثقلان كاهل الذهب
تأثرت أسعار الذهب الفورية، التي سجلت انخفاضاً بنسبة 0.8% لتستقر عند 4,077.11 دولاراً للأوقية (الأونصة)، بارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من أسبوعين مقابل الين. من المعروف أن قوة العملة الأمريكية تجعل حيازة الذهب أكثر تكلفة على حاملي العملات الأخرى، مما يقلل من جاذبيته الاستثمارية. ويعكس ارتفاع الدولار بشكل عام عودة شهية المخاطرة، حيث يتخلى المستثمرون عن الأصول الدفاعية لصالح الأصول ذات العائد المرتفع.
إضافة إلى ذلك، جاءت التطورات الإيجابية الأخيرة بشأن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لتقلل من جاذبية الذهب كملاذ آمن. فقد أعلن مسؤولون اقتصاديون كبار في البلدين عن التوصل إلى إطار عمل لاتفاق تجاري سيتم البت فيه من قبل الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ في وقت لاحق من هذا الأسبوع، الأمر الذي يفتح الباب أمام تحسن توقعات النمو العالمي.
وفي تحليله لتلك المستجدات، قال كايل رودا، المحلل في Capital.com: “جاء احتمال التوصل إلى هذه الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين بمثابة مفاجأة إيجابية للأسواق عموماً. هذه الإيجابية عززت شهية المخاطرة، مما أدى إلى خروج السيولة من أصول التحوط. ومن الواضح أن الجانب المقابل لهذا التطور هو أنه كان سلبياً بالنسبة للذهب”، مشيراً إلى أن حالة عدم اليقين التي كانت تغذي الطلب على الذهب كملاذ آمن خلال الأشهر الماضية قد خفت حدتها بشكل كبير، مما يقلل من الحاجة إلى هذا النوع من الأمان في محافظ المستثمرين.
السياسة النقدية: التخفيض المسعر والبحث عن التوجيه المستقبلي
على الرغم من التراجع الأخير في أسعار الذهب، لا يزال هناك عامل أساسي يوفر الدعم للمعدن الثمين. يرى رودا أن احتمالية استمرار السياسات المالية والنقدية التيسيرية هي السبب وراء استمرار الاتجاه الصعودي للذهب على المدى الطويل، حيث أن التضخم المنخفض يوفر مجالاً للبنوك المركزية لتبني سياسات مرنة.
ومن المرتقب أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بتخفيض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه المقرر يوم الأربعاء، وهو ما تدعمه بيانات التضخم التي جاءت أضعف من المتوقع الأسبوع الماضي. وبما أن الأسواق قد قامت بالفعل بتسعير هذا التخفيض بشكل كامل، مما يعني أن الحركة السعرية الناتجة عن القرار الفعلي ستكون محدودة، فإن الأنظار تتجه نحو أي تعليقات توجيهية مستقبلية من رئيس الفيدرالي، جيروم باول. يبحث المستثمرون بشكل أساسي عن إشارة حول ما إذا كان هذا التخفيض هو مجرد “تعديل في منتصف الدورة” أو جزء من سلسلة تخفيضات مستقبلية. ويُعد هذا التوجيه حاسماً لتحديد جاذبية الذهب، نظراً لأن المعدن الأصفر لا يدر عائداً ويستفيد عادةً بشكل كبير من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة التي تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازته.
وفي سياق البيانات المرتبطة بأسعار الذهب عالمياً، أظهرت حيازات صندوق SPDR Gold Trust، وهو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب في العالم، تراجعاً بنسبة 0.52% يوم الجمعة. يُشير هذا الانخفاض الطفيف في الحيازات المدعومة مؤسسياً إلى أن بعض كبار المستثمرين بدؤوا بالفعل في تقليص مراكزهم التحوطية قبيل صدور قرارات البنوك المركزية. أما بالنسبة لحركة المعادن الأخرى، فقد انخفض سعر الفضة الفورية بنسبة 0.6%، بينما سجل البلاتين مكاسب بنسبة 0.7%، وحقق البلاديوم ارتفاعاً بنسبة 0.5%.
اقرأ أيضا…
 
				 
					 
					 
					


