أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

ارتفاع أسعار النفط لليوم الثاني: مخاوف الإمداد تشتعل بفعل العقوبات الأمريكية على روسيا

شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً يوم الجمعة، مواصلةً بذلك زخم الصعود الذي بدأ في اليوم السابق، وهي في طريقها لتحقيق مكاسب أسبوعية ملحوظة. يأتي هذا الارتفاع مدفوعاً بشكل رئيسي بمخاوف الإمداد التي أثارتها العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على اثنتين من أكبر شركات النفط الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا.

زادت عقود خام برنت الآجلة بنسبة 0.7% لتصل إلى 66.45 دولاراً للبرميل، فيما تقدمت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (WTI) بالنسبة ذاتها لتسجل 62.25 دولاراً للبرميل. وقد قفز كلا المؤشرين القياسيين بأكثر من 5% يوم الخميس بعد الإعلان عن العقوبات، وهما على وشك تسجيل أكبر مكاسب أسبوعية لهما منذ منتصف يونيو.

تفاصيل العقوبات وأثرها الفوري على الإمدادات

استهدفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شركتي “روسنفت” (Rosneft) و”لوك أويل” (Lukoil) الروسيتين بعقوبات يوم الخميس، في محاولة لزيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا. وتمتلك الشركتان معاً حصة تزيد عن 5% من الإنتاج العالمي للنفط، مما يمنح هذه العقوبات ثقلاً كبيراً في سوق الطاقة.

الأثر الفوري للعقوبات تجسّد في ردود فعل كبار المشترين العالميين:

  • الصين: أفادت مصادر تجارية بأن شركات النفط الصينية المملوكة للدولة علّقت مؤقتاً مشتريات النفط الروسي على المدى القصير.
  • الهند: من المتوقع أن تخفض المصافي في الهند، وهي أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحراً، وارداتها بشكل حاد، حسبما ذكرت مصادر مطلعة في القطاع.

في هذا الصدد، أشار جانيڤ شاه، نائب رئيس تحليل أسواق النفط في Rystad Energy، إلى أن “التدفقات إلى الهند معرضة للخطر بشكل خاص”، بينما ستكون التحديات التي تواجه المصافي الصينية “أكثر اعتدالاً” نظراً لتنوع مصادر الخام المتاحة لديها.

تحول السوق وعودة “حالة التأخير” (Backwardation)

إشارة واضحة لمخاوف السوق هي عودة فروق الأسعار لأجلي ستة أشهر لخام برنت والخام الأمريكي إلى حالة “التأخير” (Backwardation). تعني هذه الحالة أن العقود الآجلة للتسليم في وقت لاحق تكون أقل سعراً من العقود الأقرب أجلاً. هذا النمط التسعيري، الذي يفضله المنتجون والبائعون، يعتبر عادةً مؤشراً على ضيق الإمدادات الفورية أو نقص المخزونات الحالية، حيث تتسابق المصافي على تأمين الخام المتوفر بأسرع ما يمكن، مما يرفع أسعار العقود قصيرة الأجل.

ويشير هذا التحول من حالة “فائض المعروض” (Contango)، التي سادت لفترة وجيزة هذا الأسبوع، إلى تحول كبير في قلق المتداولين. ففي حالة “فائض المعروض”، تكون الأسعار المستقبلية أعلى من الأسعار الفورية، مما يشجع التجار على شراء النفط الآن وتخزينه لبيعه لاحقاً (دفع مقابل التخزين). أما العودة إلى “التأخير” الآن فتعكس تركيز المتداولين على الخوف من نقص الإمدادات المحتمل بسبب العقوبات بدلاً من تخمة المعروض. هذا يتيح لهم بيع النفط الفوري بأسعار أعلى في الشهر القريب، ما يعزز الضغط الصعودي على أسعار النفط الحالية.

هذا التغيير المفاجئ في هيكل السوق الآجل يؤكد على أن المستثمرين يقيّمون العقوبات على أنها خطر مادي وملموس على التدفقات العالمية، وليس مجرد ضجيج سياسي. فكلما زاد الانحدار في منحنى “التأخير”، زادت حدة المخاوف بشأن نقص الخام في الوقت الراهن والمستقبل القريب.

وعلّق جيوفاني ستونوفو، محلل السلع في بنك UBS، قائلاً: “الجميع ينتظر مؤشرات على حجم تأثير العقوبات الجديدة على روسيا. السوق في وضع ترقب لمعرفة ما سيحدث للتدفقات”. هذا الترقب يُبقي حالة عدم اليقين سائدة، مما يغذي التقلبات في أسعار النفط.

الردود العالمية ومستقبل أسعار النفط

في سياق متصل، أعلن وزير النفط الكويتي أن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ستكون مستعدة لتعويض أي نقص في السوق عن طريق زيادة الإنتاج إذا لزم الأمر، في محاولة لتهدئة القلق من ارتفاعات حادة في أسعار النفط.

من جهتها، صعدت الولايات المتحدة من لهجتها مشيرة إلى استعدادها لاتخاذ مزيد من الإجراءات، في حين سخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العقوبات ووصفها بأنها عمل غير ودي، مؤكداً أنها لن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي وشدد على أهمية بلاده للسوق العالمية.

تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم عام 2024 بعد الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات الطاقة الأمريكية. كما أن التوترات مستمرة، حيث كانت بريطانيا قد فرضت عقوبات على “روسنفت” و”لوك أويل” الأسبوع الماضي، ووافق الاتحاد الأوروبي على حزمة عقوبات تشمل حظراً على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، بالإضافة إلى إدراج مصفاتين صينيتين وثلاث جهات تجارية أخرى على قائمة العقوبات.

يبقى المستثمرون يركزون أيضاً على الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل، حيث يعمل الزعيمان على نزع فتيل التوترات التجارية القائمة منذ فترة طويلة. إن نتائج هذا الاجتماع قد تحمل تأثيراً كبيراً على توقعات نمو الطلب العالمي وبالتالي على مسار أسعار النفط في الأمد المتوسط.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى