أسعار الذهب تكسر سلسلة مكاسب دامت 9 أسابيع

شهدت أسواق المعادن الثمينة هذا الأسبوع تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض سعر الذهب بأكثر من 1% يوم الجمعة، متجهاً لكسر سلسلة مكاسب استثنائية دامت تسعة أسابيع متتالية. وقد تزامن هذا الانخفاض مع قيام المستثمرين بجني الأرباح وارتفاع مستوى التفاؤل بشأن تيسير التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ويُعد هذا التراجع بمثابة أكبر انخفاض أسبوعي بالنسبة المئوية منذ نوفمبر 2024، حيث بلغ إجمالي الانخفاض الأسبوعي نحو 4.3%، ليستقر سعر الذهب الفوري عند 4,063.46 دولار للأونصة. هذا التصحيح يأتي بعد أسابيع من الارتفاع الجنوني الذي دفع المعدن الثمين لتسجيل مستوى قياسي بلغ 4,181.21 دولار للأونصة مطلع هذا الأسبوع. ويمثل هذا التصحيح اختباراً للمستويات التي حققها الذهب، لا سيما بعد اختراقه حاجز 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى هذا الشهر، وهو ما استدعى حذراً بين المتداولين الذين يفضلون تأمين الأرباح قبل بيانات اقتصادية رئيسية.
العوامل الضاغطة: جني الأرباح والتفاؤل التجاري
يشير المحللون الاقتصاديون إلى عاملين رئيسيين يقفان وراء هذا التصحيح في سعر الذهب:
1. تسييل المكاسب التاريخية: بعد تحقيق مكاسب ضخمة بلغت 55% هذا العام، مدفوعة بالاضطرابات الجيوسياسية وعمليات شراء البنوك المركزية، أصبح سعر الذهب هدفاً مثالياً لعمليات جني الأرباح. وقد صرح كارلو ألبيرتو دي كاسا، المحلل لدى مجموعة سويسكوت المصرفية، بأن “الارتفاع الذي شهدته الأسابيع القليلة الماضية كان سريعاً جداً، والمستثمرون الذين حققوا مكاسب هائلة يقومون بجني الأرباح أو على الأقل تقليل انكشافهم على الذهب”. ويضيف المحللون أن المكاسب المتتالية كانت تفتقر إلى قاعدة دعم فنية صلبة في المدى القصير، مما جعل السوق عرضة للانعكاس عند أي محفز إيجابي يقلل من الحاجة إلى الملاذات الآمنة. بالتالي، مثّل الاقتراب من مستوى 4,200 دولار حافزًا نفسيًا قوياً للمضاربين لتصفية مراكزهم.
2. هدوء التوترات الأمريكية-الصينية: جاء التأكيد من البيت الأبيض حول عقد اجتماع مرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ خلال زيارة ترامب الآسيوية الأسبوع المقبل ليخفف من حدة المخاوف التجارية. هذا التفاؤل يخفف من الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما يدعم التراجع في أسعاره. كانت النزاعات التجارية، خاصة تلك المتعلقة بالرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية المتبادلة، من أهم الدوافع لارتفاع الذهب طوال النصف الأول من العام. إن مجرد الإعلان عن اجتماع رفيع المستوى يعني أن هناك مساراً محتملاً لتهدئة تلك النزاعات، مما يقلل من جاذبية الأصول التي تزدهر في ظل عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، ويحول اهتمام المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى.
ترقب التضخم وقرار الاحتياطي الفيدرالي
يترقب المستثمرون الآن صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في الولايات المتحدة، والذي من المتوقع أن يكشف عن نمو قوي في أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر. ويكتسب هذا التقرير أهمية خاصة هذا الأسبوع؛ ففي حال جاءت قراءة التضخم قوية كما هو متوقع، قد يضع ذلك الاحتياطي الفيدرالي في موقف دقيق.
وعلى صعيد السياسة النقدية، لا تزال الأسواق تتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه الأسبوع المقبل. ويُعرف الذهب تقليدياً بأنه يستفيد من انخفاض أسعار الفائدة، حيث يقلل ذلك من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن غير المدر للعائد. إلا أن بيانات التضخم القوية يمكن أن تقلل من مساحة المناورة أمام الفيدرالي لخفض الفائدة بقوة، مما يسبب تقلبات في الدولار وعوائد السندات، وبالتالي يؤثر بشكل غير مباشر على جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائداً في المدى القريب.
التوقعات المستقبلية: الاتجاه الصعودي ما زال قائماً
على الرغم من التراجع الحاد لهذا الأسبوع، يؤكد المحللون أن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعداً بقوة. وقد أشار راسل شور، كبير محللي السوق في Tradu، إلى أنه “حتى لو ظهرت تصحيحات قصيرة الأجل، فإن الاتجاه الأوسع (للذهب) يظل صاعداً بقوة، مدعوماً بأسس قوية”.
تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة 0.6% هذا الأسبوع ساهم أيضاً في زيادة تكلفة شراء الذهب لحاملي العملات الأخرى، مما ضاعف من الضغط الهبوطي.
المعادن الأخرى:
- الفضة: تراجعت أسعار الفضة بنسبة 1.6%، متجهة لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي لها منذ مارس، متأثرة بالديناميكيات ذاتها التي أثرت على الذهب.
- البلاتين والبلاديوم: سجل البلاتين انخفاضاً بنسبة 1.1% وخسر البلاديوم 3.8% من قيمته، مما يعكس تراجعاً عاماً في قطاع المعادن الثمينة والنفيسة.
اقرأ أيضا…



