أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية تشهد تراجع جماعي بفعل التوترات التجارية وخيبات نتائج الأرباح

شهدت الأسهم الأمريكية تراجعاً جماعياً حاداً يوم الأربعاء، لتُنهي بذلك مؤشرات وول ستريت الرئيسية موجة صعود قصيرة، حيث أغلقت بخسائر تجاوزت الـ 300 نقطة لمؤشر داو جونز الصناعي. يأتي هذا التراجع الحاد بعد يوم واحد فقط من تسجيل مؤشر داو جونز قمة تاريخية جديدة تجاوزت لفترة وجيزة مستوى 47,000 نقطة، مدعوماً بنتائج قوية من شركات مثل كوكا كولا و3M. هذا التباين السريع يسلط الضوء على الهشاشة العالية التي تسيطر على معنويات المستثمرين في ظل التعقيدات الجيوسياسية ومخاطر تقييم الشركات. وقد تضافرت مجموعتان من العوامل لإشعال فتيل البيع في السوق: تصعيد المخاوف بشأن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وظهور نتائج أرباح أقل من المتوقع من شركات كبرى في قطاعي التكنولوجيا وأشباه الموصلات.

توترات بكين وواشنطن تضغط على معنويات المستثمرين

ظل المستثمرون تحت ضغط متزايد بعد تأكيد وزير الخزانة سكوت بيسنت أن البيت الأبيض يدرس فرض قيود جديدة على الصادرات التكنولوجية المتجهة إلى الصين، خاصة تلك التي تعتمد على البرمجيات والتكنولوجيا الأمريكية. وتأتي هذه الخطوة استكمالاً لتحذير سابق أطلقه الرئيس دونالد ترامب قبل أسبوعين، والذي أشار فيه إلى تطبيق قيود على “أي برنامج حاسم” بحلول الأول من نوفمبر.

وينظر المحللون إلى هذه القيود المحتملة ليس فقط كإجراء حمائي، بل كخطوة استراتيجية تهدد بقطع وصول الشركات الصينية إلى التقنيات الأساسية، مما يثير شبح الإجراءات الانتقامية من بكين. إن تأثير هذه التطورات يتجاوز بكثير الشركات التي تبيع مباشرة في الصين، ليطال سلاسل الإمداد العالمية المعقدة التي تعتمد على المكونات والتصنيع المشترك، مما يضع ضغطاً هائلاً على تقييمات شركات التكنولوجيا الكبرى. وقد انعكست هذه المخاوف فوراً على أداء مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية:

  • مؤشر داو جونز الصناعي: أغلق منخفضاً بمقدار 334.33 نقطة، أو 0.71%، ليغلق عند 46,590.41 نقطة.
  • مؤشر ستاندرد آند بورز 500: تراجع بنسبة 0.53%، منهياً الجلسة عند 6,699.40 نقطة.
  • مؤشر ناسداك المركب: سجل أكبر انخفاض بنسبة 0.93%، ليستقر عند 22,740.40 نقطة.

أرباح “تكساس إنسترومنتس” و”نتفليكس” تخيب التوقعات

لم تكن نتائج الأرباح رفيقاً جيداً للسوق، بل كانت سبباً ثانياً للضغوط البيعية. فقد تضررت ثقة المستثمرين إثر تقارير ضعيفة من شركتين رئيسيتين:

  1. تكساس إنسترومنتس (Texas Instruments): هبط سهم شركة أشباه الموصلات العملاقة بنسبة 5.6% بعد أن جاءت أرباحها الأخيرة أضعف من التوقعات، بالإضافة إلى تقديمها لتوقعات فصلية “فاترة” للربع الرابع. في قطاع أشباه الموصلات، لم يقتصر تأثير تكساس إنسترومنتس على سهم الشركة فقط. فعادةً ما تُعتبر توقعات هذه الشركة مؤشراً مبكراً على صحة الطلب الصناعي والتقني الأوسع، ولذلك فإن التوقعات الضعيفة التي قدمتها للربع الرابع أدت إلى موجة بيع واسعة طالت منافسيها، مثل “أون سيمي كوندكتور” التي تراجعت 6% و”أدفانسد مايكرو ديفايزز” بأكثر من 3%، وصندوق “فان إيك لأشباه الموصلات (SMH). هذا يؤكد أن المستثمرين يقرأون تقريرها كدليل على تباطؤ محتمل في دورة الرقائق العالمية.
  2. نتفليكس (Netflix): انخفض سهم منصة البث التدفقي بنسبة 10% بعد أن فوتت تقديرات الأرباح، وهو ما عزاه تقرير الشركة إلى نزاع مع السلطات الضريبية البرازيلية. أما في حالة نتفليكس، فإن خسارتها الكبيرة في التداول كانت نتيجة لتداخل عوامل الأرباح مع المخاطر التنظيمية غير المتوقعة. يُظهر هذا النزاع الضريبي في البرازيل، وهي سوق نمو حيوي للمنصة، أن تقييمات شركات التكنولوجيا العملاقة لا تعتمد فقط على عدد المشتركين، بل تتأثر بشدة بمخاطر الامتثال والتشريعات المحلية التي قد تفرض تكاليف تشغيلية غير متوقعة.

وفي المقابل، شكلت شركة “إنتويتيف سيرجيكال” (Intuitive Surgical) نقطة مضيئة، حيث ارتفعت أسهمها بنحو 14% مدعومة بتقارير قوية عن الإيرادات والأرباح، لتؤكد أن الأداء الفردي للشركات لا يزال يلعب دوراً حاسماً في حركة الأسهم الأمريكية.

نظرة المحللين: التركيز يتحول إلى توقعات المستقبل

على الرغم من الانخفاضات الأخيرة، تشير البيانات الإجمالية لموسم أرباح الربع الثالث إلى أداء قوي نسبياً، حيث تجاوزت أرباح أكثر من ثلاثة أرباع الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 التوقعات، وفقاً لـ “فاكت سيت”.

إلا أن هذا لا يهدئ من مخاوف السوق تماماً. إن تركيز المحللين على “التوجيهات المستقبلية” يعكس الطبيعة التطلعية لسوق الأسهم الأمريكية. فبدلاً من الاحتفال بالنتائج القوية الماضية، تبحث السوق عن رؤية الإدارة لآفاق النمو والربحية خلال الأشهر القادمة. وفي هذا السياق، أشار تييري ويزمان، الخبير الاستراتيجي العالمي للعملات والأسعار في مجموعة “ماكواري”، إلى أن القلق قد لا يتعلق بنتائج الربع الثالث بقدر ما يتعلق بـ “التوجيهات المستقبلية من الإدارة مع توسع موسم أرباح الشركات الأمريكية ليشمل المزيد من الأسهم والقطاعات”. وتشير النبرة “المتشائمة” التي تحدث عنها ويزمان، خاصة بعد تقارير الشركات الكبرى، إلى أن الإدارة ربما تكون أكثر حذراً بشأن الإنفاق الاستهلاكي أو استمرار الضغوط على التكاليف.

لذلك، تبقى الأنظار متجهة إلى تقارير أرباح الشركات التي تُعرف بـ “السبعة العمالقة” (Magnificent Seven) وعلى رأسها “تسلا”، لأن هذه المجموعة تمثل وزناً هائلاً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وغالباً ما تحدد اتجاه السوق العام بفضل نموها المتسارع وقيمتها السوقية الضخمة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى