أسعار النفط تتكبد خسائر أسبوعية وسط توقعات بتخمة المعروض

تراجعت أسعار النفط في تعاملات نهاية الأسبوع، لتتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية تناهز 3%. يأتي هذا الانخفاض مدفوعاً بمزيج من العوامل الجيوسياسية وتوقعات السوق بشأن توازن العرض والطلب المستقبلي، مما يضع السوق في حالة من الغموض. وتترقب الأسواق تطورات جديدة قد تغير مسار أسعار النفط في الفترة القادمة.
ضغوط جيوسياسية وتوقعات بالتهدئة تلوح في الأفق
أحد أبرز العوامل التي ضغطت على أسعار النفط كان الإعلان عن اتفاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمة جديدة خلال الأسبوعين المقبلين في المجر لمناقشة الأزمة الأوكرانية.
ويرى المحللون، مثل تاماس فارغا من PVM، أن هذا التطور المفاجئ قد يشير إلى احتمال تخفيف حدة الموقف الأمريكي تجاه روسيا، وهو ما قد يدفع أسعار النفط نحو مزيد من التراجع. فقد مثلت جهود واشنطن للضغط على الهند والصين لوقف شراء النفط الروسي دافعاً أساسياً للحفاظ على ثبات الأسعار. وإذا ما تراجعت المخاوف من العقوبات الثانوية على مشتري النفط الروسي الرئيسيين، أو خفت وتيرة الضربات الأوكرانية بالطائرات المسيرة على المصافي الروسية، فإن ذلك سيزيل إحدى “أرضيات الدعم” السعرية الرئيسية في السوق العالمية. فالنجاح الدبلوماسي سيضمن تدفقاً سلساً ومستمراً للإمدادات الروسية نحو اقتصادات آسيا الكبرى، مما يزيد من مرونة المعروض العالمي ويعد عاملاً هبوطيا لأسعار النفط.
بالتوازي مع ذلك، أضافت التوترات التجارية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين طبقة أخرى من القلق، مما زاد من التخوفات بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي انخفاض الطلب على الطاقة. وأشار خورخي مونتيبك، المدير العام في Onyx Capital Group، إلى أن هذه التوترات تقوض الثقة وتُتوقع أن تؤثر بسرعة على الاقتصاد الأمريكي. إن تصاعد التعرفات الجمركية والخطاب التجاري المتشدد يعمل على تآكل أسس التجارة العالمية، مما يؤثر مباشرة على نشاط القطاع الصناعي والخدمات اللوجستية العابرة للحدود. وهذا يترجم بدوره إلى تراجع في استهلاك وقود الديزل ووقود الطائرات، مما يؤكد أن تأثير تآكل الثقة يتجاوز الأسواق المالية ليطال الاستهلاك الفعلي للطاقة.
الوكالة الدولية للطاقة والإنتاج الأمريكي يدعمان التراجع
تأتي خسائر أسعار النفط هذا الأسبوع أيضاً تحت وطأة عوامل العرض القوية والمخزونات المتضخمة، حيث ساهمت توقعات الوكالة الدولية للطاقة (IEA) بحدوث “تخمة متزايدة في المعروض” بحلول عام 2026 في إلقاء ثقل كبير على معنويات السوق. وتشير هذه التوقعات إلى أن قدرة الإنتاج العالمي، خاصة من خارج تحالف أوبك+، قد تفوق بكثير الزيادة في الطلب المستقبلي، مما يرسخ بيئة سعرية متدنية على المدى المتوسط، ويدفع كبار المستثمرين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم بناءً على هذا التوقع الهيكلي.
أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) يوم الخميس ارتفاعاً أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية، حيث زادت بنحو 3.5 مليون برميل لتصل إلى 423.8 مليون برميل، مقابل توقعات المحللين بزيادة لا تتجاوز 288 ألف برميل. وتُعزى هذه الزيادة إلى انخفاض استخدام طاقة التكرير مع دخول المصافي في فترات الصيانة الموسمية (الخريفية)، وهي عملية سنوية تهدف لتحويل تركيز الإنتاج إلى زيوت التدفئة استعداداً لفصل الشتاء.
ومع ذلك، فإن العامل الأكثر تأثيراً هو الارتفاع القياسي المستدام في الإنتاج الأمريكي ليصل إلى 13.636 مليون برميل يومياً. هذا المستوى هو الأعلى على الإطلاق، ويؤكد قدرة قطاع النفط الصخري الأمريكي على ضخ كميات كبيرة والحفاظ على مرونة الإنتاج حتى مع تقلب أسعار النفط. هذا الإنتاج القوي يقلب ميزان العرض العالمي بعيداً عن سيطرة أوبك ويضخم الإشارات الهبوطية الصادرة عن بيانات المخزون.
الخلاصة والتوقعات
في جلسة التداول السابقة، أغلقت العقود الآجلة لخام برنت على انخفاض بنسبة 1.37% وخام غرب تكساس الوسيط (WTI) على انخفاض بنسبة 1.39%، مسجلين أدنى مستوياتهما منذ 5 مايو. وتؤكد هذه التطورات أن أسعار النفط تتأثر حالياً بضغوط مزدوجة: ضغط المعروض القوي من الولايات المتحدة وتوقعات IEA بالتخمة، وتأثير العوامل الجيوسياسية التي قد تُخفف من المخاطر المرتبطة بالإمدادات الروسية، مما يشير إلى أسبوع صعب لسوق الطاقة.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد