التضخم في بريطانيا: ارتفاع أسعار البقالة يقوده البن والكاكاو واللحوم

شهدت أسعار البقالة في المملكة المتحدة تسارعاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي، مسجلة ارتفاعاً جديداً يقلق المستهلك البريطاني. ووفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة “وورلدبانل” (Worldpanel)، ارتفعت الأسعار في متاجر البقالة البريطانية بنسبة 5.2% على أساس المقارنة المماثلة للأربعة أسابيع المنتهية في 5 أكتوبر. وقد أعاد هذا التسارع معدلات التضخم في بريطانيا إلى مستويات مشابهة لما سُجل في شهر يوليو الماضي.
العوامل الدافعة للتضخم في الأغذية البريطانية
يشير التقرير التحليلي إلى أن الزيادة الأخيرة في معدل تضخم أسعار البقالة تركزت بشكل خاص في ثلاث فئات رئيسية من المنتجات، وهي حلويات الشوكولاتة، والقهوة، واللحوم الطازجة. ويمكن عزو هذا الارتفاع السريع إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، يقع بعضها تحت تأثيرات عالمية والبعض الآخر نابع من ضغوط محلية:
- الطقس والأمراض النباتية العالمية: ارتفعت أسعار الكاكاو والبن نتيجة لسوء الأحوال الجوية في مناطق زراعتهما الرئيسية حول العالم، بينما ساهمت الأمراض النباتية في إبقاء أسعار الكاكاو فوق مستوياتها التاريخية بشكل مستدام.
- عوامل الطاقة والإنتاج المحلية: تشير “اتحاد الأغذية والمشروبات في المملكة المتحدة” (Food and Drink Federation) إلى أن ارتفاع تكاليف الطاقة، إضافة إلى الاحتكاكات التجارية المرتبطة بالـ “بريكست” (Brexit)، يمثلان عاملين رئيسيين يساهمان في زيادة تكلفة الإنتاج والاستيراد.
- التشريعات الحكومية وتكلفة الأيدي العاملة: أدى الارتفاع في الحد الأدنى للأجور الوطنية، إلى جانب زيادة أسعار السلع الأساسية، إلى إضافة مزيد من الضغط على سلاسل الإمداد وتكاليف التشغيل.
في المقابل، شهدت بعض السلع انخفاضاً أسرع في الأسعار، أبرزها المنتجات الورقية المنزلية، وحلويات السكر، والنبيذ الفوار، ما يوفر بعض التخفيف المؤقت للمستهلك.
استجابة المستهلك وتحول عادات التسوق
لم يأتِ ارتفاع التضخم في بريطانيا بقطاع الغذاء دون تغيير في سلوك المستهلكين. فقد وصل الإنفاق على العروض والصفقات إلى أعلى نقطة له منذ أبريل الماضي، حيث بلغت نسبته 29.4% من إجمالي الإنفاق على البقالة. ويسعى المستهلكون بشكل واضح للبحث عن التخفيضات للتخفيف من العبء المالي المتزايد على محافظهم. ويتوقع التقرير أن يتصاعد هذا الاتجاه مع اقتراب شهر ديسمبر وموسم الأعياد.
كما سجلت مبيعات البقالة عبر الإنترنت نمواً لافتاً، حيث ارتفعت بنسبة 12% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وقد شكلت المبيعات عبر الإنترنت 12.7% من حصة السوق في الفترة الأخيرة، وهو أعلى مستوى لها منذ مارس 2022، لتعود بذلك إلى مستويات مماثلة لتلك التي شهدتها نهاية جائحة “كوفيد-19”.
الديناميكيات التنافسية في السوق
تظهر المنافسة في السوق البريطانية تحولات واضحة، حيث لا يزال متجر “تيسكو” (Tesco) يحقق أكبر المكاسب في الحصة السوقية، مرتفعاً بنسبة 0.7 نقطة مئوية ومسيطراً على 28.3% من إجمالي سوق البقالة. وفي الوقت نفسه، سجل متجر “أوكادو” (Ocado) المتخصص في البقالة عبر الإنترنت أسرع نمو في بريطانيا، مع زيادة في المبيعات بلغت 14% للربع المنتهي في 5 أكتوبر. كما حافظ المتجر الاقتصادي “ليدل” (Lidl) على نمو كبير، مسجلاً زيادة في المبيعات بنسبة 11%.
هذه الديناميكيات تشير إلى أن المستهلك أصبح أكثر وعيًا بالأسعار، مما يدفع تجار التجزئة إلى الانخراط في “حروب أسعار” قد تخفف من حدة التضخم، وفقاً لتصريحات اتحاد الأغذية والمشروبات. ومع ذلك، تبقى الضغوط المستمرة على تكاليف الطاقة والسلع الأساسية تشكل تحدياً كبيراً أمام جهود كبح التضخم في بريطانيا.
اقرأ أيضا…