أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي يرتفع بدعم من خطاب ترامب تجاه الصين

شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً ملحوظاً مع بداية تعاملات الأسبوع، مدعوماً بتخفيف حدة التوتر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما جاء بمثابة شريان أمل للأسواق بعد التراجعات الحادة التي شهدتها يوم الجمعة. يأتي هذا الارتفاع على الرغم من إغلاق أسواق السندات الأمريكية بمناسبة “يوم كولومبوس”، ما يشير إلى أن المعنويات الإيجابية بشأن التجارة طغت على نقص السيولة ورغبة المستثمرين في التفاؤل الحذر.

تليين الخطاب الرئاسي يدعم الدولار الأمريكي وتفاؤل المستثمرين

كان المحفز الرئيسي لارتفاع الدولار الأمريكي هو التغير المفاجئ في نبرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه الصين. فبعد هجومه يوم الجمعة الذي شمل إعلانه عن تعريفات جمركية تصل إلى ومحاولات بكين لتقييد التجارة العالمية في المعادن الأساسية، والذي أدى إلى انخفاض حاد في الأسهم وعوائد سندات الخزانة، عاد ترامب يوم الأحد ليعرض نبرة أكثر تصالحية.

ونشر ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي رسائل مطمئنة قال فيها: “لا تقلقوا بشأن الصين، سيكون كل شيء على ما يرام!”، مضيفاً في منشور آخر أن الرئيس الصيني شي جين بينغ “مر بلحظة سيئة وحسب”، مؤكداً أن الولايات المتحدة تريد “مساعدة الصين، لا إيذاءها”. هذه التصريحات، التي وصفها بعض المحللين بأنها جزء من نمط “التراجع” المعتاد لترامب، عززت التوقعات بنزع فتيل الأزمة التجارية. وقد دفعت هذه الثقة مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسية، للارتفاع بنسبة ليصل إلى ، في إشارة واضحة إلى تفضيل الأسواق للاستقرار على التصعيد.

مؤشرات اقتصادية متأثرة بالإغلاق الحكومي: تأثير متضارب على الدولار

بالتوازي مع التطورات التجارية، بدأت تظهر تأثيرات الإغلاق الحكومي الأمريكي، الذي يضر بالعمال ويحرم المستثمرين ومديري الأعمال من المؤشرات الاقتصادية الحيوية والمهمة لتحديد توجهات السوق. إن حرمان المستثمرين من تقارير أساسية مثل بيانات التضخم أو تقارير الوظائف يخلق حالة من ضبابية الرؤية، ما يزيد من صعوبة تسعير المخاطر المستقبلية وتوقعات قرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي.

ومع ذلك، استمر مؤشر وول ستريت للدولار الأمريكي في الارتفاع بنسبة . وارتفع الدولار الأمريكي بنسبة مقابل اليورو وبنسبة مقابل الين الياباني، مما يعكس أن التفاؤل التجاري فاق مؤقتاً القلق الناتج عن نقص البيانات.

تداعيات سياسية تزيد من جاذبية الدولار الأمريكي

لم يأتِ ارتفاع الدولار الأمريكي من القوة الذاتية فقط، بل جاء أيضاً على خلفية ضعف العملات المنافسة. فقد تعرض اليورو لضغوط هبوطية، حيث انخفض بنسبة إلى دولار، متأثراً بالإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة في فرنسا. فرغم إعادة تعيين حلفاء مقربين من ماكرون مثل رولاند ليسكور وزيراً للمالية، إلا أن التغييرات السياسية الداخلية غالباً ما تخلق حالة من عدم اليقين قصير الأجل في أسواق العملات الأوروبية.

أما الين الياباني، فقد سجل تراجعاً أكبر، حيث ارتفع الدولار الأمريكي مقابل الين بنسبة ، متداولاً عند . وقد ساهم في ذلك العطلة الرسمية في اليابان، التي قللت من سيولة التداول، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين السياسي التي أعقبت انسحاب حزب كوميتو من الائتلاف الحاكم يوم الجمعة.

هذا الانسحاب وجه ضربة لآمال سانا تاتشي في أن تصبح أول رئيسة وزراء، ما عزز المخاوف بشأن الاستقرار السياسي الياباني ودفع المستثمرين للابتعاد عن الين كملاذ آمن. في المقابل، شهدت عملات المخاطر ارتفاعاً، حيث كان الدولار الأسترالي هو الأفضل أداءً بين العملات الرئيسية، مرتفعاً بنسبة مقابل الدولار الأمريكي، وكذلك ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة .

استمرار تقلبات سوق الصرف وتأثيرها على صفقات المراجحة

يرى المحللون أن على الرغم من التحسن في المعنويات، لا يزال مزاج السوق هشاً والعملات عرضة لتقلبات أسعار أكبر. ويشير الاستراتيجيون إلى أن التهديدات التجارية الحالية، حتى مع تراجع حدتها، قد تؤدي إلى سوق صرف أجنبي أكثر تقلباً على المدى القريب، مما يهدد بتراجع صفقات المراجحة (Carry Trade).

وتعتمد هذه الإستراتيجية على اقتراض المستثمرين بعملة ذات عائد منخفض (مثل الين الياباني أو الفرنك السويسري) واستثمارها في عملة ذات عائد مرتفع (كالدولار الأسترالي). وعندما تزداد حدة التقلبات والمخاطر، يضطر المستثمرون إلى إغلاق هذه الصفقات بسرعة لسداد القروض، مما يؤدي إلى ضغط بيع على العملات منخفضة العائد، وهو ما يفسر تلقي الين الياباني والفرنك السويسري “ضربة أقوى” من غيرهما في تداولات اليوم.

ختاما يتجه الدولار الأمريكي نحو الارتفاع مدعوماً بتفاؤل حذر بشأن تهدئة التوترات التجارية، مستغلاً ضعف العملات المنافسة في أوروبا وآسيا. لكن التطورات السياسية في تلك المناطق، واستمرار حالة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتأثيره على شفافية البيانات الاقتصادية، تظل عوامل خطر يجب على المتداولين والمستثمرين مراقبتها عن كثب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى