أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتراجع وسط توقعات بزيادة المعروض من أوبك+

شهدت أسعار النفط انخفاضاً ملحوظاً يوم الثلاثاء، لتواصل بذلك التراجعات الحادة التي بدأت يوم الإثنين مسجلة أعمق انخفاض يومي لها منذ مطلع أغسطس. جاء هذا الانخفاض مدفوعاً بضغوط مزدوجة؛ تتمثل في توقع الأسواق لزيادة جديدة في إنتاج تحالف “أوبك+”، إلى جانب استئناف تدفق صادرات النفط الخام من إقليم كردستان العراق عبر تركيا، مما عزز من المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي.

ويمثل هذا التراجع امتداداً لسلسلة من عمليات البيع المكثفة التي سيطرت على السوق، حيث تراجعت أسعار الخامين القياسيين (برنت وغرب تكساس الوسيط) بأكثر من 3% يوم الإثنين وحده، وهي خسائر لم تشهد مثلها الأسواق منذ فترة طويلة، مما يؤكد التحول السريع في معنويات المتعاملين من الخوف من نقص الإمدادات إلى القلق من وفرتها.

أوبك+ تلوح بزيادة الإنتاج رغم تراجع أسعار النفط

تشير المصادر المطلعة إلى أن تحالف أوبك+ (الذي يضم منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفاءها مثل روسيا) من المرجح أن يوافق في اجتماعه المقرر يوم الأحد على زيادة أخرى في الإنتاج لا تقل عن 137 ألف برميل يومياً. تعكس هذه الزيادة، حتى وإن كانت متواضعة، إشارة نفسية للسوق بأن التحالف لا يزال يمتلك القدرة والرغبة في إدارة مستويات العرض العالمية.

وعلى الرغم من أن التحالف ينتج في الواقع أقل من حصته المقررة بالفعل – بسبب تحديات فنية أو استثمارية تواجه بعض الدول الأعضاء للوصول إلى طاقتها القصوى – إلا أن مجرد تلميح المنتجين إلى ضخ المزيد من النفط في السوق يغذي “المشاعر الهبوطية” بين المتعاملين ويضع ضغطاً متزايداً على أسعار النفط. وقد علق المحللون في السوق بأن السوق لا يبدو مرتاحاً لحقيقة اقتراب المزيد من الإمدادات، لأن أي إعلان عن رفع الحصص، حتى مع عدم الالتزام الكامل به، يؤدي إلى إرسال إشارة خاطئة للمستثمرين بأن المخاطر المرتبطة بنقص المعروض قد تراجعت بشكل كبير، مما يدفع المضاربين إلى جني الأرباح والتخارج من صفقات الشراء. هذا التركيز على نوايا التحالف أكثر من الإنتاج الفعلي يبرز حساسية سوق النفط تجاه الإشارات المستقبلية.

عودة صادرات كردستان تزيد الضغط على المعروض العالمي 

تعد عودة صادرات إقليم كردستان العراق إلى الواجهة من العوامل المباشرة التي أدت إلى تكثيف ضغوط البيع. أعلنت وزارة النفط العراقية عن بدء تدفق النفط عبر خط الأنابيب من الإقليم شبه المستقل إلى تركيا يوم السبت الماضي، وذلك لأول مرة منذ عامين ونصف، بعد التوصل إلى اتفاق مؤقت أنهى حالة الجمود التي نتجت عن قرار تحكيم دولي بشأن استخدام خط الأنابيب. هذا التدفق غير المتوقع، والذي من المحتمل أن يعيد مئات الآلاف من البراميل يومياً إلى السوق، يضيف كميات مادية إلى المعروض العالمي، مما يساهم بشكل مباشر في ترسيخ توقعات الفائض في السوق ويقلل من فعالية أي تخفيضات إنتاجية أخرى.

وقد انعكس هذا الضغط بشكل واضح على مستويات التداول، حيث شهدت أسعار العقود الآجلة انخفاضات متتالية:

  • سجلت العقود الآجلة لخام برنت تسليم نوفمبر، والتي ينتهي تداولها يوم الثلاثاء، انخفاضاً قدره 53 سنتاً، أي بنسبة 0.8%، لتصل إلى 67.44 دولاراً للبرميل. هذا التراجع يعد مؤشراً على نهاية دورة تداول قوية وبداية دورة هبوطية جديدة.
  • تراجع الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 1%، أي 62 سنتاً، ليستقر عند 62.83 دولاراً للبرميل. تظهر فروق الأسعار بين برنت و WTI أن التوقعات بزيادة الإمدادات تؤثر على التسعير في كلا المنطقتين.

عوامل الطلب والمخاطر الجيوسياسية تزيد الضغوط على أسعار النفط

يظل سوق النفط حذراً، حيث يوازن بين عدة مخاطر متناقضة. فمن جهة، هناك مخاطر الإمدادات الناجمة عن الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيرة على مصافي التكرير الروسية، والتي تثير قلقاً بشأن نقص منتجات التكرير مثل الديزل والبنزين. ومن جهة أخرى، هناك التوقعات المستمرة بضعف الطلب وتخمة المعروض، لا سيما في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي.

كما أضافت التطورات الجيوسياسية بعداً آخر لانخفاض أسعار النفط. ففي حال التوصل إلى اتفاق سلام في غزة، فمن المتوقع أن تعود حركة الشحن عبر قناة السويس إلى طبيعتها بشكل كامل، مما يزيل جزءاً كبيراً من علاوة المخاطر الجيوسياسية التي تضاف إلى أسعار النفط في أوقات التوتر. هذه العلاوة تمثل تعويضاً يدفعه المشترون للتحوط من اضطراب الإمدادات بسبب النزاعات، وإزالتها تعني تراجعاً فورياً في السعر.

علاوة على ذلك، أشار محللون في ANZ إلى أن المخاطر المحتملة لإغلاق الحكومة الأمريكية قد أثارت مخاوف جديدة بشأن مستقبل الطلب على الطاقة. يعتبر إغلاق الحكومة الأمريكية مصدراً لعدم اليقين الاقتصادي العام، ويمكن أن يؤدي إلى تأخير في نشر البيانات الاقتصادية الحيوية، وتجميد في الإنفاق، مما يلقي بظلاله السلبية على النمو وبالتالي على توقعات الطلب العالمي على الطاقة، حيث ترتبط صحة الاقتصاد الأمريكي بشكل وثيق بالطلب العالمي على الطاقة.

ختاما يبدو أن التركيز الحالي في سوق النفط ينصب بقوة على جانب العرض، حيث طغت التوقعات بزيادة إنتاج “أوبك+” وعودة الصادرات العراقية على المخاطر الجيوسياسية ومخاوف الإمداد القصيرة المدى. ويترقب المتعاملون اجتماع الأحد لـ”أوبك+” كمؤشر حاسم على توجهات أسعار النفط في الفترة المقبلة، مع إدراك أن أي عوامل سلبية إضافية متعلقة بالطلب، مثل تباطؤ النمو أو المشاكل السياسية الأمريكية الداخلية، ستساهم في ترسيخ مسار الهبوط.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى