أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

تراجع الدولار الأمريكي تحت ضغط مخاطر الإغلاق الحكومي

شهدت قيمة الدولار الأمريكي تراجعاً مقابل سلة العملات الرئيسية مثل اليورو والين في مستهل تعاملات الأسبوع، لتفقد بعض الزخم القوي الذي اكتسبته الأسبوع الماضي. هذا التراجع التكتيكي (Fading the Rally) يحدث في ظل مشهد اقتصادي وسياسي معقد: فمن ناحية، هناك بيانات أمريكية قوية تعزز مرونة الاقتصاد، ومن ناحية أخرى، تلوح في الأفق مخاطر إغلاق حكومي وشيك، بينما يتجه تركيز المستثمرين نحو تقرير الوظائف غير الزراعية (Nonfarm Payrolls) الذي قد يحدد المسار القادم للسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.

وسجل مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قيمته مقابل سلة من العملات الأجنبية، تراجعاً بنسبة 0.2% يوم الاثنين ليبلغ مستوى 97.90. في المقابل، ارتفع اليورو، وهو المكون الأكبر في المؤشر، بنسبة 0.3% ليسجل 1.1734 دولار. كما ارتفع الجنيه الإسترليني إلى 1.3424 دولار.

مرونة الاقتصاد الأمريكي تخفف من رهانات التيسير

كان الارتفاع الأخير في قيمة الدولار الأمريكي مدفوعاً بفيض من التقارير الاقتصادية التي فاقت التوقعات بشكل مستمر، مما أكد على مرونة الاقتصاد. شمل ذلك بيانات إيجابية في قطاعات رئيسية مثل الإسكان، وطلبيات السلع المعمرة، ومراجعات تصاعدية للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني. إضافة إلى ذلك، سجلت مطالبات البطالة الأمريكية انخفاضاً حاداً.

هذا الزخم البياناتي دفع الأسواق إلى التخفيف من التوقعات بتخفيض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ما دعم الدولار الأمريكي وعوائد السندات. ومع ذلك، يرى المحللون أن التراجع الحالي هو بمثابة تنفيس بعد صعود حاد، خاصة وأن عوائد سندات الخزانة بدأت تتراجع عن قممها الأخيرة.

يشير كارل شاموتا، كبير استراتيجيي السوق في كورباي، إلى أن المتداولين “يتجاهلون بشكل كبير خطر الإغلاق الحكومي، وبدلاً من ذلك يقللون من صعود الدولار الأسبوع الماضي تحسباً لصدور بيانات سوق عمل أكثر ليونة”. هذا التحول الهامشي في التوقعات يعيد بعض الرهانات على تيسير السياسة النقدية، مما يدعم شهية المخاطرة ويساهم في تفوق العملات ذات المخاطرة الأعلى (High-Beta Currencies) مقابل العملة الخضراء. حالياً، يسعّر المتداولون تخفيضاً بمقدار 42 نقطة أساس في أسعار الفائدة بحلول ديسمبر، و105 نقطة أساس إجمالاً بحلول نهاية عام 2026.

الإغلاق الحكومي قنبلة موقوتة تهدد شفافية البيانات

تراجعت العملة الخضراء بنسبة 0.6% إلى مستوى 148.585 مقابل الين الياباني، بعد أن سجلت أفضل مكاسب أسبوعية لها منذ أوائل يوليو. وجاء هذا التراجع أيضاً تحت ضغط من اقتراب موعد انتهاء تمويل الحكومة الفيدرالية في منتصف ليلة الثلاثاء.

على الرغم من أن الأسواق تميل إلى استيعاب الإغلاقات قصيرة الأجل بسرعة، إلا أن الخطر يكمن في تعطيل نشر البيانات الاقتصادية الأساسية. إن الفشل في تمرير مشروع قانون التمويل يهدد بتعليق نشر تقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب يوم الجمعة، بالإضافة إلى بيانات مهمة أخرى تسبقه، مثل أرقام فرص العمل، وكشوف المرتبات الخاصة، ومؤشر ISM لمديري المشتريات في قطاع التصنيع. يرى المحللون أن تعطيل هذه البيانات يضيف طبقة من عدم اليقين لا تستطيع الأسواق تجاهلها، ما يضع ضغطاً فورياً على الدولار الأمريكي قبل أن يعود للارتفاع فور حل النزاع.

المخاطر الهيكلية: استقلالية الفيدرالي وتغير وظيفة رد الفعل

إضافة إلى التحديات قصيرة الأجل، يتابع المستثمرون المعركة القانونية الجارية بشأن محاولة إقالة حاكمة الاحتياطي الفيدرالي، ليزا كوك. يمثل أي تهديد لاستقلالية البنك المركزي خطراً هيكلياً أكبر بكثير على قيمة الدولار الأمريكي مقارنة بأي أزمة تمويل حكومية مؤقتة، حيث تقوض مثل هذه الإجراءات مصداقية السياسة النقدية الأمريكية عالمياً.

وفي هذا الصدد، يؤكد ديفيد إس. آدامز، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في “Morgan Stanley”، على أن تحول وظيفة رد فعل الفيدرالي “بعيداً عن المخاوف التضخمية ونحو الدفاع عن سوق العمل”، سيؤدي إلى تخفيضات أسرع وأبكر في أسعار الفائدة. هذه السياسة، التي تأتي على حساب تضخم أعلى من المتوقع، تشير إلى أن الدولار الأمريكي قد يبقى تحت “نظام هبوطي” لفترة أطول نتيجة لانخفاض العوائد الحقيقية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى