أسعار الذهب تسجل قفزات تاريخية بدعم من مخاوف الإغلاق الحكومي

في تطور تاريخي لأسواق المعادن النفيسة، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا غير مسبوق خلال نهاية شهر سبتمبر 2025، متجاوزة مستوى 3800 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه، وسط حالة من عدم اليقين العالمي وتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأمريكية. يأتي ذلك في الوقت الذي يتخوف فيه المستثمرون من احتمالية الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، مما عزز الإقبال على الذهب كملاذ آمن ورفع الطلب عليه عالميًا.
العوامل الرئيسية وراء ارتفاع أسعار الذهب
يرجع المحللون في أسواق المعادن هذا الصعود التاريخي في أسعار الذهب إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها:
-
التوقعات بخفض أسعار الفائدة في أميركا: تراجعت قيمة مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.3%، مما جعل شراء الذهب المُسعر بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة. وتدعم التوقعات بقرب خفض أسعار الفائدة من قِبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا التفاؤل، حيث ارتفعت رهانات السوق نحو إحتمالية خفض بواقع 25 نقطة أساس في أكتوبر مع احتمالية قوية لتخفيض آخر في ديسمبر.
-
مخاوف الإغلاق الحكومي الأمريكي: تزايدت المخاوف من احتمال توقف عمل الحكومة الأميركية مع نهاية شهر سبتمبر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الكونغرس والبيت الأبيض، ما قاد المستثمرين للاستثمار بكثافة في الذهب كأصل آمن.
-
الطلب المؤسسي على الذهب: سجل صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صناديق الاستثمار المُدعمة بالذهب في العالم، زيادة ملحوظة في حجم حيازاته بنحو 0.89% ليصل إلى أكثر من 1005 أطنان متريّة.
ولم يكن ارتفاع أسعار الذهب حدثًا عرضيًا، إذ ارتفع منذ بداية العام بنسبة تفوق 45% حتى نهاية سبتمبر، ما يعكس حجم المخاوف الاقتصادية عالمياً. ومقارنة بمؤشر الدولار الأمريكي، استطاع الذهب أن يحقق أداءً أفضل بكثير، ليصبح من أفضل فئات الأصول أداءً في 2025، مستفيدًا من تقلبات الأسواق العالمية والاتجاه المستمر نحو الأصول الآمنة.
التوقعات المستقبلية: هل هناك مزيد من الصعود في أسعار الذهب؟
يرى محللون أن أسعار الذهب ما زالت مرشحة لمزيد من الارتفاع في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. يقول محلل المعادن النفيسة في بنك UBS، جيوفاني ستاونوفو، “مع استمرار التوقعات بخفض أسعار الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة، نتوقع أن تصل أسعار الذهب إلى مستويات 3900 دولار للأوقية في الأمد المتوسط.” كذلك، أشار تقرير دويتشه بنك إلى أن الطلب الرسمي وارتفاع استثمارات الصناديق المتداولة يلعبان دوراً محورياً في استمرار قوة الذهب، بينما يشكل الطلب على المجوهرات وعرض الذهب المعاد تدويره عوامل ضغط على الأسعار تصاعدياً وهبوطياً.
مع استمرار تقلبات أسعار الذهب عالميًا، ينصح خبراء الاستثمار بضرورة متابعة الأخبار والتحليلات المالية أولاً بأول، والتريث قبل اتخاذ قرارات الاستثمار في الذهب أو المعادن النفيسة الأخرى. وتعد أسعار الذهب مؤشرًا حساسًا للأزمات الاقتصادية والسياسية، ما يجعله أداة أساسية لإدارة المخاطر وتنويع المحافظ الاستثمارية خاصة خلال فترات عدم اليقين.
تأثير الذهب على الأسواق الأخرى
لم تقتصر موجة الارتفاع على أسعار الذهب فقط، بل شهدت أيضًا أسعار الفضة ارتفاعًا إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من 14 عامًا، ولامس البلاتين مستوى لم يشهده منذ 12 عامًا، مسجلة بذلك أرقامًا قياسية. ويرجع الخبراء ذلك إلى زيادة النشاط الصناعي العالمي وتحوط بعض الدول ضد مخاطر سلاسل التوريد عبر زيادة الاحتياطيات من المعادن النفيسة.
ختامًا، تؤكد قفزة أسعار الذهب الأخيرة مدى أهمية الذهب كأصل استراتيجي عالمي لا يتأثر فقط بعوامل العرض والطلب، بل يتأثر بالحالة السياسية والاقتصادية العالمية. ومع استمرار أزمة الإغلاق الحكومي الأميركي، ورهانات خفض الفائدة، واحتمالات استمرار المخاطر، تظل أسعار الذهب تحت أعين المستثمرين كخيار ملاذ آمن ومؤشر لقوة الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا…