أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكي

صمود الدولار الأمريكي في ظل البيانات الاقتصادية القوية

يحتفظ الدولار الأمريكي بقوته وثباته أمام العملات الرئيسية الأخرى، محققاً مكاسب كبيرة، حيث يترقب المستثمرون صدور بيانات الإنفاق الاستهلاكي الأمريكية للحصول على المزيد من المؤشرات حول سياسات الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية. تأتي هذه القوة مدفوعة ببيانات اقتصادية فاقت التوقعات، مما خفض من التوقعات السابقة بضرورة اللجوء إلى المزيد من التيسير النقدي من قبل البنك المركزي الأمريكي خلال هذا العام.

قوة الدولار الأمريكي مدفوعة بالأداء الاقتصادي المتفوق

شهدت الأسواق المالية هذا الأسبوع صعوداً ملحوظاً في قيمة الدولار الأمريكي، مما جعله في طريقه لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية له خلال شهرين. هذا الأداء القوي لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة مباشرة لسلسلة من البيانات الاقتصادية الإيجابية التي صدرت عن الولايات المتحدة. فقد فاقت أرقام النمو الاقتصادي، ومطالبات البطالة، والسلع المعمرة، ومخزونات الجملة التوقعات، مما رسم صورة واضحة لاقتصاد أمريكي قوي ومرن.

على وجه التحديد، أظهر تقرير صادر عن وزارة التجارة الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قد ارتفع بمعدل معدل بالزيادة قدره 3.8% في الفترة من أبريل إلى يونيو، وهو أعلى من المعدل الأولي الذي كان مقدراً بـ 3.3%. هذا التعديل التصاعدي فاجأ الخبراء، حيث لم يتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت رويترز آراءهم أي مراجعة للتقدير الأولي، مما أعطى دفعة قوية للثقة في الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي في العملة الأمريكية.

توقعات متقلبة لسياسة الاحتياطي الفيدرالي

كان للبيانات الاقتصادية الإيجابية تأثير مباشر على توقعات الأسواق بشأن مستقبل السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. قبل صدور هذه الأرقام، كانت هناك توقعات واسعة النطاق بضرورة قيام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة في محاولة لدعم الاقتصاد. ومع ذلك، وبعد الكشف عن الأداء القوي للاقتصاد، بدأت هذه التوقعات تتراجع بشكل ملحوظ.

وفقاً لأداة “CME FedWatch Tool”، ارتفعت الآن احتمالية إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل إلى حوالي 14.5%، بعد أن كانت 8.1% فقط في اليوم السابق. كما تراجعت التوقعات بحدوث تيسير نقدي تراكمي بحلول نهاية العام إلى ما دون 40 نقطة أساس. هذا التحول في التوقعات يعكس ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد على الصمود دون الحاجة إلى تدخلات تحفيزية إضافية، مما يدعم قيمة الدولار الأمريكي.

تتجه الأنظار الآن نحو صدور بيانات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي ومؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) في وقت لاحق، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم. يتوقع المحللون أن يظهر المؤشر زيادة بنسبة 0.3% على أساس شهري لشهر أغسطس، وارتفاعاً سنوياً بنسبة 2.7%. قد توفر هذه البيانات إشارات إضافية حول مدى إلحاح حاجة الاقتصاد إلى تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة.

تأثير الرسوم الجمركية على العملات العالمية

لم يقتصر تأثير قوة الدولار على أداء الاقتصاد الأمريكي وحده، بل امتد ليؤثر على العملات الرئيسية الأخرى. فقد تداول اليورو بالقرب من أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع عند 1.1667 دولار، بينما حافظ الجنيه الإسترليني على ثباته عند 1.3351 دولار بعد أن لامس أدنى مستوى له في شهرين تقريباً يوم الخميس.

وفي سياق آخر، تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوى له في ثمانية أسابيع في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية، والتي تضمنت رسوماً بنسبة 100% على الأدوية ذات العلامات التجارية، و25% على الشاحنات الثقيلة، و50% على خزائن المطبخ.

على الرغم من ذلك، كان رد فعل العملات تجاه هذه الإعلانات خافتاً إلى حد ما. يرى المحللون أن الأسواق قد اعتادت على مثل هذه الإعلانات التي غالباً ما تُستخدم كورقة تفاوضية من قبل البيت الأبيض. كما أن هناك آمالاً في الحصول على إعفاءات للشركات التي لديها منشآت تصنيع في الولايات المتحدة، مما قد يحد من التأثير السلبي على عمالقة الصناعات الدوائية الأوروبية. كما يرى خبراء أن الاتفاقيات التجارية الثنائية التي أبرمتها الولايات المتحدة مع العديد من الدول لم تكن مدمرة كما كان يخشى في البداية، مما ساهم في تهدئة حساسية الأسواق تجاه هذا النوع من الإعلانات.

توقعات مستقبلية لمسار الدولار الأمريكي

تختلف آراء المحللين حول المسار المستقبلي للدولار. يرى البعض أن مسيرة صعود الدولار قد تكون مبالغاً فيها وقد تشهد تصحيحاً وشيكاً، خاصة إذا لم تأتِ البيانات القادمة بنفس القوة التي شهدتها البيانات السابقة. ومع ذلك، هناك من يرى أن استمرار قوة البيانات الاقتصادية الأمريكية، إلى جانب أي توترات جيوسياسية في مناطق أخرى مثل أوروبا، قد يستمر في دعم الدولار.

من ناحية أخرى، أظهرت البيانات في اليابان أن التضخم الأساسي في طوكيو لشهر سبتمبر ظل أعلى بكثير من الهدف المركزي لبنك اليابان البالغ 2%، مما أبقى على التوقعات بحدوث زيادة وشيكة في أسعار الفائدة في البلاد. قد يؤدي أي تحرك من قبل بنك اليابان إلى التأثير على قيمة الين الياباني مقابل الدولار الأمريكي.

بشكل عام، لا يزال الدولار الأمريكي محور اهتمام المستثمرين، حيث تعتمد قيمته بشكل كبير على مدى قوة الاقتصاد الأمريكي والقرارات المرتقبة من الاحتياطي الفيدرالي. الأسواق الآن في حالة ترقب، وكل بيان اقتصادي جديد سيكون له وزنه في تحديد مسار العملة الأقوى عالمياً.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى