أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تستقر وسط ترقب بيانات التضخم الأمريكية

شهدت أسعار الذهب العالمية حالة من الاستقرار الحذر يوم الجمعة، مع تبدد آمال المستثمرين في خفض قريب لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة. جاء هذا التحول بعد صدور بيانات اقتصادية أمريكية قوية تجاوزت التوقعات، مما دفع الأسواق إلى إعادة تقييم مسار السياسة النقدية. وتتجه أنظار المستثمرين الآن نحو مؤشر التضخم الرئيسي الذي يصدر في وقت لاحق من اليوم، والذي يُعتبر محركًا رئيسيًا محتملًا لتحديد الاتجاه المستقبلي لـ أسعار الذهب.

أداء أسعار الذهب في مواجهة مرونة الاقتصاد الأمريكي

استقر سعر الذهب الفوري عند مستوى 3,749.24 دولار للأوقية، في حين ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي للتسليم في ديسمبر بشكل طفيف بنسبة 0.2% لتصل إلى 3,779.40 دولار. وعلى الرغم من حالة الاستقرار الأخيرة، فقد أظهر المعدن النفيس مرونة كبيرة هذا الأسبوع، حيث صعد بنسبة 1.9% ولامس أعلى مستوى قياسي له على الإطلاق عند 3,790.82 دولار يوم الثلاثاء.

جاء هذا الأداء الأخير بعد أن كشفت البيانات الاقتصادية الأمريكية عن نمو في الناتج المحلي الإجمالي أسرع من التوقعات خلال الربع الثاني من العام. كما أظهرت البيانات تراجعًا في عدد طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، مما يشير إلى سوق عمل قوي. تُعتبر هذه المؤشرات الإيجابية دليلاً على أن الاقتصاد الأمريكي يمتلك القدرة على الصمود، وهو ما يقلل من الحاجة إلى إجراءات تحفيزية من بنك الاحتياطي الفيدرالي مثل خفض أسعار الفائدة.

يشير هان تان، كبير محللي السوق في Nemo.money، إلى أن “أسعار الذهب صامدة عند منتصف 3,700 دولار، نظرًا لأحدث مؤشرات على مرونة الاقتصاد الأمريكي، مما يقلص رهانات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي”. وأضاف أن هذه التوقعات تراجعت “بما يصل إلى 18 نقطة مئوية هذا الأسبوع”، وهو ما يعكس بشكل مباشر العلاقة العكسية بين قوة الاقتصاد وأسعار الفائدة، حيث يميل المستثمرون إلى تفضيل الأصول المدرة للدخل مثل السندات الحكومية على الأصول التي لا تدر عائدًا مثل الذهب عندما ترتفع أسعار الفائدة.

مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) المفضل لدى الفيدرالي

مع تراجع احتمالات خفض الفائدة، تحولت الأنظار بالكامل إلى بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويعود تفضيل البنك لهذا المؤشر إلى كونه يعكس التغيرات في سلوك المستهلكين ويغطي نطاقًا أوسع من السلع والخدمات مقارنة بمؤشر أسعار المستهلكين (CPI).

وتترقب الأسواق هذا التقرير بحذر شديد، حيث من المتوقع أن يظهر ارتفاعًا شهريًا بنسبة 0.3% وارتفاعًا سنويًا بنسبة 2.7% في شهر أغسطس. سيقدم هذا التقرير رؤية أوضح حول ما إذا كان التضخم يتجه نحو المستويات المستهدفة من قبل البنك المركزي.

وحول تأثير هذا المؤشر على أسعار الذهب، يرى هان تان أن “الأسواق لا تتوقع نتائج غير منضبطة، مما يشير إلى أن التضخم لا يزال تحت السيطرة. ومع ذلك، إذا جاءت الأرقام أعلى بكثير من التوقعات، فإن ذلك قد يؤثر سلبًا على الذهب، حيث قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول لكبح جماح التضخم”.

ويُعتبر الذهب ملاذاً آمناً للمستثمرين، حيث يزدهر في بيئات أسعار الفائدة المنخفضة وفي أوقات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي. وقد أضافت الأنباء عن جولة جديدة من التعريفات الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الأدوية والشاحنات والأثاث، عنصرًا إضافيًا من عدم اليقين. مثل هذه الإجراءات الحمائية يمكن أن تعيق التجارة العالمية وتهدد النمو الاقتصادي، مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل وقائي يحمي من تداعيات الأزمات.

نظرة عامة على المعادن الأخرى

على صعيد المعادن الثمينة الأخرى، انخفض سعر الفضة الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى 45.01 دولار للأوقية، بينما قفز البلاتين بنسبة 0.6% ليصل إلى 1,539.44 دولار، مقتربًا من أعلى مستوى له منذ 12 عاماً، مدعومًا باستخدامه في صناعة السيارات والمجوهرات. واستقر البلاديوم عند 1,250.40 دولار للأوقية، مع استمرار الطلب عليه في التطبيقات الصناعية.

ختاما تظل أسعار الذهب تتأثر بشكل مباشر بتوقعات السياسة النقدية الأمريكية وبيانات التضخم، بالإضافة إلى المخاوف الجيوسياسية. ومع استقرار المعدن النفيس في الوقت الحالي، يبقى مؤشر PCE هو المحرك الرئيسي الذي سيحدد اتجاهه القادم، سواء نحو المزيد من الصعود أو التراجع المحدود، في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلب والترقب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى