أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تتداول عند مستوياتها القياسية مدعومة بتوقعات خفض الفائدة

شهدت أسعار الذهب مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً، لتتداول قرب مستويات قياسية سجلتها في الجلسة الماضية. هذا الصعود القوي يعكس عوامل متعددة ومتشابكة، أبرزها التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة الأمريكية والتوترات الجيوسياسية التي تدعم الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية.

تأثير السياسة النقدية على أسعار الذهب

تلعب قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دوراً محورياً في تحديد أسعار الذهب. فمع تزايد التكهنات بشأن إمكانية خفض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين. هذا الأمر يرجع إلى مفهوم “تكلفة الفرصة البديلة”؛ فكلما كانت أسعار الفائدة منخفضة، قلّ العائد على الأصول المالية الأخرى مثل السندات، مما يجعل الذهب، الذي لا يدر عائداً في حد ذاته، خياراً استثمارياً أكثر جاذبية.

ووفقاً لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، فإن البنك المركزي يوازن بين المخاوف من ضعف سوق العمل والمخاوف المتزايدة بشأن التضخم. هذه التصريحات الحذرة تركت الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات مختلفة للسياسة النقدية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة تحمي رؤوس أموالهم من تقلبات الأسواق.

وللحصول على رؤى أعمق حول توقعات السوق، ينتظر المستثمرون الآن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) الأمريكي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، والذي سيصدر يوم الجمعة. كما أن أداة CME FedWatch تشير إلى أن المشاركين في السوق يتوقعون تخفيضين إضافيين لأسعار الفائدة هذا العام، بواقع 25 نقطة أساس لكل منهما، في شهري أكتوبر وديسمبر، باحتماليات تصل إلى 93% و 79% على التوالي. هذه الأرقام المرتفعة تعكس قناعة السوق بأن البنك المركزي يتجه نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً.

أسعار الذهب: التوترات الجيوسياسية كملاذ آمن

إلى جانب العوامل الاقتصادية، تساهم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في دعم أسعار الذهب. لطالما اعتبر المعدن الأصفر ملاذاً تقليدياً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين. وقد حذرت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) روسيا من استخدام “جميع الأدوات العسكرية وغير العسكرية” للدفاع عن نفسها، في ظل تحولات الخطاب من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الأوضاع في أوكرانيا.

ووفقاً لأولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، فإن هذا الارتفاع القوي في أسعار الذهب يُغذى بـ”مزيج من مخاوف المستثمرين التي تشمل الأسهم المبالغ في تقييمها، واستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة”. هذا المزيج من المخاوف يدفع رؤوس الأموال بعيداً عن الأصول ذات المخاطر العالية نحو الذهب.

ووفقاً لريكاردو إيفانجيليستا، كبير المحللين في ActivTrades، فإن هذه العوامل مجتمعة، من الاضطرابات الجيوسياسية إلى عدم اليقين الاقتصادي وتوقعات التيسير النقدي، من شأنها أن تعزز مكانة الذهب فوق مستوى $3,750 دولاراً للأونصة على المدى القصير، مع إمكانية الوصول إلى مستوى مقاومة جديد عند $3,900. هذا يعني أن الذهب قد يستقر عند مستوياته الحالية قبل أن يستهدف قمة جديدة، مما يعكس ثقة المستثمرين في استمرار صعوده.

تأثير ارتفاع أسعار الذهب على المعادن الأخرى

لم يقتصر الارتفاع على الذهب وحده، بل امتد ليشمل المعادن الثمينة الأخرى. فقد ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 0.5% لتتداول عند $44.23 دولاراً للأونصة، وهو مستوى قريب من أعلى مستوى لها منذ 14 عاماً. هذا الارتفاع المتزامن يعكس بشكل عام رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية باللجوء إلى الأصول الملاذ. كما صعدت أسعار البلاتين بنسبة 0.4% إلى $1,483.53 دولاراً، والبلاديوم بنسبة 0.3% إلى $1,225.46 دولاراً، مما يؤكد أن موجة الطلب على المعادن الثمينة واسعة النطاق ولا تقتصر على الذهب فحسب. ويعود ذلك إلى أن هذه المعادن تتأثر بعوامل مشتركة، بالإضافة إلى الطلب الصناعي عليها، مما يجعلها تتأرجح في اتجاهات مشابهة لاتجاهات سوق الذهب.

بشكل عام، يوضح الارتفاع الحالي في أسعار الذهب أنه ليس مجرد تقلب عابر، بل هو نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية متجذرة تدعم مكانة الذهب كأداة استثمارية أساسية في أوقات عدم اليقين. ومع استمرار هذه العوامل، من المرجح أن يواصل المعدن الأصفر تألقه في الأسواق العالمية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى