الذكاء الاصطناعي يدعم مسيرة صعود الأسهم الأمريكية لمستويات قياسية جديدة

شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعاً قياسياً جديداً يوم الإثنين، حيث قاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 موجة الصعود، مدعوماً بشكل رئيسي من الأداء القوي لسهم شركة إنفيديا. هذا الارتفاع جاء بعد إعلان الشركة عن شراكة استراتيجية محورية مع “أوبن إيه آي”، مما عزز من تفاؤل المستثمرين ليس فقط بمستقبل الشركتين، بل بمستقبل الذكاء الاصطناعي ككل وتأثيره التحويلي على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية. هذا الزخم الصعودي انعكس أيضاً على مؤشرات السوق الأخرى، حيث أنهى مؤشر ناسداك المركب ومؤشر داو جونز الصناعي تداولاتهما عند مستويات قياسية جديدة.
أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 اليوم مرتفعاً بنسبة 0.44%، ليغلق عند مستوى 6693.75 نقطة. كما قفز مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.70% ليختتم تداولاته عند 22788.98 نقطة، بينما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 66.27 نقطة، أي بنسبة 0.14%، ليستقر عند 46381.54 نقطة. وتماماً كما هو الحال مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، فقد سجل كل من مؤشري ناسداك وداو جونز أعلى مستوياتهما على الإطلاق خلال الجلسة، مما يؤكد على الثقة المتزايدة لدى المستثمرين في قوة الأسهم الأمريكية وقدرتها على تحقيق مكاسب مستمرة.
استثمار بـ100 مليار دولار من إنفيديا يقود جنون الذكاء الاصطناعي
على الرغم من أن الأسهم الأمريكية بدأت يوم التداول على انخفاض، إلا أنها سرعان ما عكست مسارها، مدعومة بقوة من أسهم إنفيديا وغيرها من الأسهم التكنولوجية التي أصبحت محركات أساسية للنمو. وتقدمت أسهم عملاقة رقائق الذكاء الاصطناعي بنسبة 3.9% بعد أن كشفت الشركة عن خططها لاستثمار 100 مليار دولار في شركة “أوبن إيه آي” لبناء مراكز بيانات متقدمة.
هذا الاتفاق الجديد لا يمثل مجرد صفقة عابرة، بل هو تأكيد على أن إنفيديا تستهدف تعزيز مكانتها كبنية تحتية أساسية لعصر الذكاء الاصطناعي. ويشير هذا التطور، بحسب سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في CFRA Research، إلى أن موجة الذكاء الاصطناعي قد تستمر في “دفع نمو ربحية السهم وسعر السهم حتى عام 2026 وما بعده”، مما يرسخ فكرة أن هذا القطاع يمثل فرصة استثمارية طويلة الأجل وليست مجرد فقاعة.
كما شهدت أسهم شركات أخرى مرتبطة بالذكاء الاصطناعي مكاسب ملحوظة يوم الإثنين. ارتفعت أسهم شركة أوراكل بنسبة 6%، بعد أن أعلنت عن ترقية كل من كلاي ماغويرك ومايك سيسيليا إلى منصب الرئيس التنفيذي المشترك، فيما تتنحى صافرا كاتز عن منصبها لتتولى منصب نائب الرئيس التنفيذي لمجلس الإدارة. هذا التغيير القيادي يُنظر إليه على أنه خطوة استراتيجية لتعزيز تركيز الشركة على حلول الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، مما يضيف إلى القوة الدافعة لسهمها الذي حقق مكاسب كبيرة بلغت 45% هذا الشهر.
عوامل أخرى مؤثرة على حركة الأسهم الأمريكية
في غضون ذلك، تلقت أسهم شركة آبل دفعة قوية، حيث ارتفعت بنسبة 4% وسط حالة من الحماس بشأن المبيعات الجديدة لهاتف آيفون. ويعتقد المحللون أن هذا الارتفاع ليس مجرد رد فعل على المبيعات، بل هو توقع بأن آبل ستزيد من تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها المستقبلية، مما يربطها بالتيار السائد في السوق.
ومع ذلك، لا يزال خطر الإغلاق الحكومي المحتمل يحد من مكاسب السوق بشكل عام. ففي الأسبوع الماضي، رفض مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحين لتمويل الحكومة الفيدرالية، مما يسلط الضوء على عمق الانقسام السياسي. ويُعد الإغلاق الحكومي خطراً حقيقياً على الاقتصاد، حيث يمكن أن يؤثر على الخدمات الحكومية، ويعيق إصدار التقارير الاقتصادية الرئيسية، ويقلل من ثقة المستهلكين، مما يضيف طبقة من عدم اليقين على أداء الأسهم الأمريكية.
تأتي حركة السوق هذه في أعقاب تقدم أسبوعي قوي، حيث وصلت المؤشرات الرئيسية الثلاثة إلى مستويات قياسية، وسجل مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة أول إغلاق قياسي له منذ نوفمبر 2021، على خلفية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ديسمبر الماضي. هذا الخفض في أسعار الفائدة كان بمثابة إشارة واضحة من البنك المركزي بأنه يميل نحو سياسة نقدية أكثر مرونة، مما يدعم التفاؤل في الأسواق. ويتوقع المتداولون حالياً خفضين إضافيين لأسعار الفائدة بواقع ربع نقطة قبل نهاية العام، وفقاً لأداة FedWatch التابعة لمجموعة CME.
وختاماً، يؤكد سام ستوفال على أن “الأسواق تخبرنا بأنها تريد أن تشق طريقها نحو الأعلى وستفعل ذلك بحلول نهاية العام، ما لم يحدث أمر كارثي خلال الأشهر الثلاثة المقبلة”. هذا الأسبوع، الذي يُعرف بأنه الأضعف تاريخياً لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، سيشهد صدور القراءة الأخيرة لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لأنه يعكس بشكل أفضل التغيرات في أنماط الإنفاق الاستهلاكي. ويتوقع الاقتصاديون أن يظل التضخم معتدلاً، مما سيمكن البنك المركزي من الحفاظ على موقفه الحالي من السياسة النقدية، وبالتالي دعم مسيرة صعود الأسواق.
اقرأ أيضا…