أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

تباين أسعار النفط العالمية في ظل عوامل متناقضة تؤثر على السوق

تُظهر أسعار النفط العالمية اليوم حالة من التوازن الهش، حيث تواجه القوة الدافعة للتوترات الجيوسياسية في أوروبا والشرق الأوسط، ضغوطاً معاكسة ناتجة عن مخاوف من تخمة المعروض. هذا التوازن الدقيق يجعل من الصعب على أسعار النفط تحقيق مكاسب كبيرة، مما يتركها تتذبذب في نطاق محدود في حالة من الشد والجذب المستمر بين المخاوف من انقطاع الإمدادات وحقائق السوق الأساسية.

تذبذب طفيف ومؤشرات على ضعف الأداء

في ظل هذه العوامل المتناقضة، شهدت أسعار النفط تحركات طفيفة. تراجع سعر خام برنت بمقدار 12 سنتاً إلى 66.56 دولار للبرميل، بينما انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بمقدار 3 سنتات إلى 62.65 دولار للبرميل. ويُظهر هذا التذبذب ضعف المعنويات في السوق، حيث تغلبت المخاوف من الإمدادات الكبيرة وتراجع الطلب على تأثير التوترات الجيوسياسية. إن هذه التحركات البسيطة تعكس حالة من الترقب والحيرة في السوق، حيث يفتقر المستثمرون إلى عامل محفز قوي لدفع الأسعار في اتجاه محدد وواضح.

يُسلط المقال الضوء على المشهد المعقد لأسواق النفط، حيث تتصارع القوى الجيوسياسية مع الحقائق الاقتصادية. وعلى الرغم من أن التوترات يمكن أن توفر دعماً مؤقتاً لأسعار النفط، فإن الأساسيات المتعلقة بالمعروض والطلب تشير إلى اتجاه هبوطي محتمل، ما لم تحدث تطورات غير متوقعة. يظل السؤال الأهم هو ما إذا كانت المخاوف من تخمة المعروض ستستمر في التغلب على المخاطر الجيوسياسية، أم أن أي تصعيد مفاجئ قد يقلب الموازين.

شرارة التوتر في أوروبا والشرق الأوسط تؤثر على أسعار الذهب

شهدت أسواق النفط ارتفاعاً في الترقب بسبب التوترات المتزايدة في مناطق حيوية لإنتاج وتجارة النفط. ففي أوروبا، قامت بولندا وحلفاؤها بنشر طائرات حربية لضمان سلامة مجالها الجوي بعد أن شنت روسيا غارات جوية استهدفت غرب أوكرانيا بالقرب من الحدود البولندية. هذه التوترات، التي تزامنت مع انتهاك ثلاث طائرات حربية روسية للمجال الجوي الإستوني، تزيد من حالة عدم اليقين في السوق وتدعم أسعار النفط بشكل عام. لا تقتصر أهمية هذه الأحداث على مجرد التوترات الحدودية، بل إنها تسلط الضوء على المخاطر الكامنة في سلسلة إمدادات الطاقة الأوروبية، مما يجعل المتداولين على أهبة الاستعداد لأي تصعيد قد يؤثر على الإنتاج أو النقل.

على صعيد آخر، أضافت التطورات في الشرق الأوسط طبقة إضافية من المخاطر. فاعتراف أربع دول غربية بالدولة الفلسطينية أثار استجابة غاضبة من إسرائيل، مما يزيد من التوترات في منطقة حيوية لإنتاج النفط. أي تصعيد محتمل في هذه المنطقة يمكن أن يهدد الإمدادات، خاصة وأن المنطقة تضم ممرات ملاحية رئيسية مثل مضيق هرمز الذي يمر عبره جزء كبير من النفط العالمي. هذه المخاوف الجيوسياسية، وإن لم تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج حتى الآن، فإنها تعمل كعامل دعم نفسي لأسعار النفط، حيث يتوقع المستثمرون أن أي حادث غير متوقع قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة.

تحديات المعروض والطلب: شبح التخمة يلوح في الأفق

في المقابل، تواجه أسعار النفط ضغطاً هبوطياً كبيراً بسبب مخاوف من وفرة المعروض وتراجع الطلب العالمي. يُشير المحللون إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يتراجع في الربع الأخير من العام الحالي، ويستمر في التباطؤ في الربع الأول من عام 2026. هذا التباطؤ في الطلب يعزى إلى عدة عوامل اقتصادية، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة في العديد من الدول، وتحول بعض القطاعات نحو مصادر طاقة بديلة. في الوقت نفسه، تسعى منظمة “أوبك+” لزيادة إنتاجها.

تعد مسألة تخزين الصين للفائض المتزايد من النفط عاملاً حاسماً في تحديد مسار أسعار النفط المستقبلية. فباعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، فإن قرارات بكين المتعلقة بملء احتياطياتها الاستراتيجية لها تأثير هائل على العرض والطلب. إذا لم تقم الصين بتخزين الفائض، فمن المرجح أن تتجه أسعار النفط نحو مستويات أقل، قد تصل إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، بحسب المحللين، مما يشير إلى أن الأساسيات الحقيقية للسوق قد تكون أضعف مما تبدو عليه المخاوف الجيوسياسية.

كما تزيد قرارات العراق، ثاني أكبر منتج في “أوبك”، من مخاوف تخمة المعروض. فقد أعلنت شركة تسويق النفط الحكومية العراقية (سومو) عن زيادة صادراتها النفطية بموجب اتفاق “أوبك+”. ومن المتوقع أن يتراوح متوسط صادرات العراق في سبتمبر بين 3.4 و 3.45 مليون برميل يومياً. بالإضافة إلى ذلك، وافق العراق مبدئياً على خطة لاستئناف صادرات النفط عبر خط الأنابيب من إقليم كردستان شبه المستقل، مما سيزيد من حجم المعروض في السوق العالمية. هذه الزيادة في الإنتاج العراقي، سواء عبر الموانئ الجنوبية أو خط الأنابيب الشمالي، تعد إشارة قوية على أن المنتجين الرئيسيين ملتزمون بزيادة المعروض، مما يضيف مزيداً من الضغط على الأسعار.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى