أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتراجع وسط مخاوف تراجع الطلب وتجاهل آمال خفض الفائدة

أسعار النفط واصلت تراجعها يوم الجمعة، حيث طغت المخاوف المتزايدة بشأن ضعف الطلب على الوقود على التوقعات بأن أول خفض لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام قد يحفز المزيد من الاستهلاك. هذا التباين الحاد في الإشارات الاقتصادية ترك الأسواق العالمية في حالة من عدم اليقين، مما أثر بشكل مباشر على أسعار النفط العالمية.

تذبذب السوق وتأثير قرارات الاحتياطي الفيدرالي

انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 41 سنتًا، أي 0.6%، لتصل إلى 67.03 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي بمقدار 54 سنتًا، أو 0.9%، إلى 63.03 دولارًا. وعلى الرغم من هذا التراجع اليومي، لا تزال أسعار كلا الخامين تتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية للمرة الثانية على التوالي، مما يشير إلى أن الصورة الأكبر لا تزال تحمل بعض الإيجابية، حيث تتوازن القوى الدافعة بين العرض والطلب.

وقد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء، مع الإشارة إلى أن المزيد من التخفيضات قد تتبع استجابةً لعلامات الضعف في سوق العمل. من الناحية النظرية، فإن انخفاض تكاليف الاقتراض يعزز عادةً الطلب على النفط ويدفع أسعار النفط للارتفاع. هذا يحدث عبر آليات متعددة؛ فعندما تصبح قروض الشركات أرخص، فإنها تستثمر أكثر في الإنتاج والتوسع، مما يزيد من استهلاك الطاقة. وبالمثل، يمكن للمستهلكين الاقتراض لشراء سيارات أكبر أو السفر، مما يرفع الطلب على الوقود.

العوامل المتناقضة التي تؤثر على أسعار النفط

أشارت بريانكا ساشديفا، المحللة في شركة فيليب نوفا، إلى أن “السوق محاصر بين إشارات متضاربة”. فمن جهة الطلب، أظهرت جميع وكالات الطاقة، بما في ذلك إدارة معلومات الطاقة، مخاوف بشأن ضعف الطلب، مما يحد من توقعات ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير على المدى القريب. هذه المخاوف تنبع بشكل رئيسي من تباطؤ النشاط الاقتصادي في كبرى الدول المستهلكة، مما يؤدي إلى انخفاض الحاجة إلى الوقود في قطاعات النقل والصناعة.

من جهة أخرى، هناك عوامل تؤثر على جانب العرض. فقد أثرت الزيادات المخطط لها في الإنتاج من قبل تحالف أوبك+، بالإضافة إلى علامات على وجود فائض في مخزونات منتجات الوقود الأمريكية، على معنويات السوق. وقد أثار الارتفاع الأكبر من المتوقع بمقدار 4 ملايين برميل في مخزونات نواتج التقطير الأمريكية مخاوف بشأن الطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث أن هذه المخزونات تُعتبر مؤشراً رئيسياً على صحة الطلب الصناعي، مما زاد من الضغط على أسعار النفط.

ضعف البيانات الاقتصادية وآراء المحللين

أضافت أحدث البيانات الاقتصادية المزيد من المخاوف، حيث شهد سوق العمل الأمريكي تباطؤًا، مع تراجع وتيرة التوظيف، في حين انخفض بناء المنازل العائلية المنفردة إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات في أغسطس وسط وفرة من المنازل الجديدة غير المباعة. هذه المؤشرات ليست مجرد أرقام؛ بل هي انعكاس مباشر لثقة المستهلك. فعندما يشعر الأفراد بعدم الأمان الوظيفي أو يواجهون صعوبات في سوق الإسكان، فإنهم يميلون إلى تقليص إنفاقهم، مما يقلل بدوره من الطلب على الوقود ويثبط أي زخم إيجابي لأسعار النفط.

وقال تاماس فارجا، المحلل في PVM Oil Associates، إن أحد العوامل التي تعيق أسعار النفط هو الانتعاش الاقتصادي غير المتكافئ، خاصة في الولايات المتحدة. وأضاف: “القطاع التجاري يستفيد من استمرار رفع القيود التنظيمية، بينما بدأ المستهلكون يشعرون بوطأة الرسوم الجمركية على الواردات، حيث تظهر كل من أسواق العمل والإسكان علامات ضعف”. هذا التفاوت بين أداء الشركات ومستوى معيشة الأفراد يغذي حالة من الترقب والحذر في الأسواق.

وفي روسيا، ساهمت خطط وزارة المالية لحماية ميزانية الدولة من تقلبات أسعار النفط والعقوبات الغربية في تخفيف بعض المخاوف بشأن العرض. وعلاوة على ذلك، قال دانيال هاينز، المحلل في ANZ، في مذكرة، إن “تعليق الرئيس ترامب بأنه يفضل الأسعار المنخفضة على العقوبات المفروضة على روسيا خفف أيضًا من المخاوف بشأن اضطرابات العرض”. هذه التصريحات السياسية تضاف إلى المشهد المعقد، حيث تؤثر العوامل الجيوسياسية بشكل مباشر على توقعات العرض والطلب.

ختاما تبقى أسعار النفط تحت تأثير عوامل متعددة ومتقاطعة. بينما قد توفر تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي بعض الدعم المحتمل للطلب في المستقبل، فإن المخاوف الحالية بشأن ضعف الاقتصاد العالمي وزيادة المخزونات تظل هي القوة الدافعة الرئيسية وراء تراجع الأسعار. ستستمر الأسواق في مراقبة هذه العوامل عن كثب لتحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار النفط، في ظل حالة من عدم اليقين تجمع بين القرارات الاقتصادية الكبرى، البيانات الميدانية، والتوترات الجيوسياسية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى