أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

تذبذب الدولار الأمريكي واستقرار الجنيه الإسترليني: تحليل لقرارات البنوك المركزية الكبرى

شهدت أسواق العملات العالمية تقلبات ملحوظة يوم الخميس، حيث أظهر الدولار الأمريكي أداءً متذبذبًا في أعقاب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأخير، بينما حافظ الجنيه الإسترليني على ثباته بعدما أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير. هذه التطورات تسلط الضوء على المسارات المتباينة التي تتبعها البنوك المركزية الكبرى في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وتشير إلى مرحلة جديدة من عدم اليقين في المشهد المالي العالمي.

أداء الدولار الأمريكي المتقلب بعد قرار الفيدرالي

خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، وهو قرار كان متوقعًا على نطاق واسع في الأوساط الاقتصادية. وصف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، هذا الإجراء بأنه “خفض لإدارة المخاطر” في ظل ضعف سوق العمل، لكنه أكد أن البنك المركزي لا يتعجل في اتخاذ المزيد من خطوات التيسير. هذا الموقف الحذر أدى إلى انقسام المحللين؛ فبينما رأى البعض في ذلك إشارة إلى مزيد من التخفيضات المستقبلية، اعتبر آخرون أن تصريحات باول لم تكن متساهلة على الإطلاق، مما خلق حالة من الغموض في توقعات السوق.

فور الإعلان، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2022، قبل أن يعود بقوة ليرتفع، مما يعكس حالة عدم اليقين بين المستثمرين وتفاعلهم مع الرسائل المتضاربة من الفيدرالي. فقد اعتبر محللون في جولدمان ساكس أن هناك تلميحات عديدة تشير إلى أن هذا الخفض هو الأول من بين سلسلة خفوضات، في حين وصف نظرائهم في “إيه إن زد” (ANZ) تعليقات باول بأنها “ليست متساهلة على الإطلاق”. قال إليوت كلارك، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في ويستباك، إن التوقعات المعدلة للفيدرالي تبرز “درجة عدم اليقين التي لا تزال قائمة بشأن التوقعات الاقتصادية”، مشيرًا إلى أن توقيت ونطاق التخفيضات المستقبلية لا يزال يشير إلى مخاطر التضخم المستمرة.

ثبات الجنيه الإسترليني في مواجهة الدولار

على الجانب الآخر، حافظ الجنيه الإسترليني على استقراره بعد قرار بنك إنجلترا بالإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، وتخفيف وتيرة بيع السندات الحكومية. ارتفع الجنيه في البداية بشكل طفيف بعد القرار، لكنه تراجع لاحقًا ليسجل انخفاضًا هامشيًا مقابل الدولار الأمريكي، حيث استقر عند نحو 1.3622 دولار.

صوت أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك بأغلبية 7-2 لصالح إبطاء الوتيرة السنوية لبيع السندات إلى 70 مليار جنيه استرليني من 100 مليار جنيه، وهو ما يتماشى إلى حد كبير مع توقعات السوق. هذا القرار يعتبر خطوة نحو تخفيف السياسة النقدية دون المساس بأسعار الفائدة، مما يعكس نهجًا حذرًا. وقالت ماريون أميوت، كبيرة الاقتصاديين البريطانيين في ستاندرد آند بورز جلوبال ريتينجز: “كما كان متوقعًا، لم يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة، ومن غير المرجح أن يخفف سياسته النقدية مرة أخرى هذا العام”.

نظرة على بقية العملات العالمية

تجاوزت التقلبات الأسواق الرئيسية، حيث شهدت العملات الأخرى تحركات خاصة بها. انخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 1% إلى أدنى مستوى له منذ 8 سبتمبر، وذلك بعد بيانات أظهرت انكماش الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة 0.9% في الربع الثاني. هذا الأداء الضعيف دفع المتداولين إلى زيادة توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي النيوزيلندي، مما يعكس أن العملة تتأثر بشكل مباشر بتوقعات التيسير النقدي.

في أوروبا، ظل اليورو مستقرًا مقابل الدولار الأمريكي، في حين شهد الكرون النرويجي استقرارًا بعد أن خفض البنك المركزي في النرويج أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، وهو قرار كان متوقعًا على نطاق واسع ولم يفاجئ السوق. وفي آسيا، ارتفع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني قبيل قرار السياسة النقدية لبنك اليابان، الذي كان متوقعاً على نطاق واسع أن يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير.

فيي النهاية تعكس هذه التطورات وجود مسارات متباينة بين البنوك المركزية الكبرى، حيث يفضل كل منها نهجًا مختلفًا لإدارة اقتصاد بلاده. وبينما يبقى الدولار الأمريكي تحت رحمة التوقعات المتضاربة لسياسة الفيدرالي المستقبلية، يبدو الجنيه الإسترليني أكثر ثباتًا في ظل موقف بنك إنجلترا الحذر. هذه الصورة المعقدة تؤكد أن الأسواق المالية ستظل مترقبة لأي إشارات جديدة قد تؤثر على مستقبل العملات الرئيسية، وأن التناقض في السياسات النقدية قد يصبح السمة الأبرز للمرحلة المقبلة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى